في ظل الوضع المتأزم الذي تعشيه أغلب الأندية الوطنية، وأمام سوء التسيير الذي تعرفه، وبعد وصول أغلبها إلى حافة الإفلاس، أضف إلى ذلك عدم القدرة على تكوين اللاعبين، والعجز عن إفراز نخب جديدة على مستوى التدبير، أصبح لازما إيجاد حلول بديلة، قادرة على ضمان مسار متوازن لكرة القدم الوطنية… هذا المعطى الحقيقي، تحول إلى قناعة راسخة لدى مختلف أجهزة الدولة، في وقت تبين فيه البون الشاسع، بين ما هو معمول به دوليا، وواقع محلي يعج بالكثير من النماذج السيئة والمحبطة… واقع جد سيء، يعج بالكثير من حالات التسيب والتجاوزات، والعجز الكلي عن تقديم نموذج قادر على العطاء، إذ أصبح الشغل الشاغل لأغلب مسيري الأندية والفرق، هو البحث عن اللاعب الجاهز، وإبرام صفقات، أغلبها بطرق ملتوية، وغير واضحة تماما…. وكدليل أيضا على وصول نوع من التسيير داخل الأندية، إلى مرحلة لا يمكن أبدا استمرارها، لجوء المنتخبات الوطنية إلى البحث عن لاعبين جاهزين، ذوي أصول مغربية، بمختلف الدول الأوروبية؛ ليس فقط على مستوى المنتخب الأول، بل امتد ذلك إلى كل الفئات السنية ذكورا وإناثا؛ وهذا ما ولد قناعة راسخة، تقضي بضرورة البحث عن آفاق أخرى، وجعل كرة القدم الوطنية التي أبهرت العالم خلال مونديال قطر، تتوفر على أرضية صلبة ضامنة الاستمرارية المطلوبة، بنفس القيمة، وجعل التكوين المحلي، قادرا على إنتاج مواهب محلية، بنفس مستويات التكوين، المعلوم به مختلف الأكاديميات، ومراكز التكوين بالقارة العجوز… في هذا الإطار جاءت تعليمات ملكية سامية، تقضي بإحداث مشروع جديد، تبنته جامعة كرة القدم، والهدف منه إحداث ثورة في مجال التكوين، وتحويل المغرب في العشر سنوات القادمة، إلى مصدر لتفريخ المواهب الكروية، بمختلف الأعمار ومن الجنسين… يبنى هذا المشروع، على إحداث شركة مغربية خاصة، بشراكة بين جامعة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ومؤسسة المكتب الشريف للفوسفاط، ومتدخلين آخرين، مهمتها تكوين وإعداد جيل جديد من اللاعبين الناشئين، بمختلف الجهات والمناطق… وفي تعريف مختصر لعمل هذا المشروع الكبير والطموح، فإن هذا الشركة الوطنية ستنكب على مسألة تكوين اللاعبين وتدريبهم، أما الأندية التي سيكون انخراطها في هذا المشروع، بصفة تطوعية وليست إلزامية، لتتفرغ كليا لتدير فريقها الأول فقط، بينما ستتكفل الشركة بتكوين وتدريب واكتشاف اللاعبين الموهوبين، وذلك بالاعتماد على أطر وكفاءات مختصة، ذات مستوى عال، سواء أكانت وطنية أم أجنبية، المهم أن الكفاءة لا جنسية لها… وحسب ما هو مبرمج، فإن هذا المشروع الوطني الكبير، سيدخل حيز التطبيق بداية من شهر يوليوز القادم، حيث ستنكب الشركة المحدثة أخيرا، بتكوين اللاعبين بجميع مناطق المغرب، وفق استراتيجية موحدة في مناهج التكوين، عبر اعتماد أطر عليا، تتمتع بتكوين خاص، ومستويات دراسية أكاديمية، ومناهج، تقود بالضرورة إلى إنتاج ممارس محترف، يتمتع بمستوى معرفي وتحصيلي من المستوى العالي، ومتوازن في عطائه وتفكيره، وفق أحدث أساليب التكوين والتأطير … والأكيد أن كرة القدم الوطنية، ستكون هي المستفيد الأول من هذا المشروع الضخم، وخاصة الأندية التي ستكون أمام فرصة للاستفادة من هذه المواهب، وفق تعاقد خاص، يعفيها من البحث عن لاعبين جاهزين، بمبالغ غير قادرة على تسديدها فيما بعد… تجدر الإشارة في الأخير إلى أن هذه الشركة المحدثة بأمر ملكي سام تحمل اسم "OCP Sport Development" برأس مال وطني مهم، في ملكية مؤسسة المكتب الشريف للفوسفاط، ومساهمين وطنيين آخرين، وكل الأمل أن تمنح كرة القدم الوطنية الرياضة التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى خيار استراتيجي للدولة؛ وركيزة أساسية يبنى عليها حضور مغربي قوي على الساحة الدولية…