ليلة الأول من رمضان، تعرف المشاهد المغربي من خلال شاشة القناة الثانية، على الحلقة الأولى من سلسلة بنات لالة منانة، وبدا أنه لا خلاف حول حضور وتألق نجمات فرقة «الكعب العالي» أو «الطاكون» وهي الفرقة التي عرفها الجمهور وأعجب بنجماتها منفردات في أعمال سينمائية وتلفزيونية وأعجب بهن وهن يتجمعن في هذه الفرقة التي قدمت من بين أعمالها مسرحية بنات لالة منانة، الذي مازال الإقبال عليها متواصلا بعد خمس سنوات من العرض جال خلالها أنحاء المغرب ولاقى الإعجاب والاستحسان أثناء عرضه خارج المغرب في دول منها فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وتونس، كما تم عرضها مؤخرا بلندن لفائدة أبناء الجالية المغربية وبدعوة من السفارة المغربية ببريطانيا. وقد يتبادر للدهن أن هذا الحديث قد يحيل على كون المسلسل الجديد هو امتداد للمسرحية أو يستمد مقوماته من مشاهدها، فالمسلسل التلفزيوني وإن كان قد جاء بعد النجاح الكبير الذي حققه العمل المسرحي واستقطابه نسبة كبيرة من المشاهدين، بعد عرضه من مسرح محمد الخامس مباشرة على شاشة التلفزيون في رمضان الماضي. ما يجعل المشاهد على بينة انه أمام عمل جديد بكتابة جديدة، وأمام عمل تلفزيوني يمتلك بنيانا دراميا متناسقا، ولا تربطه علاقة بالعمل المسرحي الذي أشتق عنه، ويمكن القول أن مجهودا جبارا قد تم بدله لتقديم هذا العمل العالمي، المستند إلى نص الشاعر الاسباني الكبير فيدريكو كرسيا لوركا، “لاكازا دي برناردا ألبا"، إلى الأسر المغربية، من خلال مشاركة غالبية نجمات المغرب فيه، نذكر من بينهن الفنانة الكبيرة نعيمة المشرقي والفنانة الكبيرة رشيدة الحراق التي تعود بعد طول غياب، وبطبيعة الحال عصب العمل الفنانات سامية أقريو، نورا الصقلي، السعدية أزكون، السعدية لاديب، هند سعديدي، نادية العلمي، الفنان ياسين أحجام، ادريس الروخ ورشيد الوالي وبعض الوجوه الجديدة كذلك تم تصوير مشاهده في مدينة شفشاون وفضاءاتها الرائعة أعد له السيناريو محترف «طاكون»، وأخرجه ياسين فنان. أحداث المسلسل قصة أربع أخوات هن: بهية، رحيمو، ماريا وشامة هاجسهن التخلص من تسلط أمهن التي ربتهن بطريقة صارمة، مانعة عنهن التواصل مع العالم الخارجي. بعد وفاة زوجها، تحكم لالة منانة قبضتها على المنزل لتربي بناتها الأربع بطريقة تقليدية وتسجنهن في المنزل. البنات في سن الزواج وأمهن لا تأبه لرغباتهن، كل ما يهمها هو الحفاظ على سمعة أسرتها. لكن الأخوات الأربع يرفضن الانصياع للأمر الواقع وتحاول كل منهن، بطريقتها، بناء حياة جديدة، بين من ترى الحل في الزواج ومن ترغب في التحرر من قيود العائلة ومن تبحث عن تحقيق ذاتها وبين هذا وذاك، تحل جدتهن الحاجة صفية للعيش معهن مما يزيد الأمور تعقيدا بالنسبة للأم المتسلطة في علاقتها ببناتها وتجدر الاشارة الى أن الممثلة السعدية أزكون كانت في مستوى تقديم هذا الدور، الذي تألقت فيه بشكل كبير منذ اللقطات الاولى التي تعلن فيها موت الأب، والى حدود ما تم عرضه من حلقات المسلسل حد الساعة. أننا بصدد كوميديا اجتماعية تلفزيونية ستشكل دون شك انعطافة هامة في مسار المسلسلات التلفزيونية المغربية عبر لجوءها إلى كسر أشكال وصيغ نمطية مألوفة قدمت من خلالها على نفس القناة أعمال سابقة، ولا يتميز العمل بتأليفه أو إخراجه أو ممثليه فقط ، بل إن مسلسل بنات لالة منانة يضم الممتع إلى المفيد فهو من جهة يطرح العديد من القضايا الاجتماعية التي تعني الأسرة المغربية وفي نفس الوقت تحدوه الرغبة إلى السمو بذوق المشاهد، من خلال تقديم عمل أدبي ومسرحي عالمي مليء بالعبر والرموز والإشارات، عوض الإسفاف المألوف في العديد مما ننتجه أو مانستقدمه من بعض البلدان العربية.