لم يظهر الرئيس السوري بشار الأسد أو يلق بأي بيانات بعد التفجير الذي وقع في وسط العاصمة وأسفر عن مقتل وزير الدفاع داوود راجحة ونائب وزير الدفاع آصف شوكت. وأحاط الغموض بمكان الرئيس السوري الخميس مع استمرار المعارك في دمشق. ولم يظهر الرئيس السوري أو يلق بأي بيانات بعد تفجير وقع في وسط العاصمة أسفر عن مقتل صهره الذي يشغل منصب نائب وزير الدفاع ووزير الدفاع وضابط رفيع آخر مما جعل الجيش السوري يرد بضراوة بقصف مقاتلي المعارضة بالمدفعية. لكن مصادر بالمعارضة ودبلوماسيًا غربيًا قالوا إن الأسد موجود في مدينة اللاذقية الساحلية وانه يدير من هناك عمليات الرد على اغتيال ثلاثة من كبار قادته. ولم يتضح ما إذا كان الأسد قد توجه إلى المدينة المطلة على البحر المتوسط قبل الهجوم أم بعده. وفي صباح الخميس قال سكان إنه لم يحدث توقف في أعنف قتال تشهده العاصمة منذ اندلاع الانتفاضة قبل أكثر من 16 شهرا والذي دخل اليوم يومه الخامس. واقترب القتال من القصر الرئاسي ومن مبنى الأمن القومي حيث نفذ مفجر هجومه وسط اجتماع أزمة لوزير الدفاع وكبار مسؤولي الأمن. وقال سكان في حي الميدان وحي كفر سوسة إنهم سمعوا دوي تفجيرات ونيران مدفعية وتحليق طائرات هليكوبتر في الجو. وقالوا إن نقاط التفتيش حول حي الميدان وحول المنطقة القديمة من دمشق أزيلت. ولم يتضح ما إذا كانت قوات الأمن غيرت تكتيكها لمنع مقاتلي المعارضة من استهداف الجنود أو أنها خطوة مؤقتة في خضم المعركة. من جانب آخر، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومبعوث المنظمة الدولية والجامعة العربية إلى سوريا كوفي انان مجلس الأمن إلى القيام بتحرك قوي حول سوريا قبل تصويت مرتقب الخميس على مشروع قرار مدعوم من الغرب يدعو إلى فرض عقوبات على دمشق. وفي الوقت نفسه، قال رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا الجنرال روبرت مود أن سوريا «ليست على طريق السلام»، معتبرا أن تصاعد الأحداث «في دمشق خلال الأيام الماضية شاهد على ذلك». ومن المتوقع أن تستخدم روسيا والصين حق النقض ضد مشروع القرار في المجلس رغم القلق المتزايد حول سوريا بعد تفجير دمشق الذي أدى إلى مقتل ثلاثة قادة أمنيين كبار مقربين من الرئيس السوري بشار الأسد. وقال بان كي مون إن القيام بتحرك يدفع قوات الحكومة والمعارضة إلى وقف العنف «ضرورة ملحة». من جهته قال انان انه على المجلس إن يقوم بتحرك «حاسم» بخصوص النزاع بعدما اقنع القوى الكبرى بإرجاء التصويت الذي كان مرتقبا الأربعاء. وقال بان كي مون في بيان إن «الوضع المتدهور في سوريا يبرز الضرورة القصوى لكل الإطراف لوقف العنف بكل أشكاله وتطبيق الخطة الواقعة في ست نقاط والبدء بسرعة بحوار سياسي». وأكد البيان الذي نشره مكتبه أن بان كي مون «يدين بشدة» تفجير دمشق الذي قتل فيه وزير الدفاع السوري ومسؤولان أمنيان كبار. كما عبر عن قلقه من استخدام «أسلحة ثقيلة» من قبل قوات الأمن السورية وحث مجلس الأمن على «تحمل مسؤوليته والقيام بعمل جماعي وفعال على أساس التزامات ميثاق الأممالمتحدة ونظرا لخطورة الوضع». وكان انان تدخل قبل التصويت المرتقب على مشروع القرار الغربي الأربعاء لكي يتم إرجاء التصويت. لكن في ظل عدم وجود أي اقتراحات دبلوماسية أخرى فانه تمت الدعوة إلى تصويت جديد الخميس. وحث انان «أعضاء مجلس الأمن على الاتحاد والقيام بتحرك قوي ومنسق يساهم في وقف سفك الدماء في سوريا والتحضير لبدء انتقال السياسي» كما قال الناطق باسمه احمد فوزي. وعبر انان عن اعتقاده بان موجة العنف الأخيرة «تؤكد الضرورة الملحة للقيام بتحرك حاسم في