شهد المجلس التأسيسي التونسي٬أول أمس الثلاثاء٬ نقاشا حادا بين نواب المعارضة وأغلبية الائتلاف الحاكم حول موضوع إقرار المجلس لإعفاء محافظ البنك المركزي التونسي مصطفى كمال النابلي من مهامه تنفيذا لقرار اتخذه الرئيس منصف المرزوقي الشهر الماضي. واستمر النقاش داخل المجلس إلى حدود منتصف الليل٬ دون أن يتمكن المجلس من الانتقال إلى التصويت على قرار الإعفاء٬ مما اضطر رئيسه مصطفى بن جعفر إلى تأجيل الحسم في الموضوع إلى اليوم الموالي. وطرح نواب المعارضة ما اعتبروه «خللا مسطريا» في الآجال القانونية الفاصلة بين تاريخ اتخاذ قرار الإعفاء من قبل رئيس الجمهورية وتاريخ مناقشته وإقراره من قبل المجلس التأسيسي٬ إلى جانب انتقادهم للطريقة التي تم بها التعامل مع مثل هذا الموضوع «الحساس» وكذا الأسباب التي دفعت رئيس الجمهورية المؤقت إلى إقالة محافظ البنك المركزي في وقت يمر فيه الاقتصاد التونسي بمرحلة صعبة. وخلصوا إلى التأكيد على أن قرار الإعفاء يعتبر «باطلا ولاغيا» سواء من حيث الشكل أو الإجراءات المتبعة. ورد ممثل الحكومة٬ الوزير المكلف بالملف الاقتصادي رضا السعيدي٬ على انتقادات نواب المعارضة٬ معتبرا أن قرار الإعفاء يستند إلى عدد من المبررات من بينها العلاقة «الفاترة» بين البنك المركزي والسلطة التنفيذية بشقيها الرئاسي والحكومي٬ وبعض المؤاخذات الحكومية على البنك٬ خاصة ما يتعلق بالحكامة والرقابة النقدية وإصلاح النظام البنكي وتدبير ملف استرجاع الأموال المهربة للخارج في عهد النظام السابق. وأضاف الوزير أن العلاقة بين الحكومة والبنك المركزي تتسم ب «الفتور وغياب الثقة والتركيز المبالغ فيه على استقلالية البنك المركزي». وأوضح أن الاستقلالية «لا تعني انعزال البنك المركزي عن محيطه السياسي» باعتبار أن ذلك «يقلص من نجاعة السياسة الاقتصادية»٬ مشيرا في هذا السياق إلى انخفاض سعر صرف الدينار التونسي الذي اعتبر أنه «يهدد السياسة النقدية للبلاد». كما آخذ السعيدي محافظ البنك المركزي على نهجه لسياسة إعلامية اعتبر أنها «تزعزع ثقة الناس في الاقتصاد». وفي سياق متصل٬ أوردت وسائل الإعلام التونسية٬ نقلا عن مصادر متطابقة٬ أن المرشح لخلافة مصطفى كمال النابلي في منصب محافظ البنك المركزي هو الوزير الأسبق والخبير الدولي في مجال المال والاقتصاد الشاذلي العياري. والعياري (79 عاما) هو شخصية معروفة على الصعيد الدولي بحكم المهام التي كلف بها على مستوى مؤسسات مالية دولية وإقليمية، وسبق له أن تولى منصب وزير للاقتصاد والتخطيط في عهد الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة.