نمتلك تراثا ضخما في أدب الرحلة لكن الكثير من نصوصه يحتاج إلى تحقيق يهتم الأديب عبدالرحيم مؤدن بالبحث في أدب الرحلة وغيره من الفنون الأدبية، بالموازاة مع ذلك يكتب القصة القصيرة، غير أنه أخيرا صدرت له مجموعة مسرحية، وبهذه المناسبة كان لبيان اليوم حوار معه. * صدرت لك أخيرا مجموعة نصوص مسرحية، ما هي ظروف كتابة هذه النصوص؟ - هذا الكتاب المسرحي، أسميته مدينة النصوص، يتمضن خمس مسرحيات ذهنية، حاولت من خلالها معالجة قضايا معينة معاصرة، بالرغم من أن معظم شخصيات هذه النصوص المسرحية، تنتمي إلى الماضي وإلى التراث، مثل المعري وابن بطوطة وابن جزي، ولكن هناك قضايا إشكالية معاصرة، تتمثل في القضية الفلسطينية وأطفال الحجارة وقضايا أخرى متعلقة بالجمال والفن، في علاقة مع النص، ما معنى النص؟ من خلال النصوص التي عنون بها هذا الكتاب وهو مدينة النصوص. إذن آخر إنتاجاتي الإبداعية هو هذه النصوص المسرحية. * باعتبار اهتمامك بأدب الرحلة، ما مدى حضور هذا الأدب ضمن الإنتاج الثقافي المغربي؟ - على المستوى المغربي نحن نمتلك تراثا ضخما وغنيا في أدب الرحلة، ولكن الكثير من هذه النصوص لا تزال إما لدى الخاصة، وإما في المكتبة العامة، وهي تحتاج بالتالي إلى تحقيق، وإعادة النظر علميا فيها، وتحتاج إلى تصور عن نصوص رائدة،ولذلك فالمغرب يعد سباقا في هذا المجال من حيث الرصيد، نظرا لأن معظم النصوص الرحلية كما هو معلوم، إما حجية، وهناك نصوص منتجة بكثرة في هذا الباب، وإما نصوص ديبلوماسية تعود إلى القرن التاسع عشر في إطار العلاقة بين الشرق والغرب، وإما نصوص سياحية أوعلمية أو غير ذلك. إذن المغاربة مغرمون بأدب الرحلة، وهذا الأمر لا يحتاج إلى تأكيد، ولكن الرصيد موجود. والباحثون المغاربة حاليا بدأوا يهتمون بالنص الرحلي الذي كان مهمشا، ويعتبر زائدا وثانويا. ومن خلال إلقاء نظرة سريعة على مشروع ارتياد الآفاق، نجد أنه في كل سنة وفي كل دورة يفوز فيها مغاربة محققون، وهذا شيء مهم جدا. من ناحية أخرى فإن النص الرحلي، ربما أصبح عبارة عن نص يطعم عدة نصوص أدبية متعددة، بل قد نجد نصوصا قد تعاني من الكساح، أو الضعف أو التآكل، فيكون النص الرحلي قادرا على تطعيمها، ثم إن النص الرحلي هو عبارة عن تاريخ سري يواجه ويعارض التاريخ الرسمي، يضاف إلى ذلك أنه نص يحقق المتعة ويقرأه الكل، سواء تعلق الأمر بالمثقف أو متوسط الثقافة أو غير ذلك، إذن النص الرحلي هو نص الحاضر والماضي والمستقبل. * ما هو تشخيصك للواقع الثقافي المغربي في وقتنا الراهن؟ - الواقع الثقافي بالمغرب، يتجسد في هذه الكتابات الكثيرة، ولكن أعتقد أنه بدأ يفرز نوعا من الوضوح، على مستوى أن هناك جيلا جديدا يبدع ويحاول أن يقول كلمته، ولكن هناك ملاحظة أساسية وهي أنني لا أساير ولا أدعم ما يقوم به بعض الأفراد من هذا الجيل الذين يتنكرون للماضي وللجيل السابق، ولكن رغم ذلك أعتقد أن الوضع يدعو إلى التفاؤل بالنظر إلى أن النصوص المنتجة، سواء على مستوى الرواية بصفة خاصة، أو على مستوى القصة القصيرة، تحمل تطورا وحماسا وطفرة جيدة في هذا الميدان. * ما منظروك لموقع الثقافة في وسائلنا الإعلامية؟ - مازالت الثقافة مهمشة، بالأخص في إعلامنا المرئي، فهناك برنامج مشارف لياسين عدنان، لكنه يقدم في ساعة متأخرة من الليل. الثقافة لا يتم الالتفات إليها سوى في المناسبات كما هو الحال بالنسبة إلى المعرض الدولي للكتاب، حيث يتم الاعلان عن إصدار أو نشاط أو غير ذلك. إذن لاتزال الثقافة موسمية ومهمشة، ولا يتجهون إليها سوى في وقت الشدة، أو يتم توظيفها عندما يسود الإحساس بأن هناك تذمرا اتجاه الثقافة. لا بد إذن من إنشاء على الأقل قناة إعلامية خاصة بالثقافة، كما أنه لا بد من الانتباه حتى على مستوى المسموع والمرئي، أن الثقافة هي التي تخلق الحركة والمستقبل والأمل، وتخلق مجتمع القيم والفضائل.