احتجت الأطر التربوية العاملة بأقدم ثانوية بالمدينة والإقليم، صباح يوم الأربعاء الماضي بساحة العمالة المقابلة لمقر ولاية جهة دكالة/عبدة، وبالضبط أمام مكتب والي الجهة / عامل الإقليم، مرددين عبارات الإحتجاج على ما آلت إليه أحول مؤسستهم التعليمية التي كانت بداية التعسف عليها، حين تم نفيها في بداية الثمانينيات من القرن الماضي إلى منطقة تقع بين معامل الفوسفاط وأبخرتها الكيماوية، والمزبلة الكبرى للمدينة وروائحها الكريهة، وكأنه انتقام من ثانوية أنشأها وطنيون وعلى رأسهم الوطني الفقيه الهسكوري، وتخرج منها آلاف الأطر والأسماء الكبيرة في عالم الفكر والثقافة والقانون والرياضة والإعلام. ومع المشاكل الكبيرة التي لاقتها الأفواج الأولى التي عملت هناك، حين كانت الثانوية تقع بين الأحراش والأراضي المزروعة رغم أنها ثانوية داخل المدار الحضري، فكانت البداية مع شركة النقل الحضري، التي رفضت أن تمدد في سير حافلاتها باتجاه الثانوية، حيث أن أقرب محطة لحافلات النقل الحضري تبعد بأكثر من كلم مشيا على الأقدام، في منطقة تجمع كل أنواع الإنحراف من مخدرات وعصابات ، لكن الرعيل الأول من الأطر التربوية وبتضحياته استطاع أن يوفر للثانوية هيبتها ووقارها من خلال تسوير المؤسسة وفرض حراسة بمداخلها وجنباته، إلى أن حدثت الطامة الكبرى، والمتمثلة في تشييد أكبر سوق عشوائي بمحيط الثانوية وعلى الطريق المؤدية لها، سوق يعمل بشكل يومي، مع ما يمثله ذلك من إزعاج كبير على سير العملية التربوية، حيث يستحيل في الكثير من المرات تقديم درس تربوي في ظل الإزعاج الذي تسببه مكبرات الصوت التي تحمل أصوات باعة الأواني المنزلية والعقاقير والأعشاب الطبية،... على صوت الأستاذ الذي يعجز على إيصال صوته لتلامذته داخل الفصل الدراسي، ومع الأيام كبر السوق وأصبحت الثانوية نقطة في بحر من البراريك البلاستيكية والفراشة الذين حولوا أسوار الثانوية إلى مراحيض عمومية، بروائحها النتنة التي تصل إلى الأقسام والفصول والمكاتب الإدارية للمؤسسة، فيما تزداد المعاناة في بعض المناسبات الدينية كرمضان وعيد الأضحى، حين تتحول بوابة المؤسسة إلى فضاء للتسوق، فيما الطريق التي ناضل من أجلها أطر الثانوية لسنوات، فقد تم احتلالها وأصبح من الصعب المرور منها، فيما التحرش بالتلميذات وحتى العنصر النسوي العامل بالمؤسسة صار أمرا عاديا. الأطر التربوية سبق وراسلت جميع الجهات، بل طرقت الأبواب وقدمت الدلائل على أن الدراسة بالثانوية غير ممكنة في ظل أجواء غير صحية، وفي كل مرة تُقدم لهم الوعود، ومع كل احتجاج يتم التأكيد على أن السلطات والجماعة ستجد حلا للمعضلة، لكن مع الأيام كبر السوق وأصبح عالما يصعب اقتحامه، بل إن هناك من بعض أعوان السلطة من يحرض الباعة المتجولين على أطر الثانوية، مما سبب الكثير من الإحتكاكات والتحرشات، وهو ما سبب في الكثير من المشاكل التي تتوقف على إثرها الدراسة، والنتيجة، ثانوية تشبه القلعة في عزلتها، وأطر تربوية فضلت استعمال طرق غير معبدة للوصول إليها، ما دامت الطريق المعبدة أصبحت ضمن مجال السوق العشوائي اليومي.