الرباط تقنن مهنة «النباشين» في القمامة لخلق فرص شغل تستعد مدينة الرباط إلى العمل على هيكلة وتنظيم مجموع القطاع غير المهيكل لجمع وفرز النفايات من خلال إحداث بنية مؤسساتية تكون عبارة عن تعاونية تضم الأشخاص النابشين في حاويات النفايات، وذلك في محاولة لإدماج هذه الفئة في الدورة الاقتصادية من خلال عملية فرز وإعادة استرجاع النفايات وبيعها إلى أصحاب مؤسسات الصناعات التحويلية سواء الخاصة بقطاع الورق، أو الصناعات البلاستيكية أو الزجاج... الإعلان عن هذه المبادرة التي تندرج في إطار مشروع التدبير الأمثل للنفايات في حوض البحر الأبيض المتوسط والتي تعد جزءا من البرنامج الأوروبي الذي يحمل اسم «المدينة»، تم خلال اليوم الدراسي الذي نظمه مجلس مدينة الرباط أول أمس الثلاثاء الذي خصص ل»تشخيص وتنظيم القطاع غير المهيكل لفرز وإعادة استرجاع النفايات بالرباط». وتعد هذه المبادرة خطوة جديدة من أجل مواجهة وضعية بيئية داخل العاصمة يطبعها وجود وتوسع القطاع غير المهيكل لجمع وفرز النفايات الصلبة، حيث يوجد أكثر من 150 شخصا يعيش على نبش النفايات وتجميعها وفرزها وبيعها في الغالب لتجار وسطاء في مجال تسويق النفايات. وأكد المنظمون خلال اليوم الدراسي، أن قطاع جمع وفرز النفايات، يلعب دورا هاما في النهوض بالتشغيل، وحماية البيئة والتخفيف من التحملات المالية للجماعات المحلية، بل ويعد مصدرا أساسيا للمواد الأولية بالنسبة للصناعات التحويلية. وأظهرت دراسة قام بها على مستوى العاصمة الرباط مكتب الدراسات جنيزي لتنمية المغرب، أظهرت غياب تشريع بيئي ينظم هذا القطاع الذي يبقى قطاعا هشا على اعتبار أن الذين يشتغلون به ينحدرون من الفئات والأحياء المهمشة والفقيرة، وغير معترف بهم من طرف الدولة حيث أن مهنة عامل جمع النفايات من الحاويات يبقى عملا متدنيا، علما أن من شأن تنظيم هذا القطاع وتأسيس بنية تحتية متكاملة لجمع وفرز النفايات أن يشكل رافعة اقتصادية بالنسبة لهذه الفئات. وأوضح حميد الشريفي منسق «إندا المغرب»، أنه تم إعداد مشروع لإحداث تعاونية ستضم 30 شخصا من نابشي النفايات، يتحدد مجالها الترابي على مستوى جماعة أحياء أكدال حي الرياض، مسجلا قصور بل غياب تشريع وطني يهم بالأخص قطاع جمع النفايات وفرزها والأشخاص العاملين به. وتوقع المتحدث أن إحداث هذه التعاونية سيساهم من جهة في تحقيق عائدات مالية مهمة من خلال عمليات فرز وبيع المواد القابلة للتحويل، ومن جهة أخرى في الحفاظ على البيئة، هذا فضلا عن أنها ستحد من كلفة الخسارة التي تنتج عن التلوث البيئي الناتج عن الحرق العشوائي للنفايات، والاعتراف بفئة تعمل في ظروف جد صعبة. هذا ومن جانبه ذكر مصطفى بن بويا رئيس قسم البيئة وتحسين محيط العيش بالجماعة الحضرية لمدينة الرباط، بمشروع مطرح جمع وفرز النفايات «أم عزة» والذي عوض مطرح عكراش، مشيرا في هذا الصدد إلى إحداث تعاونية «التشارك»حينها تختص بجمع وفرز النفايات والتي تضم حاليا حوالي 176 من الأشخاص بينهم 22 امرأة، كانوا يعملون في مجال النبش في حاويات النفايات، وذلك قبل تفويض قطاع النفايات إلى إحدى الشركات الإيطالية، حيث أصبح هؤلاء الأشخاص بعد عملية التنظيم الجديدة يحصلون على دخل يومي يصل إلى 110 درهم، مشيرا بذلك إلى عملية إعادة الاعتبار التي استفاد منها هؤلاء هذا الأشخاص من خلال هذه الهيكلة الجديدة. وأبرز المتحدث أن هذه الفئة من الأشخاص الذي يعد مجال جمع وفرز النفايات مصدر عيشهم، كانوا قد عبروا عن رغبتهم في التنظيم وتحديد وضعيهم المهني، بحيث يتم تثمين مهنتهم وتصبح مهنة معترف بها رسميا، وتحسين ظروف العمل، فضلا عن استفادتهم من مختلف الخدمات التي تخص فئة العاملين بها فيها التغطية الاجتماعية والخدمات الصحية أما المسؤول الإيطالي عن قطاع البيئة بجهة بريمونت، لوكا كنطاريلا ، فقد أكد على أهمية إحداث المؤسسات التعاونية التي تخص مجال جمع وفرز النفايات القابلة للتحويل وبيعها، مبرزا أن هذا الأمر يتيح إنشاء دورة اقتصادية تضم تجار وسطاء، وقدم في هذا الصدد نموذج تعاونية جمع وفرز النفايات بمدينة طورينو الإيطالية والتي تهم مجالا جغرافيا يضم حوالي 905 ألف نسمة، مبرزا أن هذه التعاونية التي ضمت في بداية إحداثها 5 أشخاص باتت حاليا تشغل أكثر من 244 فردا، حوالي 229 منهم مساهم في التعاونية، و33 مهاجرا أجنبيا، و80 شخصا من الفئات المهمشة.