حذرت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ومنتدى بدائل المغرب من الاستغلال السياسوي لملف النساء السلاليات اللواتي تم إقصاؤهن من حق الانتفاع من أراضي الجموع على قدم المساواة مع الرجال، ومحاولة استعماله كورقة انتخابية من طرف بعض الأحزاب السياسية. وفي المقابل ثمنت الهيئتان الخطوة التي أقدمت عليها وزارة الداخلية بإصدار دورية جديدة بشأن تمتيع النساء السلاليات من حقوق الانتفاع والتي تمحورت بالأساس حول طرق توزيع الحصص الأرضية وعائدات الملك الجماعي. الإعلان عن هذا التحذير جاء خلال الندوة الصحفية التي نظمتها الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ومنتدى بدائل صباح أول أمس الأربعاء بالرباط، بحضور عدد من النساء السلاليات اللواتي قدمن من مختلف مناطق المغرب من بينها ورزازات، قصبة تادلة الراشيدية، القنيطرة، بولمان، إفران، صفرو الحاجب والرباط، والتي خصصت لمستجدات هذا الملف، وبالأخص الإعلان عن إصدار وزارة الداخلية لدورية جديدة، بشأن تمتيع النساء السلاليات، تمحورت بالأساس حول طرق توزيع الحصص الأرضية وعائدات الملك الجماعي. وعبرت ربيعة الناصري في هذا الصدد عن استغرابها لتنظيم فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب ليوم دراسي يوم الثلاثاء الماضي، حول ملف الأراضي السلالية، دون توجيه دعوة المشاركة لهيئات المجتمع المدني التي تواكب هذا الملف أو النساء السلاليات المعنيات بالملف واللواتي خضن معركة نضالية صعبة منذ خمس سنوات، واجهن خلالها عددا من الأطراف بما فيها السلطات المركزية وولاة وعمال بعدد من المناطق، فضلا عن نواب الجماعة السلالية. واعتبرت ربيعة الناصري هذا التغييب بأنه متعمد وغير مبرر، على اعتبار أن المؤسسة التشريعية لم تعد فضاء مغلقا استنادا لمقتضيات الدستور الجديد والقانون الداخلي لمجلس النواب الواضحين في هذا الشأن، حينما أتاحا لهيئات المجتمع المدني والمواطنين حضور الجلسات وتقييم السياسات العمومية بل وحتى المشاركة في التشريع. واستطردت المتحدثة مؤكدة على أهمية التعاون مع الأحزاب بمختلف أطيافها السياسية، ولكن بعيدا عن المقاربات السياسوية للملف ومحاولة الركوب على قضايا يبذل فيها المعنيون تضحيات وجهدا كبيرا من أجل تحقيق مجموعة من المكتسبات كما هو الشأن بالنسبة للنساء السلاليات اللواتي تمكن بفضل التعبئة والمواكبة التي حظين بها، من طرف الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ومساندة منتدى بدائل المغرب، من دفع وزارة الداخلية لإصدار ثلاث دوريات ذات أهمية قصوى في مسار معالجة ملف النساء السلاليات. هذا وفيما يخص مستجدات الملف والذي طبعه تطور جديد على مسار إنصاف النساء السلاليات بإصدار وزارة الداخلية دورية جديدة أواخر شهر مارس الماضي بشأن تمتيع النساء السلاليات اللواتي تم إقصاؤهن من حق الانتفاع من أراضي الجموع على قدم المساواة مع الرجال، والتي تمحورت حول طرق توزيع الحصص الأرضية وعائدات الملك الجماعي، كيفما كانت خصوصية هذه الأراضي سواء كانت مستغلة بطريقة مشتركة أي مشاعا جماعيا أو أراضي مجمدة تم تقسيمها من قبل. وقالت عضوة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، خديجة ولد مو بهذا الشأن، «إن إصدار وزارة الداخلية لهذه الدورية الثالثة من نوعها والتي تضع عددا من التدابير التي تخص الحصول على حق الانتفاع، تعد مبادرة إيجابية جدا، فهي تتويج للعمل الترافعي المستمر الذي قامت به الجمعية والنساء السلاليات بشكل تشاركي، إذ تمكنت هذه الجبهة الترافعية من الحصول على الاعتراف للنساء السلاليات بحقوق الانتفاع بالرغم من عدد من العراقيل والصعوبات»، مضيفة أن الوزارة في أول دورية لها سنة 2009، أكدت على ضرورة إدراج أسماء النساء في لوائح ذوي الحقوق، ثم اعترفت في دوريتها الثانية الصادرة سنة 2010 بالنساء السلاليات ذوات حقوق في مختلف أنحاء المغرب كلما تعلق الأمر بتفويت أراض جماعية. في حين أن الدورية الجديدة والتي تحمل رقم 17، الصادرة بتاريخ 30 مارس الأخير، والتي وجهها وزير الداخلية إلى ولاة وعمال مختلف الجهات والمناطق، فقد اعتمد في بنيانها على مضامين الدستور الجديد التي تقضي بمكافحة كل أشكال التمييز والمساواة بين المواطنات والمواطنين، فضلا عن ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية والتي تتعلق بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي التزم بها المغرب. وأكدت المتحدثة على ضرورة استمرار التعبئة والتضامن بين النساء وهيئات المجتمع المدني من أجل الدفع في اتجاه التفعيل العملي لمختلف الدوريات الصادرة عن وزارة الداخلية بشأن النساء السلاليات، والعمل من أجل إرساء قانون جديد ينظم هذه الأراضي ويتم بذلك القطع بشكل جذري مع ممارسات الإقصاء والتمييز الذي طال النساء السلاليات على مدى عقود. أما كمال لحبيب عن منتدى بدائل المغرب فقد أعلن أن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب والمنتدى والنساء السلاليات أطلقوا عريضة للتوقيع من أجل المطالبة بإقرار قانون ينظم الأراضي السلالية عوض قانون 1919 الذي لازال يجثم بمقتضياته المجحفة على المجتمع المغربي، داعيا في هذا الصدد المجتمع المدني بتنوعه ومختلف أطيافه أن يستغل ما حمله الدستور الجديد من مضامين تمكن المجتمع المدني من تقديم عرائض واقتراح قوانين والمساهمة في تقييم السياسات العمومية. وأفاد المتحدث أن هذه العريضة التي أطلق عليها اسم «العريضة المواطنة» وقعها لحد الآن ما يناهز 15 ألف مواطن ومواطنة، على رأسهم مثقفون، فنانون ورجال أعمال، مؤكدا على ضرورة القيام بحملات تحسيسية لحشد الدعم والتعبئة لدفع الجهات المسؤولة بالتعجيل في وضع قانون للأراضي السلالية لكونه يبقى هو الحل الكفيل بمعالجة هذا الملف ومختلف القضايا التي يطرحها. ومن جانب آخر، أكد كمال لحبيب، «أن أي محاولة للالتفاف على حقوق النساء السلاليات وعدم إنصافهن سيدفع في حال استنفاذ جميع إمكانيات التقاضي أمام المحاكم الوطنية إلى التوجه نحو القضاء الدولي، وشركاء المغرب خاصة على مستوى الاتحاد الأوربي الذي يقرن عقد الشراكة بعدد من المعايير من بينها احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية».