تحتفل ملتقيات الرباط للفوتوغرافيا هذه السنة بنسختها السادسة تحت عنوان «حكايات صمود». وتعرف هذه الدورة مشاركة حساسيات فوتوغرافية التقطت بحدسها وتجربتها فكرة «الصمود» في تجلياتها المختلفة في عالم اتسم منذ أوائل القرن الحادي والعشرين بالصراعات والأزمات السياسية والاضطرابات المناخية والكوارث الطبيعية والهجرة القسرية والأزمات الصحية ولا سيما وباء كوفيد 19 وزلزال الحوز. وتجسد فكرة الصمود هذه، بحسب بلاغ المنظمين، قدرة الطبيعة على شفاء الجراح التي أحدثها الإنسان فيها وعلى إحياء الحياة في ظروف معادية. «إن الصمود هو ترياق ضد الشدائد والفوضى. إنه يلعب دورا أساسيا في الصراع بين التدمير وإعادة البناء وبين التدهور والإصلاح وبين عدم الاستقرار والتوازن وبين الانتظام وزيادة الاضطراب؛ وباختصار شديد بين الموت والبقاء». وتنظم الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي هذه الملتقيات بدعم من مجموعة من الشركاء كوزارة الشباب والثقافة والتواصل، ومجلس الجالية المغربية بالخارج، ومؤسسة CDG، والهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء وموسم (مركز نوماد للفنون) ببروكسل/بلجيكا، وقاعة العرض نيگبوس NegPos بنيم/فرنسا، وكذلك بيت الشعر في المغرب. وتقام هذه الأنشطة في الفترة الممتدة ما بين فترة 5 أكتوبر و2 نونبر 2023. مما سيتيح لعشاق الفوتوغرافيا وممارسيها بحسب المنظمين، الاستمتاع ببرنامج غني ومتنوع؛ يشمل معارض ولقاءات مع الجمهور، مائدة مستديرة حول موضوع «كيف يمكن أن نفكر في الفوتوغرافيا الإفريقية اليوم؟» وعروض فوتوغرافية و»ماراطون فوتوغرافيا الرباط» المخصص للمواهب الفوتوغرافية الشابة بالإضافة إلى أمسية شعرية تحتفي بالحس الرقيق والذوق الرفيع. وستقام هذه الأنشطة الآسرة بكل من قاعة العرض الوطنية باب الرواح وفضاء سينما الأطلس. استحضار لمختلف الأحداث إن المشاركين في النسخة السادسة من ملتقيات الرباط للفوتوغرافيا، مدعوين لتناول ما توحي إليهم كلمة: «صمود»، مع استحضار مختلف الأحداث الهامة التي شهدها الربع الأول من القرن الحادي والعشرين (21). والذي تميز بالحروب والاضطرابات السياسية والاقتصادية، واضطراب المناخ والحرائق والفيضانات، والزلازل والتلوث والنزوح والتهجير القسري للأشخاص، والأزمات الصحية والأوبئة وعمليات الحجز المرتبطة بكوفيد 19 وزلزال الحوز، إلخ. لكن في الوقت نفسه، مدعوون إلى إبراز مدى أهمية المرونة في التعاطي مع تلك الظواهر. إن أصل مصطلح «الصمود»، من الناحية اللغوية، يرجع إلى حقل دلالي ناطق باللغة الإنجليزية ويفيد ما معناه «حقيقة الارتداد». هذا المصطلح له مرادفات: كالقوة والتكيف والمقاومة والتحمل. إن تعريفات القواميس تتعدد بشأن هذه الكلمة، لكنها تكاد تتفق حول التعريف التالي: الصمود هو قدرة الفرد على بناء الذات والتكيف والعيش بأفضل شكل ممكن على الرغم من الظروف الصعبة. وبالتالي فإن الصمود هو قدرة الشخص أو قوته الأخلاقية على عدم السماح للإحباط بالتغلب عليه على الرغم من السياق المجهد أو الصادم (عائلي، اجتماعي، وطني، دولي،…). يعرف مكتب الأممالمتحدة للحد من مخاطر الكوارث (UNDRR)، الذي يعمل على الحد من تأثير الخسائر الناجمة عن الكوارث، الصمود بأنه «قدرة نظام أو جماعة أو مجتمع معرض للمخاطر على مقاومة ودرئ آثار المخاطر (…)». إن مفهوم الصمود مستعمل في مختلف المجالات. ففي مجال الحوسبة على سبيل المثال، يفيد «قدرة نظام أو تطبيق ما على مواصلة العمل في حالة الفشل». وفي علم البيئة، هو «قدرة النظام البيئي على العودة إلى حالة التوازن بعد تعرضه لحدث استثنائي»: إن الأرض تصير صامدة عندما تنهض من رمادها وعندما تستعيد خصوبتها بعد فعل دمار أو حريق أو فيضان. إن الصمود يعيد إلى الأذهان حالة طائر الفنيك، أي ذلك الطائر الأسطوري المعروف بتجدد ولادته من رماده بعد وفاته. وعندما نقول إن «الطبيعة تستعيد حقوقها»، فهذا يعني أنها ستنتهي يوما ما بشفاء الجراح التي أحدثها الإنسان فيها. إن الصمود بهذا المعنى هو عندما نرى التربة تزدهر بعد سنوات من الجفاف الشديد. أليس هذا هو الدرس العظيم الذي تلقننا إياه النباتات التي تنمو مباشرة من الصخر. إن الصمود ترياق ضد الشدائد والفوضى، وهو أيضا جزءا من الصراع بين التدمير وإعادة البناء، بين التدهور والإصلاح، بين عدم الاستقرار والتوازن، وبين الانتظام وزيادة الاضطراب وما إلى ذلك، باختصار، بين الموت والحياة. فضح البشاعات يشكل اختيار الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي ل»حكايات صمود» كموضوع للدورة السادسة لملتقيات الرباط للفوتوغرافيا، محطة جديدة تنضاف إلى التزامها وانخراطها في النقاش الدائر حول قضايا عالمنا الراهن وخاصة عن وجود الكائن البشري ومصيره في هذا الكوكب. وانطلاقا من هذا القلق الوجودي والفضول الفني، يمكن تأمل منجز الفنانين الفوتوغرافيين وكذا الفنانين البصريين المشاركين في هذه الدورة، والذين رغم تعدد مقارباتهم وعدتهم الفوتوغرافية يتهاجرون في مقترحاتهم البصرية وتعبيراتهم الفنية. وذلك من خلال فضحهم للبشاعات التي نعيشها في زمننا الحاضر، وأيضا من خلال التعبير بنظرتهم عن حالات التأقلم والصمود وعن مواقف التكيف مع الصعاب ومع التقلبات التي تفرضها علينا إيقاعات مجتمعنا المعاصر. إن منجز هؤلاء الفنانين، سواء من خلال أشكاله الإبداعية التجريبية أو معادلاته الفكرية الطلائعية، يمثل بحق وقفة تأمل في الوضع الراهن للإنسان المعاصر وأزماته وانكساراته وخيباته. ثم إنه في الوقت نفسه، يجسد مناشدة لبعث الآمال في النفوس والتطلع لآفاق جديدة والتَمَسُّك بالحق الطبيعي للإنسان في الحياة. هكذا، تتوزع أعمال المشاركين في معرض هذه الدورة، بحسب اللجنة المنظمة، بين صور تتبنى تضميد الجراح بغية الانبعاث من جديد (نسرين السفار وكريمة حجي) واختيار التصدي للكوارث الطبيعية ومكافحة آثارها (هند شَوَّاط، كريستيان بَارْبِي وسولاي أبدولاي) ودعوة لتحدي الأزمات الصحية (كوفيد 19) أو الذاتية التي تباغتنا في الحياة لمنح وجودنا استمرارا (دياباتي فاتوماتي، نبيلة حليم وأليكسس مانشيون) ونهجا للمقاومة من أجل ضمان الحق في العيش (موسى كالابُّو، موسى توري، بشير أمل وماساو كا دي جنيور) واختيارا لأسلوب الرَّسْكَلَة للانتصار على ثقافة الاستهلاك (فَانْتَا دْيَارَا) ومساءلة الذاكرة الجمعية للتغلب على النسيان وعوادي الدهر (فاطمة مزموز وعز الدين عبد الوهابي) وأسلوبا توثيقيا لتشخيص وضع اجتماعي واقتصادي (إبراهيم بنكيران وشابلي ألكسندر). وأوضحت الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي أنه باختيار مفهوم «الصمود» وتجلياته في حياتنا اليومية وأيضا أشكال