أشخاص يحتلون الحزام الأخضر ويشرعون في بناء منازل عشوائية إنها السيبة في أقصى تجلياتها بحي «لبيار»، وبالضبط بشارع عبد السلام الوزاني حسب ماتمت معاينته مؤخرا. أرض تم تشجيرها لتكون حزاما أخضر يفصل بين معامل الفوسفاط وبين أحياء «الزاوية» و»لَبْيَارْ» و»لَقْليعة»، ظلت لعشرات السنين، يحرسها ضريح الولي الصالح «سيدي امبارك»، إلى أن انفجر فيها البناء العشوائي، بعدما باع أحد الأشخاص قطعة أرضية يقول إنها في ملكيته، وتم تحويلها إلى بقع سكنية صغيرة من 50 و60 و70 متر مربع، أقامت عليها عائلات مساكن عبارة عن صناديق إسمنتية بدون تصاميم ولا تراخيص ولا هم يحزنون، فقط استقدموا عمالا، وشرعوا في البناء، وبعدها، ورغم الإنذارات الأولية ومذكرة البحث الصادرة في حق الشخص الذي يقول إنه مالك جزء من تلك الأرض الشاسعة التي تفصل سكة القطار عن الأحياء السكنية، قام آخرون وشرعوا في تجزيء الأرض التي هي في حقيقة الأمر تجمع بين ملكية المجلس البلدي وعائلة مغربية يهودية هاجرت إلى فرنسا وانقطعت أخبارها، وذلك حسب ما ورد على لسان شيوخ من الحي المجاور لتلك الأرض. ومع البناء العشوائي الذي عرفته المدينة شمالا وجنوبا، وبعد أن تيقن الناس من غض السلطة الطرف عن تجزئات تم بناؤها بدون ترخيص، وقام آخرون بالهجوم على الأرض، فيهم شباب وشيوخ حيث إن كل واحد منهم بمجرد وصوله إلى المنطقة يقوم بتحديد قطعة أرضية يسيجها، لتُصبح ملكه الخاص!!، وهو ما وقع، حين تدافع المئات باتجاه الأرض المشجرة، وقام كل واحد منهم باعتبار المساحة التي يقف عليها ملكه الخاص، وفي نفس الليلة انطلق العمل بجلب العمال وحفر الأساسات وبين ليلة وضحاها، تم بناء أكثر من عشرين منزلا، منها من أصبح معدا للسكن بعد تثبيت الأبواب والنوافذ والشروع في بناء الطابق الثاني!!. ومع العملية شاع الخبربالمدينة وأصبحت تلك المنطقة وجهة لكل من يريد رؤية الفوضى في أقصى صورها، فكان لزاما أن ننتقل إلى هناك، وهناك اكتشفنا القنبلة التي انفجرت في وجه الجميع، عشرات العمال محروسون من عائلات تحمل الأعلام الوطنية، يقومون ببناء منازل كأنها صناديق إسمنتية، يسابقون الزمن لبناء الأسوار، ووضع السقوف، وكأنهم في مسابقة لبناء أسرع منزل. السكان هناك يروون بالكثير من التفكه عن عون سلطة كان يمر لأخذ «التدويرة» من المترامين على الأرض الخاصة والعامة، ويطلب منهم أن يبتعدوا عن سكة القطار المجاورة وليفعلوا ما يشاءون، ما دامت السلطات المحلية قدمت استقالتها بخصوص هذا المشكل، وتكتفي بالمعاينة كما هو حال باقي من سمع بالخبر، فيما يتحدث آخرون على أن والي الجهة، عقد اجتماعا ضم رجال السلطة الإدارية لمعرفة الأسباب الحقيقية لما يقع هناك، إلا أنه وبجولة ميدانية وقفنا على بناء ليلي تحت كاشفات ضوئية تخرج أسلاكها من منازل مجاورة لأوراش البناء، وهنا كان لزاما أن نتساءل عما يمكن أن تقوم به السلطات لوقف هذه الفوضى التي سبقتها عمليات ترامي على الملك العام، كما هو الحال بالشريط الساحلي الرابط بين شاطئ «لالا فاطنة» ومدينة آسفي، حيث تم بناء عشارت المنازل والفيلات على أرض تدخل ضمن الملك البحري الوطني، حيث أن البناء على الشريط الساحلي كان ممنوعا بظهير شريف، وبترخيص من الأمانة العامة للحكومة، لكن البناء العشوائي انتشر بمساهمة مقاولين وأحد المستشارين البرلمانيين وأساتذة جامعيين وعمال مهاجرين، ومن هناك إلى منطقة «تاكابروت» التي تم بناء مئات المنازل العشوائية عليها، إذ يحكي السكان على أن مقبرة بطريق حد احرارة تم جرف قبورها والبناء عليها، وسط ذهول الجميع، وكذا وسط صمت وحياد السلطات المحلية والإقليمية، حيث اتضح بأن ما وقع ويقع تجاوز كل حدود المعقول، ولم تعد معه السلطات قادرة على ضبط ما يقع بمختلف ربوع المدينة والإقليم، إذ أن ما كان يقع في جنبات المدينة وخارج ترابها كان يمكن هضمه واستساغته، أما وأن يقع ذلك وسط المدينة وعلى مقربة من مقر جماعة «آسفي الزاوية» سابقا، فذلك ما يولد الخوف من أن تحول السيبة احتلال الأملاك الخاصة والعامة إلى واقع مستمر تكون له تبعات مستقبلية اجتماعيا واقتصاديا. فهل سيبقى الحال على ما هو عليه كما تقول بعض الأحكام القضائية، أم أن إنزال الهيبة المخزنية كفيل بإعادة الأمور إلى حالها.