مجلس الأمن». لكن روسيا أبقت على تهديدها باستخدام الفيتو لوقف أي مشروع قرار يتضمن إشارة إلى الفصل السابع في ميثاق الأممالمتحدة الذي يسمح لمجلس الأمن بفرض عقوبات حفاظا على الأمن والسلام ويجيز حصول تدخل عسكري في حال عدم نجاحها. إلى ذك، رفع مقاتلون علم «الثورة» وعرضوه أمام الكاميرات في شارع في وسط دمشق تناثر فيه الحطام. وفي مناطق أخرى بالعاصمة السورية احتمى جنود من الجيش الحكومي خلف جدار بينما كانوا يتبادلون إطلاق النار مع مقاتلي المعارضة. وبعد أكثر من 16 شهرا من المظاهرات والانتفاضة والقتال في أنحاء البلاد وصلت الثورة العاقدة العزم على «تحرير دمشق» عن طريق إسقاط الرئيس بشار الأسد إلى أعتاب قصره الرئاسي. وفتح القتال المستمر منذ أربعة أيام -والذي دار بعضه على مرمى حجر من القصر الرئاسي الذي يطل على العاصمة من فوق تلة صخرية ضخمة- ساحة قتال جديدة في وسط العاصمة السورية التي يسكنها 1.7 مليون نسمة. وفيما بدت أجرأ عملية حتى الآن تقوم بها المعارضة المسلحة بأسلحة خفيفة فجر مهاجم انتحاري نفسه في اجتماع لمسؤولين كبار في مقر لقيادة المخابرات في وسط دمشق مما أسفر عن مقتل وزير الدفاع ونائبه -وهو صهر الرئيس السوري- ولواء آخر بالجيش. وردا على هذا الهجوم تدفقت قوات الأمن على مناطق وسط دمشق حيث شنت قوات المعارضة هجومها الأحدث على حكومة الأسد هذا الأسبوع في تصعيد للقتال في شوارع واحدة من أقدم المدن المأهولة في العالم. وقال نشطاء معارضون في أحياء يدور فيها القتال إن القوات الحكومية ورجال الميلشيات الموالية للأسد يتدفقون على المنطقة. وقالت سوزان احمد المقيمة في البرزة حيث تختبئ قوات من المعارضة المسلحة «هناك وجود كثيف لقوات الأمن في الشوارع الآن. الشوارع خالية إلا من قوات الأسد». وعرض التلفزيون الحكومي مشاهد لرجال في ملابس عسكرية زرقاء يتخذون سواتر ويطلقون النار من خلف جدر مرتفعة وهي المرة الأولى التي تعرض فيها وسائل إعلام حكومية مشاهد للقتال في قلب العاصمة. وأظهرت المشاهد الصعوبة التي يواجهها جنود القوات الحكومية. فالعدو دائما غير ظاهر والشوارع ضيقة للغاية ويملؤها الحطام مما يحول دون توغل الدبابات. لكن مقاتلي المعارضة المسلحين بالبنادق والقذائف الصاروخية يواجهون قوة عسكرية طاغية. فبالإضافة للدبابات تستعمل القوات الحكومية مدافع مضادة للطائرات معدلة للاستخدام ضد المشاة عن طريق إطلاقها موازية للأرض وليس إلي السماء. ولا يملك مقاتلو المعارضة -واغلبهم من الشبان الذين يرتدون قمصانا قطنية وسراويل الجينز- ويقاتلون من داخل البنايات السكنية غير المحصنة دفاعات ضد هذه الأسلحة. وقال احد النشطاء ويدعى بسام والذي تحدث بالهاتف من البرزة «نيران المدافع المضادة للطائرات تطلق على القابون من البرزة. هناك العديد من العائلات في الشوارع دون مكان يلجأون إليه. لقد جاءوا من أحياء القابون وأطراف البرزة». وفي حي الميدان بوسط العاصمة انتشرت دبابات ومركبات مدرعة في الشوارع الرئيسية وسط قتال متقطع. وقال أبو مازن الناشط في الميدان «لم تتمكن المدرعات من دخول الحارات والشوارع القديمة في حي الميدان. أحياء الزهراء القديم والمنطقة القديمة قرب جامع الماجد أصبحت في أيدي الثوار». وفي مدينة شهدت معارك قادها لاسكندر الأكبر واحتلها الجنرال بومبي استجاب كثير من السكان للقتال بالاختباء داخل منازلهم بينما أغلق الباعة متاجرهم. لكن بالنسبة للكثيرين كان الهجوم على الحلقة الضيقة المحيطة بالأسد فرصة للخروج إلى الشوارع. وفي حي جوبر هتفت حشود كبيرة من اجل الحرية ولوحوا بأعلام الثورة ذات الألوان الأخضر