بعد سنتين من وفاة صاحب جائزة نوبل للآداب سنة 1998 جوزيه سارماغو، أصبح بإمكان القراء الاطلاع على «الكتاب المفقود»، الذي وضعه الكاتب البرتغالي الكبير، وهو لا يزال شابا مجهولا، ولم يرغب في نشره وهو على قيد الحياة. وكتب ساراماغو الرواية في خمسينيات القرن الماضي، وهو في عقده الثالث وهي بعنوان «كلارابويا» وتتناول حياة مستأجرين في مبنى في لشبونة. وقالت أرملته الصحفية بيلار ديل ريو خلال تقديم الكتاب في مدريد «كان يسميه الكتاب المفقود الذي عثر عليه في الزمن». وأكدت ديل ريو أن ساراماغو كلف صديقا له بإرسال مسودة الكتاب إلى دار نشر برتغالية، لكنه أصيب بخيبة أمل كبيرة، بعد عدم تلقيه أي رد حتى عام 1989 بعدما أصبح كاتبا شهيرا، حين اتصل به صاحب دار النشر تلك ليقول له إنه يشرفه نشر كتابه الذي عثر عليه خلال عملية انتقال من مقر إلى آخر. ورفض ساراماغو صاحب «الإله الأكتع» و»الإنجيل بحسب يسوع المسيح»، العرض يومها واستعاد نسخة الكتاب تلك، ورفض أن ينشر وهو لا يزال على قيد الحياة. وقالت ديل ريو «قال لنا إنه يمكننا بعد وفاته أن نقرر ما هو الأفضل. كنا ندرك جميعا وساراماغو أيضا على ما أعتقد، أن الكتاب يجب أن ينشر». وخلال تقديم الرواية عرضت أرملة الكاتب دفاتر تتضمن ملاحظات دونها ساراماغو عندما كان يكتب هذه الرواية، فضلا عن النسخة الأصلية وتلك التي أرسلها إلى دار النشر. وكشفت أن «ساراماغو عانى كثيرا من هذا التجاهل» مشيرة إلى أنه احتاج بعد ذلك إلى عشرين عاما لكتابة رواية أخرى مركزا في تلك الأثناء على مسيرته الصحفية. واعتبرت أن الناشرين لم يجرؤوا على نشر «عمل انتهاكي»، باعتبار أن الكتاب يقدم العائلة، أساس المجتمع على أنها «وكر أفاعي نوعا ما»، في حين أن المجتمع البرتغالي في الخمسينيات لم يكن ليتحمل ذلك. وقالت «أظن أنهم احتفظوا به بانتظار أيام أفضل، لكن في تلك الفترة لم يكن أحد ليتصور أن الدكتاتور أنطونيو سالازار (حاكم البرتغال من 1932 حتى 1974) سيبقى كل هذه الفترة الطويلة». ونشرت الرواية الآن بالاستناد إلى النسخة التي أرسلها ساراماغو إلى دار النشر عام 1953، إذ إن الكاتب بعدما استعادها رفض على الدوام قراءتها مجددا، لكنه «كان يدرك أن الكتاب لا يزال له قيمة في المرحلة الحالية»، كما ذكرت أرملته. وصدرت رواية «كلارابويا» في البرازيل والبرتغال، قبل أن تصدر باللغة الإسبانية عن دار ألفاغوارا للنشر. كما بدأت ترجمتها إلى لغات عدة أخرى وستقدم منها نسخة بالإيطالية خلال معرض الكتاب المقبل في تورينو. ولد جوزيه ساراماغو في نوفمبر 1922 في بلدة في وسط البرتغال وأصدر روايته الأولى «أرض الخطيئة» عام 1974، وقد غادر بلاده عام 1992 ليقيم في أرخبيل الكناري في إسبانيا، بعد خلاف مع السلطات البرتغالية. وقد ألف حوالي ثلاثين عملا غالبا ما أثارت جدلا .وكان أول كاتب برتغالي يفوز بجائزة نوبل للآداب. ويعتبر النقاد ساراماغو واحدا من أهم الكتاب في البرتغال بفضل رواياته التي غالبا ما تستحضر التاريخ البرتغالي بنوع من التهكم والسخرية، كما نشط الكاتب الكبير في محاربة العولمة، وكان من المشككين في الرواية الأميركية لأحداث سبتمبر 2001، ومن أهم مؤلفاته «الكهف» و»البصيرة» و»العمى» و»قصة حصار برشلونة«.