من المرجح أن يؤدي إعلان أنقرة مقاطعة رئاسة الاتحاد الأوروبي طيلة الفترة التي ستتولاها قبرص إلى زيادة الهوة مع تركيا التي تتضاءل آمالها منذ سنوات بالانضمام إلى الاتحاد، وتوقفت محادثات انضمام تركيا، والتي بدأت في العام 2005في يونيو 2010، وتم إتمام فصل واحد من فصول الانضمام ال35 الضرورية، كما انه يتعذر البدء ب18 من هذه الفصول لأن تركيا التي تحتل الثلث الشمالي من أراضي قبرص منذ العام 1974 لا تزال ترفض الاعتراف بجمهورية قبرص، وصرحت وزيرة خارجية قبرص ايراتو كوزاكو-ماركوليس لوكالة فرانس برس "لا يريدون التكلم معنا حتى" مشيرة إلى "طريق مسدود"، أما جان دومينيك جولياني رئيس مؤسسة روبرت شومان فقال انه "في كل يوم يمر فان احتمال انضمام تركيا الكامل إلى الاتحاد الأوروبي يبتعد أكثر"، وتعرض برلين وباريس منذ فترة على تركيا وضع "شراكة خاصة" كحل بديل عن العضوية الكاملة، وعلى الرغم من تغير لهجة باريس إزاء أنقرة، إلا أن الرئيس الفرنسي الجديد فرنسوا هولاند تجنب الإجابة المباشرة على سؤال عن هذه المسألة، مكتفيا بالقول أن انضمام تركيا لن يتم خلال ولايته الرئاسية التي تستمر خمس سنوات، ومنذ عامين والمسؤولون الأتراك ينتقدون علنا تحفظات الأوروبيين على ترشيح تركيا، كما أعربت بروكسل عن قلقها من تشدد الحكومة الإسلامية المحافظة بقيادة رجب طيب اردوغان وخصوصا مع عمليات التوقيف المتزايدة لنواب وجامعيين وصحافيين، وبالطبع فان إعلان أنقرة العام الماضي أنها ستعلق اتصالاتها مع الاتحاد الأوروبي خلال الرئاسة الدورية القبرصية، لم يؤد إلى تحسين الوضع، وفي ديسمبر، أعرب المسؤولون الأوروبيون عن قلقهم الشديد إزاء اللهجة التركية وطالبوا ب"الاحترام الكامل لدور الرئاسة" القبرصية، لكن الجانبين يبدوان أكثر ميلا للتهدئة منذ ذلك الحين، وأوضح المسؤولون الأتراك أن المقاطعة ستقتصر على "اللقاءات على المستوى الرفيع" مع ممثلي قبرص، وعليه فان الاتصالات ستظل سارية مع المفوضية الأوروبية ورئيس الاتحاد هيرمان فون رومبوي، ومن الجانب الأوروبي، فان مسالة المقاطعة لا تتم إثارتها علنا، حتى قبرص أعلنت أن لا نية لها بجعل هذه المسألة "تعكر" رئاستها للاتحاد الأوروبي، وتعهد مصدر حكومي قبرصي "سنبذل كل جهودنا لتكون الرئاسة عادية"، كما أن الاتحاد الأوروبي ضاعف مؤخرا مبادرات حسن النية إزاء تركيا، فقد أطلق المفوض الأوروبي لشؤون التوسيع سيتفان فولي آلية "جدول الأعمال الايجابي" التي تهدف إلى تحقيق تقدم في فصول المفاوضات العالقة دون الحاجة إلى فتحها رسميا، أما التقدم الآخر الذي سجل، فهو الاتفاق الذي توصل إليه الأوروبيون من اجل إعادة دمج مهاجرين غير شرعيين قادمين من تركيا مع إفساح المجال أمام إعطاء تأشيرات بعد فترة إلى الرعايا الأتراك وهو ما تطالب به أنقرة بإصرار، لكن على أنقرة أن تعترف قبلا بقبرص قبل أن تتم تلبية مطلبها هذا، إلا أن المقاطعة التركية تجعل في الوقت الحالي تحقيق أي تقدم في مفاوضات الانضمام "مستحيلا تقنيا"، بحسب دبلوماسي أوروبي، واعتبر جولياني انه وفي أحسن الأحوال فان الأشهر الستة المقبلة لن تشهد أي تحسن في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا "ما لم يحصل استفزاز من قبل تركيا مما يمكن أن يثير رد فعل أكثر سلبية".