جلسة ماراطونية تطوي قصة أحداث أركانة وحكم الإعدام يريح عائلات الضحايا استأنف الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط، الحكم الصادر في حق سبعة من المتهمين في الاعتداء الإرهابي على مقهى «أركانة» بمراكش، وذلك بعد أن قضت هيئة الحكم بغرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بقضايا الإرهاب بملحقة محكمة الاستئناف بسلا، مساء يوم الجمعة الماضي، في حقهم بأحكام تتراوح بين سنتين وأربع سنوات سجنا. وكانت المحكمة قد أصدرت حكما بالإعدام في حق عادل العثماني، المتهم الرئيسي في الاعتداء الذي الذي أودى بحياة سبعة عشرة مواطنا مغربيا وأجنبيا أغلبهم فرنسيين وجرح أكثر من عشرين آخرين، فيما قضت بالسجن المؤبد في حق حكيم الداح، كما قررت في حق كليهما بأداء تعويض مدني لفائدة الضحايا المغاربة يتراوح بين 15 ألف و30 ألف درهم. فيما قضت بأربع سنوات سجنا نافذا في حق كل من وديع سقيريبة وإبراهيم الشركاوي،وعبد الصمد بيطار وعز الدين لشداري،وسنتين سجنا نافذا في حق كل من محمد رضى وعبد الفتاح ديهاج ومحمد نجيمي الذي كان يتابع في حالة سراح. وربط مراقبون قرار الوكيل العام باستئناف هذه الأحكام بعد أقل من أربعة وعشرين ساعة على النطق بها، بردود الفعل الصادرة عن عائلات الضحايا الفرنسيين والتي عبروا فيها عن استيائهم وغضبهم الشديد اتجاه الأحكام الصادرة في حق المتهمين السبعة واصفين إياها بأنها أحكام «مخففة وغير رادعة ولم تكن في حجم الأفعال التي تورط في اقترافها المتابعون». هذا، ويلاحظ أن الأحكام الصادرة في حق المتهمين السبعة لم ترق لأي طرف في القضية سواء النيابة العامة أوعائلات الضحايا، أو أسر المتهمين، إذ بمجرد إعلان القاضي حميد بايا عن العقوبات التي قضت بها هيئة الحكم، بعد مداولات استمرت لأكثر من خمس ساعات، حتى تعالت الأصوات بالصراخ داخل القاعة، خاصة من جانب أسر المتهمين الذين اعتبروا أبناءهم أبرياء والأحكام جد قاسية، في حين عبر عدد من أسر الضحايا من الفرنسيين، عن ارتياحهم لأحكام التي قضت بها المحكمة في حق كل من عادل العثماني وحكيم الداح، كما عبروا أيضا عن شعورهم بالغضب اتجاه الأحكام الأخرى الصادرة في حق سبعة من المتهمين. استياء عائلات الضحايا الفرنسيين اتجاه الأحكام الصادرة في حق سبعة من المتهمين واعتبرت عائلات الضحايا الفرنسيين في تصريح للصحافة «أن الأحكام بمثابة فضيحة بالنسبة للقضاء المغربي الذي لم ينصفهم اتجاه المتورطين، بل ويعد بمثابة تشجيع على اقتراف مثل هذه الأعمال» حسب تعبير باسكال دويان قريب أحد الضحايا. أما المحامي ذ.محمد صادقو عن هيئة دفاع الأضناء، اعتبر الأحكام الصادرة في حق موكليه قاسية على اعتبار انتفاء القرائن التي تثبت بشكل قاطع تورط المتهمين، قائلا «إن النيابة العامة باعتبارها محرك الدعوى العمومية فمن حقها استئناف الحكم، مادامت تعتبر أن المحكمة لم تستجب لملتمساتها، كما هو الشأن بالنسبة لنا كدفاع الحق في القيام بذات الأمر». وأشار من جانب آخر، إلى أن الملف يأتي في ظرفية اجتماعية وسياسية حساسة، وأن المحكمة لم تراع قرينة البراءة، وأن ممثل الحق العام لم يأت في مرافعته بأي حجة مادية على ارتكاب موكليه الأفعال المنسوبة إليهم. في حين، قال المحامي حسن محب، دفاع المتهم الرئيسي عادل العثماني، إن الأحكام الصادرة قاسية وأن الحكم بالإعدام في حق موكله هو حكم مخالف لحقوق الإنسان ولما تضمنه الدستور الجديد، معبرا عن الأمل في أن تعيد محكمة الاستئناف النظر في هذه الأحكام». وبدوره وصف المحامي عبيد الدين عبد الرحمان، الذي ترافع بدوره عن عادل العثماني، حكم الإعدام بالعقوبة القاسية، مستغربا استمرار القضاء المغربي في إصداره بالرغم من أنها عقوبة معطل تنفيذها منذ سنة 1993. ومن جانب آخر، أكد المتهمون الذين أعطت لهم المحكمة الكلمة الأخيرة قبل صدور الحكم، مجددا نفي أي صلة لهم بالتفجير الإرهابي بمقهى أركانة، أو اعتناقهم للفكر الجهادي أو ارتباطهم بأي جماعة جهادية وأبرزوا أن سفرهم إلى موريطانيا ومالي أو الجزائر وليبيا كان بغاية التجارة أو الهجرة السرية لا غير. هيئة دفاع المتهمين تطالب بعدم اعتماد محاضر الشرطة القضائية وطيلة أكثر من أربع ساعات، استمعت هيئة الحكم بغرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بقضايا الإرهاب بملحقة محكمة الاستئناف بسلا، مساء يوم