النساء يخترن الشارع للاحتجاج على خرق مبدإ المناصفة الذي أقره الدستور الجديد للمرة الثانية على التوالي تتوجه النساء المغربيات إلى الشارع للتعبير عن غضبتهن اتجاه المسار الذي اتخذه تنزيل مضامين الدستور في الجانب الخاص بالمناصفة والمساواة، واتجاه التردد الذي طبع تعامل وزارة الداخلية والأحزاب السياسية فيما يخص ولوج النساء للمناصب الانتخابية، حيث نظمت التنسيقية الوطنية النسائية وعدد من الجمعيات الحقوقية والتنموية، مساء أول أمس الاثنين، وقفة احتجاجية أمام البرلمان، رفعن خلالها شعارات تستنكر الخروقات التي طالت الفصل 19 من الدستور، والإقصاء الذي مورس في حق النساء ويتم تمريره عبر القوانين الانتخابية. الوقفة تعد إشارة واضحة من نساء الحركة النسائية بمختلف توجهاتهن السياسية، إذ أعلن عبرها عن خوضهن لمعركة حقيقية ترتبط بمصير تنزيل مقتضيات الدستور الجديد، والدفع في اتجاه الاعتراف الصريح بحقوقهن السياسية، وأكدن في هذا الصدد أنه، في حالة استمرار «نهج التخاذل» الذي أبدته النخبة السياسية اتجاه مطلبهن، واعتماد البرلمان القوانين المؤطرة للمرحلة الانتخابية في صيغتها الحالية، ستكون النتائج وخيمة على المشهد السياسي، وقد يصل الأمر إلى حد مقاطعة النساء للمسار الانتخابي برمته. وشهدت الوقفة التي رفعت خلالها لافتات تستنكر مظاهر التناقض الذي يطبع الخطاب السياسي، حيث يختلف الخطاب عن الممارسة السياسية في الميدان، (شهدت) مشاركة عدد من الفعاليات المؤسسة للحركة النسائية وعلى رأسها المناضلة أمينة لمريني إحدى مؤسسات الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب؛ والقيادية باتحاد العمل النسائي وشبكة نساء من أجل نساء، لطيفة اجبابدي، وخديجة الرباح عن الحركة من أجل المناصفة، وفوزية العسولي رئيسة فيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، وعدد من البرلمانيات... فضلا عن مصطفى المانوزي رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف ومصطفى اليزناسني العضو السابق بهيئة الإنصاف والمصالحة... وقالت أمينة لمريني، أحد الوجود البارزة للحركة النسائية وعضوة اللجنة الاستشارية للجهوية، في تصريح لبيان اليوم، «إن الوقفة تدخل في إطار دفع بلادنا للالتزام بمسألتين، الأولى تتعلق بالالتزام المبدئي بإعمال مضامين الدستور الجديد من خلال الفصل 19 الذي يرفع العراقيل التي كانت سابقا تحول أمام تبني الإجراءات التأكيدية لفائدة ولوج النساء إلى الوظائف الانتخابية، والثاني يتعلق بأهداف الألفية التي أعلن المغرب دوليا التزامه بها بل ودافع عن محاورها، علما أن هذه الأهداف تحث الدول على اتخاذ عدد من الإجراءات من أهمها أن ثلث المؤسسات المنتخبة يجب أن تكون بها نساء». وأكدت في هذا الصدد أن الدولة والأحزاب السياسية تتحمل مسؤولية إيجاد الآليات الكفيلة للوصول إلى هذا الهدف، وأردفت «بل تتحمل مسؤولية كبرى فيما يخص الوفاء بهذين الالتزامين، وإلا لن يصبح لخطاب المغرب أية مصداقية لا فيما يخص الدستور ولا فيما يخص الالتزام بأهداف الألفية». وأضافت «أن تقرير الجهوية المتقدمة الذي يعد من بين أولى التقارير ذات الطابع الوطني والذي شارك في