التصوف والتفكيك: درس مقارن بين ابن عربي ودريدا، كتاب صدرت ترجمته العربية عن المركز القومي للترجمة في القاهرة. والكتاب من تأليف أيان ألموند، وترجمة (وتقديم) حسام نايل ومراجعة محمد بريري. وعلى رغم الفارق الشاسع بين الفيلسوف الفرنسى جاك دريدا المنتمى تاريخياً إلى حقبة ما بعد الحداثة فى الزمن المعاصر والشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي المنتمى تاريخياً إلى اللاهوت العربى المسلم فى زمن القرون الوسطى، وعلى رغم مئات السنين الفاصلة وتباعد الأماكن فقد اجتمعا على معارضة الفكر العقلاني الذى يتخذ من العقل مبدأ حاكماً. ومن هذه الزاوية، يبدأ أيان ألموند -مؤلف الكتاب- مقارنته بين ابن عربي ودريدا التى جاءت فى مقدمة وأربعة فصول وخاتمة. يلحظ ألموند أن الشيخ ابن عربي والفيلسوف دريدا تسود عندهما روح تمردية تنفر من العقل الساعي إلى تشييد أنساق صارمة: ينتقد الشيخُ ابن عربي طرقَ أهل النظر فى التفسير والإنشاء اللاهوتى، ويعيد الفيلسوف دريدا فحص التراث الفلسفى ونسق المفاهيم الرئيسة فى مسيرة الفكر اليوناني الأوربي المتمركز حول العقل، الأمر الذى يجعلنا أمام رفض العقلانية رفضًا شاملاً. لماذا؟ يؤمن الشيخ بأن ما من أحد يقدر على تعريف حق الحق، بينما يؤكد الفيلسوف أن ما من مفكر أمكنه الإفلات من تاريخ الميتافيزيقا. ومن ثم، يصوغ ألموند ما سمّاه مشروع التحرر عند ابن عربي ودريدا، ويقصد به محاولتهما تحرير الحق والكتابة من أغلال العقل. وفى هذا السياق، نلحظ أوجه الشبه الطريفة بين الاختلاف المرجأ عند دريدا والحق عند ابن عربي. فإلحاح دريدا على أن الاختلاف المرجأ ليس كلمةً ولا مفهوماً يتصادى مع الآية القرآنية التى يولع الشيخ بتكرارها: «ليس كمثله شيء».