رشيد الطاوسي يزرع الثقة تحقق المطلوب، وفاز الفريق الوطني المغربى لكرة القدم مساء يوم السبت الأخير فوق أرضية مركب مراكش الجديد بحصة عريضة على حساب منتخب الموزمبيق بأربعة أهداف نظيفة، مكنته من تجاوز فارق هدفي ذهاب مابوتو، والتأهل النهائي لكأس القارة للأمم بداية السنة القادمة بجنوب إفريقيا. وبالرغم من حصة أربع إصابات لصفر، التي تناوب على تسجليها كل من برادة، خرجة، العربي وأمرابط، فإن هذه المهمة لم تكن سهلة، بعدما فرض الفريق الخصم تكتيكه الدفاعي منذ بداية المقابلة، وظهور العناصر الوطنية في الجولة الأولى بمستوى جد متوسط، ساهم في ظهور عجز واضح على مستوى خط الهجوم، جعل لاعبي الموزمبيق، يكسبون نوعا من الثقة في النفس، استأسدوا من خلالها في الدفاع عن مرماهم، إلى حدود الدقيقة 38، حيث جاء الهدف الأول بواسطة عبد العزيز برادة بضربة رأسية مركزة، في غفوة من المدافعين. وتبين من خلال معطيات الجولة الأولى أن اعتماد رشيد الطاوسي على مهاجم واحد صريح، كان له أثر سبلي على أداء المجموعة ككل، إذ جاءت الفرصة قليلة والسيطرة عقيمة، صدمت الجمهور الذي حج للملعب بنفس كثافة اللقاءات السابقة، وقد زاد من متاعب العناصر الوطنية، تضييع العربي لفرصة سانحة بعد انفراده بالحارس، لينتظر الجميع إلى حدود الدقائق الأخيرة من عمر هذه الجولة الصادمة، تمكن خلالها صانع ألعاب خيتافي الاسباني من تسجيل الهدف الأول، معلنا عن الدخول الفعلي في صلب الموضوع. بين الشوطين انتبه الطاوسي إلى الخلل، حيث عمل على تغيير عقال بأسامة السعيدي، هذا الأخير الذي تمكن بمفرده من تغيير المعادلة، محولا تركيز اللعب إلى جهته اليسرى التي شكلت طيلة ال 45 الثانية خطورة دائمة على دفاع الخصم، وكان بالفعل مفتاح جل هجومات المنتخب المغربي، ليعيد إلى الأذهان أداءه القوي خلال مقابلة الجزائر التي انتهت بنفس الحصة، أي أربعة إصابات لصفر. فأمام عدم الصعود الضروري للظهيرين بلخضر وبرغديش، قصد فك التكتل الدفاعي للفريق الزائر، بالإضافة إلى عجز رباعي خط الوسط على خلق الفارق، كانت فرديات السعيدي واحدة من الخيارات الممكنة والحاسمة، بفضل تسرباته الجانبية ومراوغاته الذكية وتمريراته الدقيقة، مميزات غيرت جملة وتفصيلا من واقع المقابلة، ومنحت الامتياز لأصدقاء العميد حسين خرجة الذي يبدو أن مخزونه البدني لم يعد يسمح له بمسايرة إيقاع اللقاءات الرسمية، خاصة بعد انتقاله إلى الدوري القطري. كان دخول السعيدي المفتاح الأول، أما المفتاح الثاني فتمثل في إعلان الحكم عن ضربة الجزاء التي اصطادها برادة، والمفتاح الثالث هو طرد المدافع مورو الذي تسبب في الخطأ داخل المربع، كان ذلك في حدود الدقيقة الرابعة والستين من المقابلة، بعدها بدأ التكتل الدفاعي ينهار تدريجيا، وعكس الجولة الأولى، أدخل الطاوسي مهاجمين آخرين وهما أمرابط وياجور، ليتواصل المد الهجومي الجارف، مكن من تسجيل هدفين في الدقيقتين 88 بواسطة العربي، و92 عن طريق أمرابط. نتيجة إيجابية مكنت الفريق الوطني من عبور النفق المظلم بنجاح، ليدخل مرحلة أخرى، في أفق مشاركته بعد شهرين بالمونديال القاري بجنوب إفريقيا، مرحلة تتطلب عملا كبيرا من طرف الطاقم التقني، حتى يتمكن من تشكيل مجموعة متجانسة ذات فعالية، فهناك عناصر في المستوى بجل الخطوط، وهناك خيارات عديدة أمام المدرب، والمطلوب هو العمل على إيجاد التوليفة المطلوبة للوصول إلى تحقيق ذلك التكامل المفقود بين العناصر التي تمارس بالخارج وتلك التي تلعب بالدوري المحلي. والوصول إلى بناء فريق وطني يمر عبر وضع معايير مغايرة للاختيار، معايير تعتمد الجاهزية والفعالية والانسجام داخل الملعب وخارجه، بعيدا عن العاطفة التي يبدو أنها نقطة ضعف المدرب الحالي، فبعض الأصوات بدأت بسرعة تنتقد الاختيارات على مستوى اللاعبين المحليين، خاصة لاعبي الجيش الملكي، كما أن تهميش بعض لاعبي الرجاء يطرح بقوة كذلك خاصة المدافع الأيسر الكروشي صحاب التجربة الكبيرة ومحسن متولي ظاهرة بداية بطولة هذا الموسم، وأسماء أخرى تبدو أنها جاهزة للدفاع عن القميص الوطني، لكن الناخب الوطني الجديد لم يلتفت إليها. بعيدا عن هذه الملاحظات، فعمل الطاوسي في فترة قصيرة، أعاد الروح للمجموعة ككل، وزرع نوعا من الثقة داخل جل مكونات النخبة المغربية، بعد التفكك الذي أصابها في السنتين الأخيرتين، وهذا مكسب كبير ومهم لا يقدر بثمن، والمصلحة تقتضي تعزيزه بتوفير كل متطلبات الاستعداد في ظروف جيدة، والاستفادة من خلق الأجواء الإيجابية التي خلقها هذا الانتصار العريض على حساب منتخب كان قبل مواجهته يعد بالنسبة لنا من المنتخبات الضعيفة، لكنه تحول بعد الانتصار البين في مقابلة الذهاب، إلى اسم مخيف، وكما يقول المثل العربي الشائع «رب ضارة نافعة»، فمواجهة الموزمبيق مكن من التخلص أخيرا من المدرب ايريك غيرتيس، الذي شغل كل الرأي العام الوطني، وأعاد الثقة للإطار الوطني، الذي يظهر أنه الخيار الوحيد في هذه المرحلة...