تمظهراته سواء في ذواتنا أو في مجتمعاتنا، لا يعتبر اهتماما من باب الترف الفني أو حتى الفكري، وإنما نابع من وعيها وانخراطها المسؤول ب /في التحولات السريعة والماكرة التي يشهدها عالمنا المعاصر الموشوم بالهجانة والأنانية والشعبوية وكذلك الاستهتار بكل الأشياء والحيوات. ولم تفت الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي، بمناسبة تنظيم معرض هذه الدورة فرصة، للترحم «على الأرواح التي غادرتنا على إثر الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب وأيضا تحية لكل المكلومين على صمودهم الرائع وعلى تآزر المغاربة الخلاق؛ فإليهم منا كل الاحترام والإجلال. ذلك لأننا نعتبر الفن، وضمنه الفوتوغرافيا، قادر هو الآخر على خلق الشعور بالأمل في الحياة وعلى الانخراط في تشييد مستقبل خالي من المساحيق. وهذا الأمر ليس أمرا مستعصيا إذا عمل الفوتوغرافي على إنجاز منجزا فوتوغرافيا يقوم جوهره الأساس على اللايقين وعلى تجاوز الفوتوغرافيا المُنَمَّطَة والمُطَمْئِنَة»، تقول الورقة التقديمية للجمعية. الفوتوغرافيا الإفريقية ارتأت الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي، أن تنظم خلال هذه الدورة، مائدة مستديرة حول الفوتوغرافيا الإفريقية، ومما جاء في الورقة التقديمية: «إن إعادة إنشاء تعريف جديد خاص بالفوتوغرافيا الإفريقية اليوم، فإنه من الضروري التأكيد على البعد الإفريقي. لكن في الوقت نفسه، التحري في التحولات القائمة بين الماضي والحاضر والمستقبل بفضل التقنيات الجديدة والذكاء الاصطناعي التوليدي وإنتاج الصور والرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs). إننا نعيش اليوم نقطة تحول مثيرة في تاريخ الفوتوغرافيا الإفريقية. تحول يمنحنا فرصة تبادل الأفكار ووجهات النظر واستشراف مستقبل زاخر بالتطور والإثارة وتحدي الأعراف الراسخة. وقد حان الوقت لاغتنام هذه الفرصة من أجل تشكيل مشهد فوتوغرافي إفريقي ديناميكي وشامل. تتمتع الفوتوغرافيا الإفريقية بثراء وتنوع يستحق الاحتفاء به. فقبل الغوص في الإمكانيات التي توفرها التقنيات الحديثة، من المهم التعرف على الأسس التي تقوم عليها استكشافاتنا الحالية. يجب أن نشيد بالرواد والحركات الفنية والموضوعات المتكررة التي شكلت الفوتوغرافيا الإفريقية بالأمس، حيث وضعوا الأساس لفهمنا اليوم. إن حديثنا عن الفوتوغرافيا الإفريقية اليوم، هو حديث عن ظهور أصوات ووجهات نظر جديدة. ذلك لأن الفوتوغرافيون الأفارقة المعاصرون يقدمون للمشاهد قصصا قوية وأصيلة ومتعددة الأبعاد. لكن رغم ذلك، يجب علينا أن نستحضر حجم التحديات التي يواجهونها سواء من حيث إعادة التمثيل أو سرد القصص أو النشر والترويج. علينا أن نثير سؤال، كيف يمكننا دعم هؤلاء الفنانين والترويج لأعمالهم في عالم دائم التغير؟ وهنا يأتي دور التقنيات الجديدة والذكاء الاصطناعي التوليدي. فهذا الأخير يوفر، من خلال أدواته المبتكرة، إمكانيات جديدة لإعادة التفكير في أشكال الفن وخلق وجهات نظر فريدة. إنه يفتح الأبواب أمام التجريب والإبداع وإعادة تجديد الفوتوغرافيا الإفريقية. ويتعين علينا أن نستكشف معا كيفية استخدامها بطريقة مسؤولة وأخلاقية، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه التكنولوجيات ليست غاية في حد ذاتها، ولكنها وسيلة لمساعدتنا في تجاوز الحدود