تتويج فرقة «نحن نلعب للفنون» بالجائزة الكبرى للمهرجان أسدل الستار مساء الجمعة الماضي على فعاليات الدورة 14 للمهرجان الوطني للمسرح بمكناس الذي امتدت أشغاله في الفترة ما بين 22 و29 يونيو الماضي، وشهدت 11 عرضا مسرحيا في إطار المسابقة الرسمية و16 عرضا خارج المسابقة. وأعلنت لجنة التحكيم برئاسة المخرج جمال الدين الدخيسي نتائج مداولاتها حيث كرست تجربة فرقة «نحن نلعب للفنون» وتوجت عرضها كأحسن منتوج مسرحي للموسم الحالي... التفاصيل: مرة أخرى تبرهن الفرقة المسرحية الشابة «نحن نلعب للفنون» عن تألقها وتقنع لجنة تحكيم مهرجان مكناس الوطني باستحقاقها لأهم جوائز الدورة، بعد أن أثبتت جديتها واحترافيتها في مهرجان العاصمة في دورته الثانية خلال مارس الماضي بالرباط. وهكذا استطاعت مسرحية «تمارين في التسامح» لفرقة «نحن نلعب للفنون» أن تستحوذ على أهم الجوائز الإبداعية والتقديرية لهذه الدورة.. وهكذا انتزعت جائزة أحسن ممثل التي ذهبت للفنان عادل أبا تراب الذي اقتسمها مناصفة مع الممثل عبد الله ديدان عن دوره في مسرحية «دارت بينا الدورة» لفرقة مسرح تانسيفت؛ وحصلت أيضا مسرحية «تمارين في التسامح» التي ألفها الشاعر عبد اللطيف اللعبي على جائزة السينوغرافيا التي نالتها الفنانة سارة الرغاي، وحصدت الفرقة أيضا بدون منازع جائزة الإخراج التي حاز عليها المخرج محمود الشاهدي، وكل هذه الجوائز المستحقة تقود منطقيا إلى تتويج المسرحية بالجائزة الكبرى للمهرجان. فيما تم اقتسام جائزة التشخيص إناث مناصفة بين كل من الفنانة لطيفة أحرار عن دورها في مسرحية «العازفة» لفرقة مسرح الأصدقاء، والفنانة جميلة الهوني عن دورها في مسرحية «الدق والسكات» لفرقة المدينة. وذهبت جائزة الملابس لمصممة الأزياء الفنانة بدرية الحساني عن تصميمها لملابس مسرحية «شظايا طين» لفرقة الفينيق؛ فيما توج الكاتب المسرحي عبد الكبير الشسداتي بجائزة أحسن نص عن كتابته لمسرحية «الدق والسكات» التي قدمتها فرقة المدينة. وارتأت لجنة التحكيم أن تمنح جائزة الأمل لهذه الدورة للممثل الشاب محمد بنسعيد عن دوره في المسرحية الأمازيغية «تانوغيت» لفرقة تيفاوين من الحسيمة. وثمنت لجنة التحكيم عودة تنظيم المهرجان الوطني للمسرح إلى «مساره الطبيعي متجاوزا الارتباك الذي عصف بالدورة السابقة»، وأضافت لجنة التحكيم في تقريرها الذي تلاه رئيسها الفنان جمال الدين الدخيسي المدير الأسبق للمسرح الوطني محمد الخامس، أن المهرجان يشكل «معطى غير معزول عن سياقه، وبالتالي فهو تتويج واختزال لموسم مسرحي كما وكيفا»، وبذلك فإن اللجنة «تستحضر مدى انعكاسات الموسم الماضي على الموسم الحالي، إلى جانب وقع وأثر الاختلال الذي يطبع انتظام فعاليات الموسم بسبب مساطر وإجراءات الدعم غير المواكبة لضروريات الإنتاج والترويج المسرحيين»، يقول تقرير لجنة التحكيم. مضيفا أن اللجنة، وهي تسجل سعي المنظمين، وخاصة في مرحلة انتقاء الأعمال، إلى مشاركة جل الحساسيات والأجيال في المسابقة الرسمية للمهرجان، فإنها تلح على أن «معيار الجودة والجدة والمهنية يجب أن يظل في مقدمة المعايير وأن يحظى بالأولوية». كما أثار التقرير الانتباه إلى «الحاجة إلى تعميق التنوع وتجنب هيمنة لون واحد يراهن على الجماهيرية التي قد تتحول إلى رهان تجاري» حسب وجهة نظر أعضاء لجنة التحكيم. وفي ذات السياق أكد