الخميس، لمرافعات دفاع المتهم الرئيسي بالضلوع في التفجير الإرهابي على مقهى أركانة بمراكش، عادل العثماني، ودفاع باقي المتهمين في الحادث، حيث التمسوا فيها البراءة لموكليهم، مطالبين بعدم الاعتماد لإصدار الحكم على اعترافات موكليهم التي تتضمنها محاضر الشرطة القضائية، بل الأخذ بعين الاعتبار التصريحات التي أدلوا بها أمام المحكمة والتي أنكروا فيها أية صلة لهم بالاعتداء. وحاول دفاع المتهمين التسعة (عادل العثماني، حكيم الداح، وديع سقيريبة ،إبراهيم الشرقاوي وعبد الصمد بطار وعز الدين لشداري ومحمد رضى وعبد الفتاح ديهاج ،فضلا عن المتهم محمد نجيمي الذي يتابع في حالة سراح)، خلال هذه الجلسة التي عرفت حضور عائلات ضحايا الاعتداء من الفرنسيين والمغاربة وعدد من مستخدمي مقهى أركانة، تبرئة موكليهم من التهم المنسوبة إليهم المتمثلة في المس بسلامة أمن الدولة الداخلي وتكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف والترهيب والعنف والقتل العمد، وصنع واستعمال المتفجرات في إطار مشروع إرهابي وممارسة نشاط في جمعية غير مرخص لها، وعقد اجتماعات بدون ترخيص مسبق، هذا فضلا عن عدم التبليغ عن جريمة إرهابية. وذهبت هيئة الدفاع في محاولتها لدحض والتشكيك فيما اعتبرته النيابة العامة وسائل إثبات تؤكد تورط المتهمين، إلى ربط الاعتداء بأطراف وأجهزة خارجية تتربص بالمغرب، وأشارت في هذا الصدد، إلى الجزائر التي سبق لها وأن تورطت في اعتداء فندق أسني بمراكش، وأيضا ليبيا التي كانت تستضيف عبد الكريم مطيع المتورط في مقتل السياسي عمر بن جلون، مستغربة الوقائع التي حدثت قبل الاعتداء والتي من بينها اكتشاف أن أجهزة الكاميرات المثبتة بساحة جامع الفنا كلها كانت معطلة أثناء الاعتداء، هذا فضلا عن عدم عرض المحجوزات على هيئة الدفاع واعتماد محاضر الشرطة كأدلة و جعل مسألة اعتناق الفكر الجهادي تهمة بالرغم من أن القانون المغربي لا يعتبرها كذلك. وفي هذا السياق، التمس المحامي حسن محب عن هيئة آسفي، والذي ينوب عن المتهم الرئيسي عادل العثماني البراءة لموكله، واستبعد أن يكون له يد في الاعتداء اعتبارا لنشأته بمدينة ارتبطت عبر تاريخها الطويل بالانفتاح والتعايش، مطالبا في ذات الوقت بحضور مسؤول الشرطة العلمية أمام المحكمة كشاهد للكشف عن مزيد من الملابسات التي أفرزها التحقيق خاصة فيما يرتبط «برقاقة» الهاتف التي استعملت في جهاز التحكم عن بعد المستعمل في الانفجار. في حين أشارت أطراف هيئة الدفاع عن باقي المتهمين، إلى ما اعتبرته مظاهر للتناقض الذي تضمنته مرافعة النيابة العامة، خاصة فيما يتعلق بالاجتماع في جمعية غير مرخص لها،والإعداد لمشروع جماعي إرهابي، والاعترافات التي أدلى بها الأظناء أمام الشرطة القضائية وبالأخص أثناء مواجهة بعضهم البعض، حيث حاول الدفاع إظهار براءة موكليهم من التهم الموجهة لهم من خلال تأكيدها أن السفريات التي قام بها سواء عادل العثماني أو حيكم الداح ووديع سقيريبة وإبراهيم الشركاوي وعبد الصمد بطار وعبد الفتاح ديهاج، سواء إلى موريتانيا أو الجزائر أو مالي وليبيا وتركيا ومحاولة الالتحاق بالشيشان، تندرج كلها في إطار الهجرة السرية، ولم تكن بحثا عن الالتحاق بمعسكرات القاعدة، واستدل الدفاع على ذلك بالمتابعات التي تمت في حق بعضهم سابقا استنادا إلى هذا الأمر. واستبعدت هيئة الدفاع تخطيط المتهمين أو ضلوعهم في الاعتداء الذي يتطلب حسب رأيهم إعدادا وخبرة عالية، مبرزين أن النقاشات التي جمعت أحيانا بين المتهمين حول مناطق النزاع وقضايا الجهاد تبقى مسألة عادية. وكان ممثل النيابة العامة خالد الكردودي، في مرافعة له سابقا أمام هيئة المحكمة، قد عدد الأدلة التي تؤكد ثبوت تورط المتهمين التسعة في الاعتداء الإرهابي على مقهى أركانة، كما تؤكد سلامة الإجراءات والمساطر التي تم اتباعها سواء خلال ضبط المتهمين في حالة تلبس والاستماع إليهم، والتصريحات والاعترافات المفصلة التي أدلوا بها، خلال البحث التمهيدي والجزئي، أمام قاضي التحقيق وبحضور دفاعهم،ونتائج الخبرات المنجزة من قبل الشرطة العلمية والقرائن، هذا فضلا عن تطابق التصريحات المتضمنة في صك الاتهام أثناء مواجهة المتهمين مع بعضهم، وشهادة الشهود بعد أدائهم اليمين أمام قاضي التحقيق، وإعادة تمثيل الجريمة وإعادة تشخيص كيفية إعداد العبوات الناسفة المستعملة في الاعتداء وجهاز التحكم عن بعد.