التقليدية. علاوة على ذلك، لا يمكننا أن نتجاهل تأثير NFTs في مجال الفوتوغرافيا الإفريقية. فهذه الرموز غير القابلة للاستبدال تتمتع بقدرة على إحداث ثورة في الملكية الفكرية والقيمة الفنية والفرص الاقتصادية للفوتوغرافيين الأفارقة. ومع ذلك، نحتاج دائما التفكير في الآثار الاجتماعية والثقافية والبيئية لهذه التكنولوجيا الناشئة. دعونا ننظر إلى المستقبل، وإلى كيف يمكننا دعم وتشجيع الفوتوغرافيا الإفريقية في السنوات القادمة؟ إن تحقيق هذا التطلع، يتطلب تعاونا بين الفنانين والباحثين والمؤسسات وجماع الأعمال الفنية وصناع القرار. كما يتطلب توفير التمويل الكافي، وتعزيز بنى التعليم والتدريب، وخلق المساحات التي تمنح للمواهب الإفريقية الناشئة صوتا ورؤية». يذكر أن الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي تأسست في 18 دجنبر 1988، لتمثل بذلك بداية مغامرة غنية ومتنوعة في عالم التصوير الفوتوغرافي المغربي والعالمي. ومنذ تأسيسها، لعبت الجمعية، كمؤسسة ثقافية وفنية لمت حولها ممارسين هواة متحمسين ومحترفين متمرسين، دورا بارزا في التربية على الفوتوغرافيا الفنية وعلى تطوير وإثراء الثقافة الفوتوغرافية في المجتمع المغربي. وخلال مسارها هذا، نظمت الجمعية وبانتظام مجموعة من المعارض الفردية والجماعية، كما أشرفت على تنظيم ورشات تكوينية بمختلف ربوع المغرب. كما أنشأت جوائز للفوتوغرافيين الناشئين من ضمنها «ماراطون الرباط للفوتوغرافيا». هذا، فضلا عن تنظيم ندوات ولقاءات داخل المغرب وخارجه. ومن بين أبرز أنشطتها، الحدث السنوي المعنون ب»لقاءات الرباط للفوتوغرافيا» الذي نال شهرة كبيرة باعتباره لقاءا فوتوغرافيا تلتم حوله مختلف الحساسيات والأعمار والبلدان والأجناس. *** برنامج الدورة: – يوم 5 أكتوبر 2023، ستتميز عشية هذا اليوم بالافتتاح الرسمي لملتقيات الرباط للفوتوغرافيا وذلك على الساعة 6 مساء بالرواق الوطني باب الرواح. – يوم 6 أكتوبر 2023 على الساعة 11 صباحا، مائدة مستديرة في موضوع: «كيف يمكن أن نعيد التفكير في الفوتوغرافيا الإفريقية اليوم؟» بالقاعة الوطنية باب الرواح. بعد ذلك، تليها عروض لصور فوتوغرافية على الساعة الرابعة بعد الزوال بفضاء سينما الأطلس. – يوم 13 أكتوبر 2023 على الساعة 6 مساءً أمسية شعرية/الغرفة المضيئة بالقاعة الوطنية باب الرواح. – يوم 24 أكتوبر 2023 على الساعة 6 مساء، حفل توزيع جوائز «ماراطون فوتوغرافيا الرباط» بالقاعة الوطنية باب الرواح. قائمة الفنانين العارضين عبد الوهابي عز الدين (المغرب –فرنسا) أمل بشير (الدارالبيضاء -المغرب) باربي كريستيان (فرنسا) بنكيران إبراهيم (المغرب) وشابلييه ألكسندر (فرنسا) شواط هند (المغرب) دياباتي فاتوماتا (مالي – فرنسا) ديارا فانتا (مالي) كالابو موسى (مالي-فرنسا) حجي كريمة (المغرب -بلجيكا) ألكسيس مانشيون (فرنسا) كا ماسو ديت جونيو (السنغال) مزموز فاطمة (المغرب -فرنسا) حليم نبيلة (المغرب -فرنسا) صفار نسرين (المغرب -فرنسا) سولاي سليماني (النيجر) تورية موسى (السنغال) *** قائمة المشاركين في العروض الفوتوغرافية مزموز فاطمة (المغرب – فرنسا) صفار نسرين (المغرب – فرنسا) توريه موسى (السنغال) قائمة المشاركين في المائدة المستديرة ماكا كوتو (كندا – الكاميرون) أوديل بلين ميريام (فرنسا) أولاد علا محمد (المغرب)