إعداده عدد من الخبراء، فتح الباب لتوسيع تمثيلية النساء في الهيئات المنتخبة، إذ كان قد طالب بوضع مقتضى دستوري يسمح للمشرع باتخاذ إجراءات خاصة وتأكيدية لصالح النساء فيما يسمى بالتمييز الإيجابي»، مبرزة أن التعديلات التي اقترحت نصت على أن ثلث المؤسسات المنتخبة على الصعيد الجهوي يجب أن تكون من النساء، وفي اعتقادي ما يطبق على الصعيد الجهوي فهو يطبق على المستوى الوطني». ومن جهته أبرز رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف في حديث للجريدة، «أن مشاركة المنتدى في الوقفة إلى جانب النساء لا ينحصر فقط في إطار دعم الحركة النسائية في مطالبها، بل يندرج في إطار دعم الحركة الحقوقية لنفسها، على اعتبار أن المناصفة صارت مكسبا دستوريا لا يمكن السماح بالتراجع عنه «فهو سقف لا يمكن التنزال عنه أو القبول بأقل مما جاء في الدستور». واعتبر المتحدث أن المسار الذي يخص المناصفة يعد بمثابة اختبار للدولة والنخبة السياسية أمام التنزيل العملي لمضامين الدستور، قائلا «إذا قبلت النخب السياسية وحتى بعض نساء الحركة النسائية بالثلث وبأقل من المناصفة فإنهم بذلك جميعا يمسون بحق دستوري». ويعتبر رئيس المنتدى أن الأمر يتجاوز مسألة التمثيلية النسائية لكونه يرتبط بتنزيل وتفعيل والتأويل الإيجابي للدستور، «فإذا بدأنا منذ الآن في نوع من التنزيل والتفعيل لمضامين الدستور الجديد وإبداء بعض التنازلات، وإن كانت إيجابية والتي تدعو للمرحلية، فإنها بذلك تمس بقضايا أساسية تعد مبدئية، فمنذ اليوم يجب أخذ الأمور بكل جدية للحسم في العديد من الأمور، فالمعركة تتعلق بالتنزيل والتفعيل والتأويل الإيجابي للدستور الجديد». أما فوزية العسولي رئيسة الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، فقد أكدت من جانبها في تصريح للجريدة «بأنه في الوقت الذي كان ينتظر فيه الرأي العام والحركة النسائية أن يتم إطلاق النقاش وإقرار آليات لمحاربة الفساد والرشوة الانتخابية وتمكين الكفاءات النسائية والرجالية من الوصول إلى المؤسسة التشريعية، تم تدشين محاولات لتغيير مسار النقاش حول البناء الديمقراطي عبر الالتفاف على حق التمثيلية السياسية للنساء». وأفادت العسولي أن النساء ومجموع الحركة النسائية لن تقبل بانتهاك والتراجع عن المكاسب والمساهمة في خرق الدستور، مشيرة أن الوقفة بمثابة رد على موقف الأحزاب السياسية التي سقطت في أول امتحان لتنزيل مضامين الدستور الذي ناضلت الحركة النسائية من أجل أن يتضمن مقتضيات تضمن حقوق النساء الاقتصادية والاجتماعية ومشاركتهن السياسية.» وأبرزت أن الحركة النسائية فوجئت بالخرق الواضح الذي طال الدستور أثناء تنزيل أحد بنوده الذي نص على المناصفة والذي ألزم الدولة باتخاذ التدابير الإيجابية لضمان التمثيلية النسائية». وأشارت رئيسة الفيدرالية «أن اللائحة الوطنية لم تكن مطلبا نسائيا، فالمطلب النسائي كان ولازال هو النتيجة أما الآليات فهي مسؤولية تتحملها الدولة بتوافق مع الأحزاب السياسية لإيجاد أنجعها لضمان هذه التمثيلية»، موضحة أن الآلية التمييزية ظرفية وجاءت لتصحيح وضع يتميز بحيف اقتصادي واجتماعي، و يقصي النساء من مراكز القرار «.