على الرغم من أن وسائل الإعلام المصرية بل والعالمية تحفل هذه الأيام بسيل من التوقعات إزاء الحكومة المقبلة ورئيسها فإن الحقيقة أن الأمر لم يحسم بعد وأن أحدا قد لا يعرف اسم رئيس الوزراء المقبل إلا في اللحظة الأخيرة تماما كما حدث بالنسبة للرئاسة التي انتهى سباقها هذا الأسبوع بإعلان فوز محمد مرسي على حساب أحمد شفيق، وأكد مرسي مرارا وكذلك عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة المنبثق عنها أن الحكومة المقبلة ستكون موسعة وتعتمد في الأساس على أصحاب الخبرة، كما أن رئيسها سيكون شخصية وطنية ومستقلة ولا ينتمي للإخوان أو الحرية والعدالة، ويعتقد المحلل السياسي بشير عبد الفتاح أن هذه هي الحقيقة الوحيدة المؤكدة فيما يتعلق بشخص رئيس الوزراء المقبل، وأن كل الأسماء التي تتردد حاليا ما هي إلا محض توقعات وتكهنات، كما أن كل الاحتمالات واردة وقد لا يخلو الأمر من مفاجآت عندما يأتي موعد الإعلان الذي يتوقع أن يكون غدا السبت ، ومع ذلك فقد أضاف عبد الفتاح لوسائل الإعلام، أنه لا يستبعد أن يكون رئيس الحكومة المقبلة قريبا بشكل أو بآخر من إحدى القوى السياسية الكبرى وبالتحديد الحرية والعدالة الذي كان يترأسه مرسي قبل انتخابه رئيسا لمصر، كما أنه لا يستبعد أن يأتي بعيدا عن كل الأسماء المتداولة حاليا، وتصدّر المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في الأيام الماضية الأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة خاصة بعدما قال القيادي بحزب الحرية والعدالة محمد البلتاجي إن الحزب لا يمانع في اختيار البرادعي، وكان البعض يرى في البرادعي أنه كان مرشحا لمنصب الرئاسة خلفا للرئيس المخلوع حسني مبارك الذي أطاحت به الثورة، لكنه عاد وأحجم عن الترشح، كما أن الساعات الماضية شهدت تأكيدات مصدر مقرب منه أن أحدا لم يعرض عليه منصب رئاسة الحكومة، كما نفى المصدر ما تردد عن اشتراط البرادعي الحصول على صلاحيات كبيرة لتولي هذا المنصب، وأكد المحلل السياسي عمار علي حسن أن لديه معلومات بأن البرادعي لم يتلق أي اتصالات من الرئيس الجديد أو غيره لتولي هذا المنصب، وشملت الترشيحات التي تداولها الإعلام المصري كذلك المستشار حسام الغرياني الذي سينهي مهمته رئيسا لمجلس القضاء الأعلى ومحكمة النقض بنهاية الشهر الجاري، علما بأنه تم انتخابه قبل أيام رئيسا للجمعية التأسيسية المكلفة كتابة الدستور الجديد لمصر، وهو ما يراه البعض حائلا دون اختياره رغم ما يحظى به من احترام واسع من مختلف القوى السياسية المصرية كأحد أبرز الشخصيات المدافعة عن استقلال القضاء، كما شملت الدائرة رمزا آخر من رموز القضاء المصري وهو المستشار أحمد مكي -نائب رئيس محكمة النقض سابقا- والذي جاهر كثيرا بمعارضته لنظام مبارك، واستمرت مسيرته في مواجهة المجلس الأعلى للقوات المسلحة المسيطر حاليا على حكم البلاد، كما دخل خبراء الاقتصاد على خط التكهنات خصوصا مع وجود إجماع لدى القوى السياسية المصرية على أهمية ملف الاقتصاد الذي تردى في المرحلة الأخيرة وبات يمثل أحد أبرز التحديات في الفترة المقبلة، فضلا عن أن مصر اعتادت طوال حكم مبارك على أن يتم تداول منصب رئيس الحكومة بين متخصصين في الاقتصاد بشكل أساسي، وتحدثت بعض وسائل الإعلام في هذا الشأن عن خبير الاقتصاد حازم الببلاوي الذي تولى وزارة المالية خلال الفترة الانتقالية بعد الثورة، لكن الرجل قال إنه يوجد خارج مصر حاليا وإنه لم يتلق أي اتصالات بهذا الشأن، وذهب البعض إلى احتمال احتفاظ الرئيس الجديد بكمال الجنزوري الذي تولى رئاسة الحكومة في الأشهر الماضية كما سبق له شغل المنصب عدة سنوات خلال عهد مبارك،