والأبيض والأسود. ويسري شعور بين سكان دمشق بأن الهجوم التفجيري على القيادات الأمنية للأسد يمثل انتكاسة للنظام الحاكم. وقال رجل في أواخر العقد الرابع من عمره «ايا كان من قام بهذا الهجوم فهو انتكاسة كبيرة للنظام». وأضاف رجل آخر عمره 29 عاما «الأشياء تتكشف بسرعة. الأمور على هذا الحال منذ ثلاثة أيام ويبدو أنها توشك على الانتهاء». لكن سامر مارديني -البائع في متجر- عبر عن رغبة أكثر جزعا حين قال «أدعو الله أن ينهي هذه الأزمة بأي شكل». حسن تركماني.. رئيس خلية الأزمة على الرغم من بلوغه سن التقاعد، إلا أن الرئيس بشار الأسد لم يستغن عن العماد حسن تركماني، الذي عين معاوناً لنائب رئيس الجمهورية، ثم رئيساً لخلية الأزمة التي تدير العمليات العسكرية التي تستهدف الثورة السورية. وولد العماد حسن تركماني في حلب، التي تقع شمال سوريا العام 1935 لأبوين من أصل تركماني. انتسب إلى الجيش السوري العام 1954. وتخرج من الكلية الحربية باختصاص مدفعية ميدان، حيث شارك في دورات تأهيلية عسكرية مختلفة، بما فيها دورة القيادة والأركان ودورة أركان عليا. تدرج بالرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة لواء في 1978، وإلى رتبة عماد في 1988. شغل مختلف الوظائف العسكرية في القوات المسلحة، حيث عين قائداً لفوج مدفعية ميدان، ثم قائداً لمدفعية فرقة مشاة العام 1968. كما تولى قيادة فرقة مشاة ميكانيكية خلال حرب اكتوبر 1973، فيما شارك في عمليات قوات الردع في لبنان بالفترة من العام 1977 إلى 1978. واعتباراً من 1978، عمل في أجهزة القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة حتى العام 1982. وكان عيّن مديراً لإدارة شؤون الضباط في 1978، ومديراً للإدارة السياسية العام 1980. وفي 1982، عين نائباً لرئيس الأركان العامة. وبعد ذلك، في 22 نوفمبر 2002، صدر قرار بتعيينه رئيساً للأركان العامة. وفي 11 مايو 2004 عين نائباً للقائد العام للجيش والقوات المسلحة ومعاون نائب الرئيس، قبل ان يستهدفه هجوم مكتب الأمن القومي في دمشق امس. آصف شوكت.. رحلة التقرب من الأسد قتلت صاحبها عن عمر يناهز 62 عامًا سقط العماد آصف شوكت، نائب وزير الدفاع السوري، قتيلًا إثر الانفجار الذي استهدف مبنى الأمن القومي في قلب العاصمة السورية دمشق تزامنًا مع اجتماع ضم كبار قادة الأجهزة الأمنية السورية صباح اليوم الأربعاء. يعد شوكت من أقرب الشخصيات للرئيس السوري بشار الأسد، ويبدو أنه ورث ذات الحظوة التي تمتع بها أيام الرئيس السابق حافظ الأسد، وقد ولد آصف شوكت عام 1950 في مدينة طرطوس الساحلية، وهو ينتمي للطائفة العلوية التي تنتمي إليها عائلة الأسد، والتي ينتمي إليها غالبية سكان طرطوس، وفق تقارير إعلامية. درس شوكت الحقوق ثم التاريخ في جامعة دمشق، ولكن يبدو أن طموحه قاده للالتحاق بالكلية الحربية في عام 1976م، في الوقت الذي بدا فيه أن الالتحاق بالعسكرية هو الطريق الأضمن والأقصر للوصول للسلطة والنفوذ في سوريا، خاصة مع توالي الانقلابات العسكرية التي تعرضت لها سوريا خلال الخمسينيات والستينيات، قبل أن يستتب الأمر لحافظ الأسد في 12 مارس 1971م. تخرج شوكت في الكلية الحربية ضابطًا بسلاح المشاة في العام 1979م، ولم يلبث أن انضم للقوات الخاصة، وشارك في العديد من العمليات الخاصة التي قامت بها فرق من الجيش السوري، أبدى فيها مهارات قيادية وتنفيذية، من أبرزها الصراع المسلح الذي نشب بين الإخوان المسلمين في سوريا وقوات النظام في أوائل الثمانينيات. كما ينسب لشوكت المشاركة في عدة عمليات خارجية نظمتها المخابرات السورية، أبدى