تقرير اللجنة على أن الفرق المسرحية «مطالبة اليوم برفع رهان المقاولة المسرحية وألا يرتبط وجودها وإنتاجها بدعم وزارة الثقافة فقط.». هذا وضمن التوصيات التي وردت في تقرير لجنة التحكيم، دعت هذه الأخيرة وزارة الثقافة إلى الإسراع بالعمل بالنظام الجديد للدعم، بعد أن استنفذت التجربة مهامها التأسيسية. كما دعت إلى التفكير في تغيير موعد المهرجان، والعمل على تشكيل لجنة انتقاء العروض المسرحية المؤهلة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان مع بداية كل موسم مسرحي مع تمكينها من الآليات والإمكانيات التي تسمح لها بمعاينة العروض المسرحية الجديدة في مختلف أنحاء البلاد. كما طالبت لجنة التحكيم بضرورة تنظيم جلسات لمناقشة العروض المتنافسة مع إغناء الجانب النظري والنقدي والتكويني، كما دعت اللجنة إلى وضع نظام داخلي للمهرجان وإحداث نشرة يومية.. وفي مجال الجوائز الإبداعية لاحظت اللجنة أن جائزة خاصة تذهب للملابس من دون المكونات الأخرى للسينوغرافيا التي ينبغي تفكيكها لتعم كل كل المهن المرتبطة بها ولتشجيع مبدعيهاأ وهكذا تقترح اللجنة إزالة جائزة السينوغرافيا وتعويضها ب: جائزة الملابس، وجائزة الديكور، وجائزة الإضاءة، وجائزة المؤثرات والموسيقى. هذا وخلال حفل الاختتام الذي احتضنته دار الثقافة محمد المنوني، أبرز مولاي علي الإدريسي رئيس ديوان وزير الثقافة في كلمته أن أهم خلاصة تسجل في هذه الدورة «هي القناعة التي تزداد ترسخا دورة بعد دورة، قوامها ضرورة بل إلزامية المحافظة على هذا الفن الرائع ليبقى، لا فحسب ديوانا للذاكرة المغربية، بل تحفيزا لشبابنا وناشئتنا للإقبال عليه.» وأضاف المتحدث باسم وزير الثقافة أن نجاح هذه الدورة سيشكل «نبراسا لنا جميعا يقوي عزائمنا للمضي قدما نحو بعث نفس جديد ودينامية قوية في الجسد المسرحي والمساهمة في خلق حركية مسرحية منتظمة»، وليكن نجاح هذه الدورة، يقول مولاي علي الإدريسي، «محفزا لنا جميعا للاعتناء برجال ونساء هذا التعبير الفني الرائع، ولإعلاء شأن الثقافة في بلادنا عموما وإنزالها من برجها العاجي لتصبح شأنا ممارسا ومتداولا بين كل فئات شعبنا، وعلى مستوى كل المجالات الترابية لوطننا». ولم يخف المتحدث إعجابه بالمهرجان وعروضه وبرنامجه حيث عشنا جميعا، يقول الإدريسي، تحت أضواء هذه الدورة من خلال مختلف العروض التي أثثتها بذكاء ومهارة لحظات عميقة واقتربنا أكثر من هذا الفن ومن رجالاته ونسائه، لذا فنحن اليوم بإسدتلنا الستار عن هذه الدورة، فإننا لا نسدله على هذه الذاكرة الثقافية وهذا العمق الحضاري للمغرب الذي هو فن المسرح، يقول رئيس ديوان وزير الثقافة. وقبل انطلاق الحفل الختامي للمهرجان، التقى الجمهور المسرحي مع فرقة «الحيدري» للمسرح من مدينة باجة التونسية التي قدمت مسرحية بعنوان «الليلة الزرقاء»، والتي حلت ضيفا على المهرجان بمبادرة من الجماعة الحضرية لمكناس في إطار علاقة الصداقة بين مدينة باجا ومدينة مكناس. يذكر أن حفل افتتاح هذه الدورة الذي ترأسه وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي شهد لحظات تكريمية للفنانة ثريا حسن والفنان زكي الهواري؛ وتميز برنامج هذه الدورة بتقديم زهاء 27 عرضا مسرحيا، وتنظيم ندوة فكرية بعنوان «نقد التجربة.. همزة وصل» بشراكة مع الهيئة العربية للمسرح وبتنسيق مع جمعية نقاد المسرح بالمغرب.