نحو تنظيم قضائي يضمن النجاعة والجودة ويسهل ولوج المواطنين إلى القانون والعدالة لم تحسم الندوة الجهوية الأولى من ندوات الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة في مسألة التنظيم القضائي الذي يجب إقراره والذي من شأنه أن يضمن النجاعة ويسهل ولوج المواطنين إلى القانون والعدالة، إذ اكتفى المشاركون في هذه الندوة التي نظمت مؤخرا بالرباط بالتأكيد على أن جودة التنظيم القضائي تعد من مقومات النجاعة القضائية، وأن التنظيم القضائي هو أحد الآليات الأساسية لتنظيم المؤسسات التي أناط بها المشرع صلاحيات البت والفصل في المنازعات وتطبيق القانون. واستعرضت مجموعة من الخبراء تجربة التنظيم القضائي للمغرب كما تم تقديم تجارب دولية مقارنة خاصة بكل من إسبانياوبلجيكا، حيث اعتمد في تجربة الإصلاح في إسبانيا على مضمون ينص على ضرورة إقرار سلطة قضائية مستقلة ومسؤولة تكون ضمانة للمواطن لتبني مبادرة الإصلاح على عدد من الأعمدة انطلقت بإحداث المجلس العام للسلطة القضائية مرورا بمحاربة الفساد وتحديث منظومة العدالة والمنظومة القانونية والمسطرية وتأهيل الموارد البشرية. فيما تميزت تجربة الإصلاح ببلجيكا بإحداث مؤسسات جديدة من ضمنها المجلس الأعلى للقضاء، وإحداث مجمع للوكلاء العامين لتحديد السياسة الجنائية برئاسة وزارة العدل، ودور العدالة على مستوى كل مقاطعة يكون من مهامها بعض القضايا المدنية واستقبال الضحايا وتوفير الوساطة في الميدان الزجري وتقديم المساعدة الأولية، هذا فضلا عن إحداث نيابة فيدرالية بالنظر للتقسيم الجهوي الذي تعرفه بلجيكا، وإنشاء مراكز كنقط مخصصة لحماية الأطفال من الاختفاء والاستغلال الجنسي. وبالنسبة لمسار إصلاح التنظيم القضائي بالمغرب، فقد عمد المشاركون إلى بلورة مجموعة من الأسئلة حول كيفية استكمال المغرب لمسار تحديث منظومة العدالة، من بينها إن كان الأمر يقتضي وضع نظام قضائي من نظامين أي نظام قضائي في قمته محكمة النقض ونظام إداري في قمته محكمة إدارية عليا، ليتم ترك موضوع إيجاد إجابات لها على ما يبدو خلال الندوة الوطنية التي من المقرر تنظيمها في شهر فبراير 2013 لتتويج أكثر من ستة أشهر من النقاش والتي ستشهد مقاربة مختلف الأوجه والجوانب المكونة لمنظومة العدالة ومجالات الإصلاح التي يجب أن تطالها. هذا وفي تشريحه لتجربة التنظيم القضائي بالمغرب، استعرض الكاتب العام لوزارة العدل والحريات عبد المجيد اغميجة مختلف التطورات التي طالت هذا المجال، حيث أصبح التنظيم القضائي الحالي يشتمل بدل 9 محاكم استئناف و30 محكمة ابتدائية في إطار الإصلاح القضائي الذي تم سنة 1974، على 111 من محاكم الموضوع، إذ تتوزع بين محكمة واحدة للنقض و70 محكمة ابتدائية، و21 محكمة استئناف، و7 محاكم إدارية ومحكمتي استئناف إدارية و8 محاكم تجارية و3 محاكم استنئاف تجارية، هذا بالإضافة إلى وجود 178 مركزا للقضاة المقيمين. ووصف المسؤول هذا الارتفاع في عدد المحاكم بالتضخم، مشيرا في تقييمه لقضاء القرب بأنه تجربة حديثة يصعب تقييمها في الوقت الحالي، معلنا بأن هناك حاجة لتعميم قضاء القرب والتي تبرز على مستوى مراكز القضاة المقيمين وعلى مستوى الجماعات التي كانت تتوفر على محاكم للجماعات وتم حذفها. وكشف بأن نشاط بعض مراكز القضاة المقيمين يفوق حجم نشاط بعض المحاكم الابتدائية، خاصة على مستوى مركز آزمور الذي سجل به أكثر من 11 ألف و500 قضية، ومركز الحاجب وبوزنيقة وآيت أورير، في حين أن مركز الاخصاص لم تسجل به سوى قضية واحدة. أما في تقييمه لتجربة المحاكم الابتدائية، فأفاد الكاتب العام بضرورة إحداث محاكم ابتدائية مصنفة مدنية واجتماعية وزجرية، قائلا «إنه بالنظر لارتفاع عدد القضايا المسجلة أمام المحاكم الابتدائية والتي تجاوزت 2 مليون و100 ألف قضية، وبالنظر إلى انخفاض عدد القضايا المحكومة والارتفاع المتصاعد في عدد القضايا المخلفة، حيث وصل متوسط حصة القاضي بهذه المحاكم من القضايا المسجلة ما يفوق 970 قضية، فضلا عن توسع مجالات القضاء الفردي والمسطرة الشفوية وتقلص مجالات القضاء الجماعي؛ فإن الأمر بات يدفع في اتجاه إحداث محاكم ابتدائية مصنفة». وسجل المتحدث بالنسبة لمحاكم الاستئناف، ارتفاع القضايا المسجلة والتي بلغت أكثر من 251 ألف و520 قضية، مع ملاحظة ارتفاع متصاعد في عدد القضايا المخلفة التي وصلت إلى 160 ألف و676 قضية، حيث بلغ متوسط حصة القاضي بهذه المحاكم سنة 2011 من القضايا المسجلة أكثر من 280 قضية.. وعلى مستوى المحاكم التجارية، أقر المتحدث بارتفاع في القضايا المسجلة أمام هذه المحاكم حيث تجاوزت 134 ألف و190 قضية، مشيرا إلى أن أكبر نسبة من القضايا تروج أمام المحكمة التجارية بالدار البيضاء بحوالي 81 ألف و849 قضية مسجلة، بينها 74 ألف و538 قضية محكومة و21 ألف و400 قضية مخلفة. وأبان تقييم تجربة المحاكم الإدارية من طرف مسؤول وزارة العدل، عن ارتفاع في عدد القضايا المعروضة أمام هذه المحاكم والتي تجاوزت 16 ألف و760 قضية، وبلغ متوسط حصة القاضي بهذه المحاكم من القضايا المسجلة ما يفوق 176 ملفا، مع التأكيد على أن أكبر نسبة من القضايا تروج بالمحكمة الإدارية بالرباط بحوالي 5067 قضية.