فيها قدرات وصفت ب»الخاصة» كما أوردت تقارير إعلامية، مما جعله يتمتع بثقة رؤسائه، وسرعان ما تم نقله لقوات الحماية الخاصة بأسرة الرئيس السوري حافظ الأسد، لتوكل إليه مهمة حماية نجلة الأسد بشرى التي كانت تدرس الصيدلة آنذاك في جامعة دمشق، ويبدو أن العلاقة تطورت بين بشرى وحارسها الشخصي بعد أن فسخت بشرى خطبتها من الدكتور محسن بلال، وزير الإعلام السوري الأسبق، وذلك رغم أن شوكت يكبرها بعشر سنوات، وله أولاد من زواج سابق. داوود عبدالله راجحة.. سلاح روسيا الخفي ولد وزير الدفاع السوري داود عبد الله راجحة في دمشق، لعائلة مسيحية من عربين في ريف دمشق. وتخرج من الكلية الحربية في حمص عام 1968 باختصاص مدفعية ميدان، واتبع دورات تأهيلية عسكرية مختلفة بما فيها دورة القيادة والأركان ودورة الأركان العليا. تدرج راجحة بالرتب العسكرية إلى رتبة لواء عام 1998 وإلى رتبة عماد عام 2005، وشغل مختلف الوظائف العسكرية من قائد كتيبة إلى قائد لواء وشغل منصب مدير ورئيس لعدد من الإدارات والهيئات في القوات المسلحة ونائبا لرئيس هيئة الأركان عام 2004 خلال الانتفاضة الشعبية المندلعة في سوريا أعتبر أن بلاده تتعرض لمؤامرة كبرى وحرب حقيقية تستهدف كيانها، واتهم الغرب باختلاق الأحداث. وخلال توليه مسؤولية وزارة الدفاع قام الجيش السوري باجتياح عدد من المدن السورية في محاولة لقمع الانتفاضة، وهو ما جعل اسم راجحة يندرج في قائمة العقوبات الأوروبية والأميركية والعربية مع 12 وزير آخر، واعتبره الغرب أحد أبرز المسؤولين عن عمليات القتل والقمع في البلاد. ويقال إنه قام بزيارة روسيا سرا كما نقلت تقارير صحفية، بهدف إبرام عقود جديدة للسلاح وتوسيع عقود قديمة، كما قام بزيارة الأسطول الروسي عند زيارته مرفأ طرطوس، وهو أول مسيحي يصل إلى رتبة وزير الدفاع منذ وصول حزب البعث إلى الحكم في سوريا. جدير بالذكر أن راجحة قتل، الأربعاء، في تفجير انتحاري قام به الجيش السوري الحر واستهدف مبنى الأمن القومي في دمشق، حيث تولى راجحة عين وزيرا للدفاع في 8 أغسطس 2011 في حكومة عادل سفر وتم التجديد له في حكومة رياض حجاب في يونيو الماضي. محمد الشعار.. وزير داخلية لمواجهة الثورة يعتبر وزير الداخلية السوري اللواء محمد إبراهيم الشعار -الذي قتل في الانفجار الذي استهدف اليوم الأربعاء مقر الأمن القومي في العاصمة دمشق- من الشخصيات التي تدرجت في المناصب العسكرية والتي ارتبط اسمها بتجاوزات تتهمه بها المعارضة. ووفقا للنبذة المختصرة المنشورة في موقع وزارة الداخلية السورية فإن الشعار من مواليد اللاذقية الساحلية غربي سوريا سنة 1950، والتحق بالقوات المسلحة في 1971، وتولى العديد من المناصب من بينها رئاسة الاستخبارات العسكرية في حلب وقيادة الشرطة العسكرية. تولى الشعار بداية من 14 أبريل 2011 مسؤولية وزارة الداخلية في حكومة عادل سفر التي تم تشكيلها عقب اندلاع الثورة السورية، وذلك خلفا لسعيد سمور الذي شغل المنصب منذ 2003. تتهم المعارضة الشعار بالتورط في مجزرة سجن صدنايا سنة 2008 التي راح ضحيتها 25 سجينا وفقا لمصادر حقوقية. وعقب تنفيذ الجيش السوري الحرعملية استهدفت مقر إدارة الأزمة بدمشق فجر يوم العشرين من شهر ماي الماضي، خرج الشعار -الذي كان من بين المجتمعين آنذاك- على التلفزيون الرسمي ليؤكد أنه بخير ولم يصب وفقا لما ذكرته بعض المصادر في ذلك اليوم. أدرج الشعار على القائمة الأوروبيّة والأميركية والعربيّة للعقوبات التي تشمل إجراءات تمنعه من السفر وتفرض حظرا على أمواله وتمنع التعامل معه. وترك الشعار وراءه خمسة أولاد، ابنين وثلاث بنات.