انتقلت إلى جوار ربها، يوم الجمعة الماضي بإحدى المصحات الخاصة بالعاصمة الرباط، الإعلامية الرائدة، وأيقونة الإذاعة الوطنية مليكة الملياني التي اشتهرت قيد حياتها باسم "السيدة ليلى" عن عمر ناهز ال 84 سنة. وقد كرست الفقيدة حياتها لخدمة قضايا المرأة المغربية، حيث كانت من أوائل المدافعات عن حقوق المرأة، وقضاياها الأساسية منذ خمسينيات القرن الماضي، بالإصافة إلى كونها واحدة من النساء اللواتي ارتبط اسمهن بالحركة الوطنية وبمقاومة الاستعمار الفرنسي. "السيدة ليلى" الصوت الإذاعي الذي عاش معه أجيال من المستمعين والمستمعات، سيظل موشوما في الذاكرة، وستبقى بصماته عالقة في الوجدان، فهي لم تكن فقط إذاعية، تنشط البرامج، لكنها كانت تلك المرأة الحاملة لمشروع ولرسالة اجتماعية، وكانت مهمتها التي أتقنتها بحرفية عالية التركيز على محورية وأهمية الأسرة في المجتمع، وتناول كل ما يرتبط بها من تربية صحية، واجتماعية، حيث كانت تحمل على عاتقها رسالة التوعية والتحسيس ببعض المواضيع التي لم يكن من السهل التطرق إليها حينذاك وفي مقدمتها التحسيس بمخاطر الأمراض المنقولة جنسيا، وتحديد النسل وغيرها من المواضيع التي يحسب لها أنها كانت من أوائل من تطرق لها في برامج إذاعية، وذلك من خلال عدد من الأعمال والبرامج التي بصمت عليها الراحلة من ضمنها: "للنساء فقط "، ثم "دنيا المرأة "، و"أنا عندي مشكلة " و"بريد الأسرة "، و "مع الأسرة "… يشار إلى أن سيدة الميكروفون رأت النور بدرب "الحمام الجديد" بمدينة مكناس، عام 1939، ودرست في كتاب مولاي رشيد المنوني، ثم مدرسة السقاط، وثانوية النهضة، ومنها إلى ثانوية محمد الخامس بالعاصمة الرباط التي شكلت بالنسبة إليها جسرا مهد لها المشاركة في تظاهرة مطالبة بعودة السلطان محمد الخامس من المنفى، من خلال المبادرة إلى تسليم رسالة بهذا الخصوص إلى المقيم العام الفرنسي. وكانت الراحلة قد التحقت بالإذاعة الوطنية سنة 1958 وعمرها لم يتجاوز 19 سنة، وهي أول صوت إذاعي نسوي رافق المستمعين المغاربة لما يزيد عن نصف قرن من الزمن. من عاشر السيدة ليلى عن قرب، من زميلاتها وزملائها في الإذاعة الوطنية وفي المشهد الإعلامي عموما، يعرفون أن الابتسامة لم تكن تفارق محياها، كما يعرفون خفة روحها ومسحتها الطيبة، وكان الناس يحبونها دون أن يروها، وكانوا ينتظرون، بشغف، صوتها المميز عبر الأثير كل صباح. رحمها الله وأسكنها فسيح الجنان وتعازينا الحارة لأسرتها ولكل الزميلات والزملاء الإعلاميين.