أعلن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز عن السماح للمرأة السعودية بالترشح لعضوية مجلس الشورى اعتبارا من الدورة المقبلة، كما صار بإمكانها أيضا الترشح لعضوية المجالس البلدية وتقديم المرشحين. قد تبدو مثل هذه القرارات، في لحظتنا المغربية الحالية، كأنها لاشيء، لكن في العربية السعودية يمكن اعتبارها انتصارا ولو «رمزيا» للنساء هناك، رغم أن الأمر وجد من اعتبره مجرد «خطوة صغيرة»، أو من استغرب لعدم رفع الحظر عن قيادة النساء للسيارات... في المملكة الوهابية المحافظة تحول إذن حق المرأة في قيادة السيارة إلى رمز لمعركتها من أجل المساواة، ومن ثم فإن أهمية ما أعلن عنه الملك عبد الله بن عبد العزيز هذه المرة تكمن في البعد الثقافي أساسا، حيث أن الأمر بإمكانه أن يؤسس لمسار ثقافي ومجتمعي تكون فيه مشاركة النساء في الحياة العامة وفي القرار السياسي أمرا عاديا. وعندما نعرف أن مجلس الشورى هو غير منتخب أصلا، ويتكون من 150 عضوا يعينهم الملك، والعديد من المتابعين السعوديين أنفسهم يتحدثون عن هامشية دوره في بنية السلطة السياسية في المملكة، وعندما نعرف كذلك أن المملكة نظمت أول انتخابات بلدية فقط في 2005، وذلك لاختيار نصف أعضاء المجالس البلدية، علما أن السلطات تعين النصف الآخر، وأن المرأة السعودية، بموجب ما أعلن عنه الملك عبد الله، لن تشارك في انتخابات هذا الخميس، بل في الاستحقاقات البلدية القادمة. لكل هذا إذن، فإن الخطوة السعودية إن كانت بالمقاييس الحقوقية الكونية صغيرة جدا، فهي مهمة مع ذلك ضمن الإشارات الرمزية التي مافتئ يقدمها العاهل السعودي منذ توليه الملك. من جهة ثانية، تكشف الخطوة على أن السعودية نفسها ليست في منأى عن ديناميات الانفتاح والديمقراطية التي تميز المشهد المطلبي والمجتمعي في البلدان العربية، وبالتالي، فإن الرياض بدورها مطروح عليها سؤال الإصلاح السياسي، وضرورة بلورة منظومة مؤسساتية وقانونية، تقوم على الديمقراطية وفصل السلطات وعلى قيم المساواة وحقوق الإنسان، وهي كلها قضايا ملحة أصبحت اليوم من أبرز مطالب الشعوب العربية من دون استثناء. في السعودية، يعتبر التمكين السياسي والقانوني والثقافي للمرأة من أهم المداخل المؤدية للإصلاح، وعندما تأتي خطوة، ولو صغيرة، في هذا الاتجاه، فإن ذلك يعني بداية التقاط الإشارة، ما يفرض المواصلة على نفس الدرب بشجاعة. أما في بلادنا، فإن إقدام الأنظمة العربية الموغلة في المحافظة على خطوات لم تكن متوقعة في السابق بخصوص حقوق المرأة، يفرض علينا الإصرار على ما راكمته البلاد من مكاسب، وبالتالي مواصلة الإصلاحات على طريق تعزيز مشروعنا المجتمعي الديمقراطي الحداثي القائم على حقوق الإنسان والانفتاح والمساواة ودولة القانون.