توقع اصطدامات داخل قبة البرلمان بين قوى تريد الذهاب إلى الأمام وأخرى هدفها كبح هذه التجربة الجديدة عبر خالد الناصري، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المنتهية ولايتها، عن يقينه بحظوظ نجاح، التي يرأسها عبد الإله بنكيران، وتفاؤله أن يسهم مجلس النواب بتركيبته الجديدة في التغيير. وتوقع خالد الناصري حدوث اصطدامات بين من أسماهم «قوى تريد الذهاب إلى الأمام» من جهة وأخرى «هدفها كبح هذه التجربة. ى واعتبر خالد الناصري، في حوار مع «بيان اليوم» أن سنة 2011 بالمغرب سنة انتقال ثلاثي: دستوري، برلماني وحكومي، مع كل ما يرافق ذلك من تجدد في بنية الممارسة السياسية. وقال إن تداعيات «الربيع العربي» على المغرب ساهمت في إخصاب التربة الوطنية في اتجاه تغييرات عميقة، تجلت أساسا في مزيد من توسع فضاء التعبير السياسي، وأيضا في خلق ظروف الانتقال إلى دستور جديد ومجدد حظي بموافقة ديمقراطية واسعة. مضيفا أن كل ذلك أدى إلى انتخابات تشريعية أفرزت أغلبية جديدة في سياق حراك ديمقراطي جدي، بالرغم من أن هذا الحراك لم يخلُ مما وصفه «بعض الممارسات المشينة» التي ارتكبتها بعض القوى السياسية، التي لم تفقه شيئا في التحولات العميقة التي تعرفها بلادنا. وعبر خالد الناصري عن سعادته برؤية البناء الديمقراطي بالمغرب يترسخ شيئا فشيئا ورأي الشعب السيادي يؤخذ بعين الاعتبار. وهذا دليل، في نظره، أن النضالات والتضحيات التي خاضتها القوى الديمقراطية والتقدمية والإصلاحية لم تذهب سدى. ويبقى الرهان الكبير المطروح الآن، هو تقديم الأجوبة المناسبة لتطلعات المواطنين، حتى يلمسوا التغيير في معيشهم اليومي، وذلك هو بالضبط الرهان المطروح على عاتق الحكومة الجديدة، المعلقة عليها آمال شعبية كبيرة جدا. وعبر الناصري أن حظوظ نجاح التجربة الحكومة الجديدة قائمة الذات، ترتبط أساس بشروط تتعلق بجودة اختيار أعضاء الحكومة لانتقاء أحسن «البروفايلات» في أحزاب التحالف الحكومي، والقدرة على بلورة روح تضامن حكومي حقيقية، وبالإرادة القوية في إقامة جسور الثقة والتعاون بين مكوناتها ومع المؤسسات الدستورية الأخرى. متوقعا أن تكون هذه المرحلة الحكومية «صعبة» نظرا لحجم التحديات، ولكنها مرحلة مرشحة للنجاح. وشدد الناصري أن حزب التقدم والاشتراكية، المشارك في التحالف الحكومي الجديد، الذي يشغل عضوية مكتبه السياسي، سيجتهد، قدر المستطاع، لتوفير كل شروط هذا النجاح، إيمانا منه بأن المسؤولية الوطنية تفرض مساعدة هذه الحكومة على التوفق في مباشرة مهامها. واستطرد بالقول «إن كل حسابات أخرى لن تكون إلا مقاربات سياسوية غير مأمونة العواقب». وانطلاقا من تجربته الحكومية، يؤكد خالد الناصري، أن المسؤولية الحكومية تعب منهك، وخيارات صعبة، وقرارات مضنية، ومجهود جبار، ومساءلة يومية. وليست كما يمكن أن يتصورها البعض «نزهة في جنان عطرة، أو تجوال في طريق سيار ومفروش بالورود». ويضيف بالقول «ليس هناك فريق حكومي يجد الطريق سالكا أمامه». والحكومة الجديدة، بحسبه، سيكون عليها مواصلة أوراش الإصلاحات وليس البدء من الصفر، وبالتالي سيكون عليها تعميق تلك الإصلاحات بالذهاب أبعد مما تمكنت الحكومة المنتهية ولايتها. وأعرب عن يقينه أن التركيبة البشرية الجديدة في مجلس النواب ستكون محملة برغبة أكيدة في التحسين. مشيرا في نفس السياق إلى ثقته في قوى التغيير الصادقة، سواء كانت تنتمي إلى العائلة الديمقراطية العادية أو إلى قوى أخرى تنخرط فعليا في ورش الإصلاحات. ويتوقع الخبير الدستوري حدوث اصطدامات، تحت قبة البرلمان، بين قوى تريد الذهاب إلى الأمام بروح من الإقدام والمسؤولية، من جهة، وأخرى هدفها كبح هذه التجربة الجديدة. مبرزا أن الأخيرة ستوظف لتلك الغاية كل ما لديها من وسائل «الشعبوية والديماغوجية والإحباط»، على غرار المؤشرات الأولية التي حدثت في جلستي مجلس النواب المخصصتين لانتخاب الرئيس وتعيين الفرق البرلمانية، حيث تبارى البعض في اللجوء إلى نقاشات سفسطائية لا ترقى بالنقاش الديمقراطي النزيه إلى مراتبه اللائقة. وقلل الناصري من التخوف من صعود الإسلاميين في أقطار عديدة، من بينها المغرب، إلى تسيير الشأن العام، وقال «كانت هناك تخوفات جدية ومشروعة من التيارات الإسلامية، لأن جزءا غير يسير منها مرجعيته وخطاباته وممارساته بعيدة عن القيم الديمقراطية. واستطرد أن حزب العدالة والتنمية، الذي يقود التحالف الحكومي الجديد، بالرغم من ممارسة خطاب لم يكن يتسم دائما بالوضوح الكافي في الماضي، إلا أنه مع طور منظومته، ورفع عددا من الالتباسات من أجل إنضاج مقارباته الفكرية، التي جعلت عددا من قيادييه أقرب إلى منطق المسؤولية السياسية. وأوضح أن القوى الديمقراطية والتقدمية، عليها أن نستخرج الخلاصة من قرار الشعب بمنحه الثقة، ودعم هذه التجربة الجديدة، وتوفير شروط النجاح لها، بعيدا عن الدوغمائية الفكرية، أو السقوط في نوع في ما أسماه «السذاجة أو السطحية».