منذ أن انطلق بها العمل سنة 2009، تعرضت أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، الخاصة بتكوين اللاعبين، للكثير من الملاحظات والانتقادات، بل ذهب بعض العدميين، إلى التساؤل حول الجدوى من وجودها أساسا، مادامت لم تف بالغرض، وافتقادها السرعة في تفريخ المواهب الشابة، المكونة على أعلى مستوى. وإذا كانت بعض هذه الملاحظات أو الانتقادات، تبقى نسبيا موضوعية، بحكم التأخر في العطاء، لأسباب مختلفة، بل عادية بالنظر إلى حداثة التجربة، إلا أن الكثير من الأصوات المعارضة، انطلقت كالعادة من حسابات شخصية، ونظرة ضيقة تغلب الهاجس النفعي، أكثر من التفكير في المصلحة العامة. فوجود منشأة كبيرة من هذا الحجم، يعتبر ضرورة ملحة بالنظر إلى أهمية التكوين، على أسس علمية صحيحة وبطرق حديثة، تمزج بين الجانب الرياضي والدراسي، كما تساهم في إنتاج مواهب واعدة وبشخصية متوازنة. فبعد عقد من الاشتغال، وإتباع نمط مختلف عما سبق، بدأت النتائج تظهر تباعا، إذ استطاعت أكاديمية محمد السادس، إنتاج لاعبين متميزين، فرضوا مكانتهم بكثير من الاستحقاقات وشهادات التقدير والإعجاب، بأهم الدوريات على الصعيد الأوروبي، بل منهم من تحول بسرعة، إلى عنصر أساسي داخل الفريق الوطني المغربي، كما هو الحال، بالنسبة للمهاجم يوسف النصيري، والمدافع نايف اكرد. ولعل أجمل المفاجآت تلك التي جاءتنا نهاية الأسبوع من إسبانيا، وبالضبط من الكبير نادي برشلونة، الساعي إلى استعادة مكانته الرائدة أوروبيا ودوليا. فقد ساهم المغربيان عبد الصمد الزلزولي وإلياس أخوماش خريجا أكاديمية محمد السادس، في أول فوز يحققه المدرب الجديد لنادي برشلونة الإسباني تشافي هيرنانديز على الجار إسبانيول (1-0) ضمن منافسات المرحلة عشرة من الدوري المحلي. وليس هذا فحسب، فأداء النادي الكطلاني، استطاع خلال هذه المباراة، استعادة طابعه الخاص، والمتمثل، في أسلوب «تيكي-تاكا»، وهذا الأداء المرجعي، كان من إبداع لاعبين متميزين من بينهم الوجهين الجديدين، هما المغربيين الزلزولي وأخوماش، اللذان كانا في مستوى الثقة التي وضعها فيهما تشافي. فالمدرب العائد لناديه الأصلي، وهذه المرة كمدرب، وصف أداء الزلزولي بالاستثنائي، كما لاحظ تمتعه بخاصية الثقة بالنفس، والجرأة في الهجوم، ولديه الكثير من القدرات بشكل غير عادي، تماما كمواطنه إلياس وجافي ونيكو وبيدري وباقي اللاعبين القدامى، والوصف دائما للشافي. هكذا تأكد بالملموس أن التكوين أصبح يتطلب مناهج علمية وتخطيط مدروس وتوازن في الاشتغال، وهى الأسس التي انعكست على قيمة المواهب التي أنتجتها الأكاديمية الأولى من نوعها على الصعيد الوطني، قادرة على فرض مكانتها حتى داخل الاحتراف الأوروبي، والأكثر من ذلك في سن مبكرة.