انتخب البرلمان السويدي الزعيم المحافظ أولف كريسترسون رئيسا للوزراء الاثنين في جلسة تصويت شهدت دعما غير مسبوق من "ديموقراطيي السويد" (يمين متشدد) لليمين التقليدي، ما يمثل حقبة سياسية جديدة في هذا البلد الواقع في شمال أوروبا. وانتخب كريسترسون بحصوله على تأييد 176 برلمانيا في مقابل معارضة 173، بعدما أعلن الجمعة اتفاقا لتشكيل حكومة ائتلافية تضم ثلاثة أحزاب هي حزبه "المعتدل" والحزب "المسيحي الديموقراطي" والليبراليون بدعم برلماني من "ديموقراطيي السويد". وبعد ثماني سنوات من هيمنة اليسار على الحياة السياسية في البلاد، يخلف كريسترسون رئيسة الحكومة الاشتراكية الديموقراطية ماغدالينا أندرسن التي واصلت تصريف الأعمال بعد تقديم استقالتها عقب انتخابات أتت نتائجها متقاربة جدا. وقوبل التصويت بتصفيق من مقاعد الأحزاب اليمينية الثلاثة التي ستشكل الحكومة المستقبلية، وحزب "ديموقراطيي السويد" الحزب الأكبر في الغالبية مع 73 مقعدا. وقال كريسترسون البالغ 58 عاما في مؤتمر صحافي عقب انتخابه "الآن، أصبح التغيير ممكنا". والجمعة، بعد أسابيع من المفاوضات، قد م زعيم اليمين السويدي اتفاقا سياسيا مع زعماء الأحزاب الثلاثة الأخرى الشريكة في الغالبية، وبينهم رئيس حزب "ديموقراطيي السويد" جيمي أكيسون. وكان أكيسون الفائز الأكبر في انتخابات 11 شتنبر العامة مع حصوله على 20,5 في المئة من الأصوات خلف الحزب الاشتراكي الديموقراطي بزعامة رئيسة الوزراء المنتهية ولايتها ماغدالينا أندرسن. وفي خريطة طريق لتعاونها تقع في 62 صفحة، عرضت الأحزاب الأربعة إجراءات تهدف إلى تنفيذ حملات أمنية تستهدف الجريمة والهجرة وبناء مفاعلات نووية جديدة وغير ذلك. وتخطط الحكومة الجديدة، من بين أمور أخرى، لإجراء تخفيضات جذرية في استقبال اللاجئين في السويد وخفض حصة البلاد من 6400 لاجئ العام الماضي إلى 900 سنويا خلال فترة ولاية رئيس الوزراء الجديد البالغة أربع سنوات، بالإضافة إلى إمكان "ترحيل الأجانب بسبب سوء السلوك". وفي ظل المشكلات الخطرة المرتبطة بعصابات إجرامية وتصفية حسابات دموية، جعل أولف كريسترسون الأمن جزءا رئيسيا من برنامجه الانتخابي، إلى جانب الوعود بكبح جماح أسعار الطاقة الناجم عن الحرب في أوكرانيا. وقال الاثنين ردا على سؤال عن أولوية حكومته الجديدة "الجريمة التزام كبير جدا لهذه الحكومة". لم يسبق لليمين المتطرف أن كان في التاريخ السياسي السويدي جزءا من الغالبية، على خلفية التوجه القومي في العديد من الدول الأوروبية. كذلك، يسعى البرنامج الحكومي للسماح بعمليات تفتيش في بعض الأحياء الحساسة حتى في حال عدم وقوع أعمال مثيرة للريبة، وتشديد العقوبات على المخالفين والقدرة على الإدلاء بالشهادة دون كشف الهوية في المحاكم. على الصعيد الدولي، ستتولى السويد رئاسة الاتحاد الأوروبي في النصف الأول من العام 2023 ويجب عليها أيضا إتمام عضويتها في حلف شمال الأطلسي (ناتو) المهددة باستخدام تركيا حق النقض. من جانبها، هنأت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين كريسترسون قائلة "أنا أتطلع للعمل معا للاستجابة للتحديات المتعددة التي يواجهها اتحادنا". وكان التحدي الأكبر للحكومة الجديدة التوفيق بين التوقعات المتضاربة للحزب الليبرالي الصغير الذي كان خطه الأحمر يتمثل في انضمام اليمين المتطرف إلى الحكومة، وتأثير حزب "ديموقراطيي السويد" الذي كان يطالب بمناصب وزارية. وحتى مع وجوده خارج الحكومة، أشاد حزب "ديموقراطيي السويد" الاثنين "بدور (اليمين المتطرف) الحاسم للغاية" في الغالبية. كذلك، فاز حزب "ديموقراطيي السويد" بقضيته حول ملف إعانات البطالة. وعارض الحزب الذي يصف نفسه بأنه "محافظ-اجتماعي" تخفيضات التقديمات الاجتماعية التي اقترحها كريسترسون. وبسبب هشاشة الغالبية الجديدة، لم يفقد اليسار الأمل في العودة إلى السلطة قبل الانتخابات المقبلة المقررة في 2026.