ضرورة مراجعة القانون الخاص بالوقاية من الأمراض العقلية والنفسية، وملاءمته مع المعايير الدولية شدد اليوم الدراسي الذي نظمة فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب، أول أمس الأربعاء، على أنه من الضروري مراجعة الإطار القانوني والتشريعي الخاص بالوقاية من الأمراض العقلية والنفسية، وملاءمته مع المعايير الدولية. واعتبر رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليزمي، أن العمل مع المؤسسة التشريعية يشكل إحدى الركائز الأساسية في فلسفة المجلس، مشيرا إلى أن إنجاز تقرير حول واقع الصحة العقلية والنفسية بالمغرب يدخل في إطار الاختصاصات المنوطة بالمجلس. وقال اليزمي إن مشاركة المجلس الوطني لحقوق الإنسان تأتي مساهمة منه في النقاش العمومي الهادف إلى التنزيل الفعلي لمقتضيات الدستور، وخصوصا منها المتعلقة بحقوق الإنسان. وأبرزت نزهة الصقلي، عضو فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب، التي ترأست أشغال اليوم الدراسي الذي نظم حول «أية معالجة لواقع الصحة النفسية والعقلية بالمغرب»، في افتتاح أشغال الملتقى أن تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول الموضوع يكتسي أهمية بالغة للبرلمانيين، في مجال التشريع والمراقبة، مضيفة أن دعوة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لمناقشة التقرير يندرج في إطار مقتضيات الدستور الذي ينص على أن المؤسسات الوطنية تقدم تقارير ها أمام المؤسسة التشريعية. وذكرت نزهة الصقلي بأن تنظيم فريق التقدم الديمقراطي لليوم الدراسي يرمي إلى فتح فضاء للحوار بين مختلف الفاعلين ومختلف المؤسسات، من حكومة وبرلمان وهيئات المجتمع المدني المهتمة بحقوق الإنسان، من أجل المساهمة في النقاش حول القضايا ذات الأولوية. وفي كلمته باسم فريق التقدم الديمقراطي قال رشيد روكبان، رئيس الفريق، إن اختيار موضوع الصحة النفسية والعقلية نابع من الوعي بالمشاكل والاختلالات التي يعاني منها القطاع، بالإضافة إلى الأوضاع «الكارثية والصعبة» التي يعرفها، والاقتناع المشترك بضرورة تجاوز الوضعية الحالية. وشدد روكبان على أن الوضع بات يستدعي إيجاد الإجابات والحلول لتجاوز الواقع الحالي، ليس فقط على مستوى البنيات التحتية أو الموارد البشرية فحسب، وإنما أيضا من حيث الفئات المستهدفة، والإطار التشريعي والقانوني المؤطر للقطاع، وكذلك من حيث التوزيع الجغرافي لبنيات الاستقبال الخاصة بالمصابين بهذه الأمراض. وأوضح أن الغاية من تنظيم اليوم الدراسي، انطلاقا من التقرير الهام والقيم للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، يروم الوقوف على الوضعية الحقيقية للبنيات التحتية المخصصة للأمراض العقلية والنفسية، والأسباب التي تقف وراء الوضعية الكارثية التي توجد بها، وموقع الصحة العقلية والنفسية في أولويات التوجهات الحكومية، وبالخصوص وزارة الصحة، وموقع بعض الفئات من الخدمات الصحية في هذا المجال. كما أن اليوم الدراسي يؤكد رشيد روكبان يهدف إلى ملامسة الاقتراحات التي تقدمت بها وزارة الصحة للنهوض بالصحة العقلية والنفسية. وفي كلمته إلى اليوم الدراسي أكد وزير الصحة الحسين الوردي استعداد الوزارة لتعزيز الأسس المهيكلة للصحة العقلية، واعتماد مناهج وإجراءات من أجل مكافحة التمييز والوصم للمرض العقلي أو المرضى العقليين. وأشار وزير الصحة في كلمته التي تلاها بالنيابة عنه رئيس ديوانه، سعيد الفكاك، إلى أن المعطيات المتوفرة تدق ناقوس الخطر منذ 2005، عقب نتائج المسح الوطني للسكان الذي أجري بتعاون مع المنظمة العالمية للصحة، والتي جعلت من الصحة العقلية مشكلا حقيقيا بالمغرب، بالإضافة إلى أن التطورات الاجتماعية والاقتصادية بالبلاد تعتبر من المؤشرات التي تؤثر على العبء المتعلق بالأمراض العقلية. وأكد سعيد الفكاك باسم وزير الصحة أنه برغم المجهودات المبذولة إلا أن قطاع الصحة العقلية يعاني من افتقار شديد للموارد البشرية المختصة، ومفارقات كبيرة على مستوى التغطية الجغرافية للولوج إلى العلاج، مشيرا أن المغرب ملزم باحترام حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، وبتطبيق جميع الاتفاقيات المصادق عليها في هذا المجال، وخصوصا تثبيت محاور أساسية تخص مجال الصحة العقلية، من خلال محاربة كل أشكال التمييز والوصم الذي قد يطال المصابين بالأمراض العقلية، واتخاذ برامج مستجدة ومهيكلة للقطاع تعنى بتطوير الوسائل الوقائية والمرافق الخاصة بالعلاج والتكفل بالمرضى، وتطوير الاختصاصات ودعم الكفاءات البشرية وتطوير المساطر المؤطرة للقطاع. ورغم أن المغرب يتوفر على قانون خاص بوقاية ورعاية الأشخاص المصابين بأمراض عقلية، إلا أن هذا القانون، حسب وزير الصحة، أصبح متجاوزا، وهو ما حدا بالوزارة إلى اعتماد مقاربة تشاركية لمراجعة وتعديل القانون الذي يعود إلى 1959. ووضعت وزارة الصحة مخططا يهم الصحة العقلية يمتد على الفترة 2012 إلى 2016 يروم تعزيز الأسس المهيكلة للقطاع، ووضعت مخططا استعجاليا للنهوض به، يهدف إلى تحسين جودة الخدمات عبر التراب الوطني، وتقريب الخدمات الصحية من المواطنين.