مسيرة لاعب مثالي... بأزقة مدينة وجدة بدأ زكرياء الزروالي مداعبة الكرة المستديرة، انطلاقة مشواره الرياضي كانت مشابهة للكثير من الحالات، وانضم زكرياء لأحد فرق الأحياء بالمدينة الشرقية ليزاول لعبته المفضل في انتظار أمل مشرق، حينها كان المرحوم يحلم كأي شاب مغربي بمستقبل كروي زاهر.. ولما لا اللعب لواحد من أكبر من الأندية المغربية؟ كان هذا قبل أن يقرر المرحوم ترك لعب الكرة بالشوارع والأزقة، ليلتحق بمدرسة تكوين نهضة بركان مسقط رأسه من أجل اكتساب المزيد من الخبرة والبحث عن فرصة تجعله لاعب كرة قدم معروف. مع الرجاء وقع على عقد حب مدى الحياة بعد سنوات من اللعب اكتسب خلالها زكرياء خبرة كروية، التحق الزروالي بفريق مولودية وجدة في موسم 2005/2004، وخلال موسم كامل قدم الزروالي أداء مميزا مع الفريق الوجدي، مما لفت إليه أنظار مجموعة من الأندية الوطنية التي تسابقت للظفر بخدماته، لينجح فريق الرجاء البيضاوي في اقتناص خدماته ويوقع مع الظهير الأيسر عقدا يمتد لخمسة مواسم. الطريف في الأمر أن أول هدف للزروالي بالقميص الأخضر، كان في شباك فريقه السابق المولودية الوجدية وأمام زملاء الأمس وبوجدة تحديدا، علما أن هدفه هذا كان واحدا من الهدفين اللذين سجلهما طيلة مسيرته مع الرجاء. مسيرة الزروالي في الرجاء كانت ناجحة، فقد أحرز في المواسم الستة التي قضاها بالقلعة الخضراء، لقب البطولة الوطنية موسم 2009، وكان أيضا ضمن الفريق الذهبي الذي توجب بلقب دوري أبطال العرب سنة 2006، واستمر المرحوم بالعطاء مع الرجاء إلى وقعت حادثة الإيقاف الشهيرة في مباراة للرجاء بالمنافسات الإفريقية، إثر ذلك اتخذ الزروالي قرار اللجوء الرياضي ببلجيكا واللعب لأحد الأندية الهاوية هناك، قبل أن يعود من جديد إلى فريق الرجاء، وبالضبط في يونيو الماضي ليوقع على عقد احترافي يربطه لموسمين مع الفريق الأخضر. ظهور قصير بزي الأسود على صعيد المنتخب الوطني، فإن قلائل من ظفروا برؤية زكرياء الزروالي بقميص أسود الأطلس، وذلك لأن مشاركاته مع الفريق الوطني كانت قليلة وتعد على رؤوس الأصابع. لكن اللاعب الرجاوي لم يكن لينسى الرابع عشر من نونبر 2009، هذا التاريخ كان إيذانا بدخول الزروالي قائمة اللاعبين الدوليين ضمن التصفيات المؤهلة إلى كأس إفريقيا للأمم وكأس العالم، وبالتحديد في مباراة المغرب والكاميرون في التصفيات المؤهلة إلى مونديال جنوب إفريقيا. حينها أعرب الزروالي كأي لاعب محلي متألق توجه له الدعوة، عن سعادته بهذه الثقة ومنحه فرصة لتشريف منتخب بلاده، غير أن رياح الإخفاق والفشل في بلوغ أي من المسابقتين، أنهت مسار اللاعب مع المنتخب الوطني. من كان بلا خطيئة فليرمها بحجر لكل إنسان خطايا و»من كان بلا خطيئة فليرمها بحجر». ولعل النقطة السوداء في حياة هذا اللاعب الذي يشهد له الجميع بالأخلاق الرفيعة، تلك العقوبة التي أبعدته عن الرجاء موسما كاملا، بسبب اعتدائه بمعية محسن متولي على الحكم المالاوي روبرت كاليوطو في لقاء الرجاء ضد بيترو أتلتيكو الأنغولي في لواندا برسم إياب دور ال 32 من دوري أبطال إفريقيا. وهو ما ترتب عنه إصدار الاتحاد الإفريقي لكرة القدم عقوبة الإيقاف في حق لاعبي الرجاء متولي والزروالي، ليجد هذا الأخير نفسه مضطرا للابتعاد عن المنافسات الإفريقية مع أي ناد لعام واحد. ولرفضه اللعب مع فريق غير الرجاء خاصة بعدما بات غير مؤهل للعب في المنافسات الإفريقية، غادر الزروالي أرض الوطن وحط الرحال بالديار البلجيكية لموسم واحد بدوري الهواة البلجيكي، قبل أن يعود لأحضان فريقه المفضل. زكريا كان يحلم بإكمال موسمه السادس الذي لم يكتمل إلا برحيله عن الكرة وزملائه وأحبابه بشكل مفاجئ. آخر الكلام آخر الكلمات التي صرح بها الفقيد لوسائل الإعلام عقب عودته من الديار البلجيكية إلى أحضان فريقه السابق، كانت معبرة للغاية عن مدى حب وتعلق هذا اللاعب بقميص الفريق الأخضر، الزروالي قال: «من الجمهور الرجاوي قررت ألا ألعب لأي فريق وطني آخر رغم أنني تلقيت العديد من العروض المغربية، وذاك ما دفعني إلى اتخاذ قرار الانتقال واللعب مع أحد أندية الهواة ببلجيكا، وهذا كان بغرض الحفاظ على علاقتي الجيدة مع جمهور الرجاء حتى لا ألعب لفريق آخر وأضطر إلى مواجهة فريقي الذي أحبه، والذي يكن لي جمهوره كل الحب والاحترام، أشكر جمهور الرجاء وأقول لهم الزروالي سيعود بقوة إن شاء الله. لكن بمساعدتكم ودعمكم». آخر ساعة في الساعات الأولى من صبيحة يوم الاثنين 3 أكتوبر 2011، صعدت روح زكرياء الزروالي إلى باريها عن سن ناهز 33 عاماً، بعد صراع قصير مع تسمم دوائي آلم به في الكبد لم يمهله أكثر من أيام قليلة، في وقت كنت إدارة الرجاء بقيادة رئيس الفريق عبد السلام حنات قد بدأت استعدادات نقلها ظهيرها الأيسر إلى الخارج لتلقي العلاج، إلا أن الأطباء لم يسمحوا بذلك لأن الأمر سيكون أخطر للزروالي وهو في تلك الحالة. الأسباب تتحدث عن تناول علبة كاملة من الدواء على مادة البرالسيتامول في أقل من يومين وهو ما لا يستطيع الجسد البشري تحمله، وأخرى تقول أن الظهير الرجاوي أصيب بفيروس في الكبد عقب مباراة للرجاء بالكاميرون، وإلى حد الساعة لم تضح أسباب هاته المأساة.