توجه الناخبون الفرنسيون إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من انتخابات الجمعية الوطنية التي يتوقع أن تعطي اليسار السيطرة على البرلمان، وتعزز قبضة الرئيس الجديد فرانسوا هولاند على السلطة. وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي (6.00 بتوقيت غرينتش) وتغلق في الساعة الثامنة مساء في الانتخابات التي يتنافس فيها أكثر من ستة آلاف مرشح على مقاعد الجمعية الوطنية التي تبلغ 577 مقعدا. ويراهن اليسار في هذه الانتخابات على قدرة هولاند على مباشرة الحكم من دون قيود مع سعيه لإنعاش ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا، والحد من البطالة المتصاعدة والقضاء على سحب الحكومة على المكشوف، من دون تعريض الناخبين لتخفيضات في الرعاية الاجتماعية وإجراءات تقشفية على غرار ما حدث في اليونان. فوز بفارق كبير ورجحت استطلاعات الرأي فوز اليسار بفارق كبير. لكن الرهان يكمن في معرفة ما إذا كان الحزب الاشتراكي وحلفاؤه من دعاة حماية البيئة سيحصلون على الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية، أو انه سيضطر للاعتماد على اليسار المتطرف. وتتفق استطلاعات الرأي إلى حد كبير بشأن نوايا التصويت، إذ تشير إلى حصول الاشتراكيين وباقي اليسار على 31.5 إلى 32 في المائة، والمدافعين عن البيئة على 5 إلى 5.5 في المائة، واليسار الراديكالي على 7.5 إلى 8 في المائة، واليمين على ما بين 33.5 و35 في المائة واليمين المتطرف على 15 أو 16 في المائة. ودعا هولاند الفرنسيين إلى منحه «أغلبية واسعة ومتينة ومتجانسة» ليتمكن من تنفيذ وعوده الانتخابية. وقد صوت هولاند في معقله في تول (وسط) من دون أن يدلي بتصريحات وعاد إلى باريس بعد الظهر. وأعربت السكرتيرة الأولى للحزب الاشتراكي مارتين أوبري بعد أن أدلت بصوتها في ليل (شمال) عن «الثقة» في الفوز، مشيرة مع ذلك إلى شيء من «القلق» بشأن نسبة المشاركة. ومن المقرر أن تجرى الجولة الثانية والأخيرة من الانتخابات في 17 يونيو الجاري لتحديد تشكيلة جمعية وطنية يأمل هولاند (57 عاما) في بداية فترة رئاسته التي تستمر خمس سنوات أن تتعاون معه في تنفيذ برنامجه بشأن الضرائب والإنفاق. أما مجلس الشيوخ (الغرفة العليا للبرلمان) فإن اليسار يسيطر عليه بالفعل، ويحتاج هولاند -الذي أسقط الرئيس المحافظ نيكولا ساركوزي في الانتخابات الرئاسية في مايو الماضي- كل المساعدة التي يستطيع الحصول عليها مع ضغطه على الزعماء الأوروبيين لبذل المزيد من أجل النمو الاقتصادي. 46 مليون ناخب ويبلغ عدد الناخبين في فرنسا نحو 46 مليون مواطن، وأجريت انتخابات الجمعية الوطنية بالفعل السبت للفرنسيين المقيمين في جزيرتي غوادالوب ومارتينيك في جزر الكاريبي. ويحكم فرنسا نظام رئاسي يعتمد على انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع العام المباشر، لكن إذا لم يحصل حزب رئيس الدولة على الأغلبية في الانتخابات التشريعية، فإن الرئيس يفقد جزءا كبيرا من صلاحياته لمصلحة رئيس الوزراء الذي يكون منبثقا من الأغلبية البرلمانية. لذلك فإن فوز الاشتراكيين في هذه الانتخابات يجنب الرئيس هولاند حالة «تعايش دستوري» مع رئيس الوزراء. وتمتلك الجمعية الوطنية صلاحيات التصويت على القوانين مثل مجلس الشيوخ، كما أنها تمتلك سلطة إسقاط الحكومة من خلال التصويت على اقتراح بسحب الثقة منها، أو من خلال رفض التصويت بالثقة عليها. وحذر رئيس الوزراء جان مارك ايرولت المرشح في نانت (غرب)، من انه سيكون على أعضاء الحكومة المهزومين في الانتخابات أن يتركوا مناصبهم. لكن الوزراء ال24 المرشحين يترشحون جميعهم في دوائر فاز فيها هولاند. حظوظ ضئيلة لليمين المتطرف نسبة المشاركة سيكون لها تأثير على نفوذ الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) بعد حصول مارين لوبن على 17.9 في المائة في الانتخابات الرئاسية. وتأمل الجبهة الوطنية الغائبة عن الجمعية الوطنية منذ 1988، في الفوز بمقاعد في معاقلها القوية في جنوب شرق فرنسا أو في الشمال، لكن ذلك ما زال بعيد الاحتمال بسبب نمط الاقتراع الذي يعتمد نظام الغالبية في دورتين ويجعلها تدفع ثمن عزلتها السياسية. وستجد مارين لوبن نفسها في اينان - بومون (شمال) في مواجهة اشتراكي وزعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون الذي يسعى للتعويض عن فشله في التقدم على زعيمة اليمين المتطرف في الانتخابات الرئاسية. وفي حال لم تنجح في الحصول على مقاعد نيابية، تأمل الجبهة الوطنية في المرور للدور الثاني في اكبر عدد ممكن من الدوائر لتثير جدلا حول «إعادة تركيبة اليمين»، الذي قد يسعى قسم منه محليا إلى التحالف معها ضد اليسار. لكن إذا كانت نسبة الامتناع عن التصويت مرتفعة كما هو متوقع، فان هذه الحالات «الثلاثية» قد تقتصر في نهاية المطاف على بضعة عشرات لان أي مرشح يجب أن يحصل على أصوات 12.5 في المائة من الناخبين المسجلين على الأقل ليمر إلى الدورة الثانية المقررة في 17 يونيو.