دعت آمنة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى تجديد التعبئة نحو مرحلة جديدة في مسار النضال من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، وتوسيع قاعدة المناهضين للإعدام والعمل على تطوير عناصر الترافع، وإطلاق نقاش مجتمعي بين المناهضين والرافضين لتجاوز سوء الفهم والافتراضات المغلوطة حول الإلغاء. وجاءت دعوة الرئيسة آمنة بوعياش في كلمة ألقتها صباح أمس الخميس في الندوة الصحفية المشتركة بين المجلس وهيئات وشبكات ونشطاء حركة مناهضة عقوبة الإعدام بالمغرب، والتي شارك فيها مدير عام المنظمة الفرنسية "معا ضد عقوبة الإعدام". وشكلت الندوة التي نظمت تخليدا لليوم العالمي التاسع عشر لمناهضة عقوبة الإعدام والذي يصادف العاشر من أكتوبر من كل سنة، والذي حدد له الائتلاف الدولي هذه السنة شعار "النساء المحكومات بالإعدام، حقيقة غير مرئية"، مناسبة للمطالبة بإلغاء عقوبة الإعداد من جديد. وجددت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان التأكيد على تبني المجلس إلغاء الإعدام، وهو ما يترجمه العمل المتواتر الذي قام به المجلس على هذا المستوى من خلال نشر ثقافة حقوق الإنسان وحماية حقوق السجناء المحكوم عليهم بالإعدام، وإبداء الآراء والتوصيات الرامية إلى إصلاح التشريع الجنائي، بدعوة المشرع إلى إلغاء عقوبة الإعدام رسميا، وتعبئة قطاعات متزايدة من المجتمع المدني لصالح الإلغاء. هذا وأثارت رئيسة المجلس مجموعة من الاستفهامات/ الملاحظات أو المغالطات التي يحملها الرافضون للإلغاء، مشيرة في هذا الصدد إلى الوضع الحالي الذي يتسم بوجود تشريع تم التنصيص فيه على عقوبة الإعدام التي تمثل انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان، مشيرة إلى أن الإبقاء على الإعدام لم يقلص من الجرائم الخطيرة استنادا إلى العديد من الدراسات، بل أصح الإبقاء على الإعدام في التشريع المغربي عقوبة تتعارض بشكل واضح مع منطوق المقتضى الدستوري وفقا للفصل 20 . وشددت في هذا الصدد على الأهمية البالغة للنقاش والتداول المجتمعي لترسيخ قيم الحياة وحقوق الإنسان، قائلة "إن طريق الإلغاء الذي انطلقنا فيه منذ سنوات يتطلب منا تجميع إمكانياتنا من جديد وتطوير عناصر رؤيتنا لمواجهة الافتراضات المغلوطة وتنويع أدواتنا وخاصة توسيع قاعدة المناهضين لعقوبة الإعدام، فوجهتنا للإلغاء واضحة وليست ببعيدة، لأننا إذ ننتصر للحق في الحياة، فلأننا مقتنعون بأن كل الصعوبات وحتى الجرائم الخطيرة يمكن أن تحل ويتم استدراك ما فات من معالجتها أو تجنب أسبابها أو الوقاية من تداعياتها، إلا إلغاء الحياة". ومن جهته أكد النقيب عبد الرحيم الجامعي، منسق الائتلاف المغربي، على دور نشطاء حركة مناهضي الإعدام بالتشبث بالأمل وعدم اليأس من أن يزهر مسار نضالهم وتعبئتهم المتواصلة للدفع بالمغرب إلى اتخاذ قرار الإلغاء الفعلي لعقوبة الإعدام، مشيرا إلى أن الأمل هو سلاح مناهضي الإعدام، خاصة وأنه في فرنسا انتظر مناهضوه من القرن 19 إلى القرن العشرين لإلغائه. وأكد الجامعي على أهمية توسيع حركة مناهضي الإعدام والتي تدعمت صفوفها بتأسيس شبكة الصحفيات والصحفيين ضد الإعدام والشبكة المغربية لنساء ورجال التعليم، فضلا عن الشبكات التي تأسست قبل بضع سنوات ممثلة في شبكة البرلمانيات والبرلمانيين ضد الإعدام وشبكة محاميات ومحامين، مشددا على تكثيف التعبئة ومواصلة مسار النضال على طريق الإلغاء وتعبئة الفنانين ومختلف فئات المثقفين للالتحاق بالحركة. ودعا في هذا الصدد المسؤولين بالمغرب إلى التحلي بالإرادة السياسية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام بشكل نهائي، بحذفها من القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، وأخذ مبادرة التصويت على مقرر التوصية الأممية داخل الجمعية العمومية التي ستطرح للتصويت في دجنبر القادم للمرة التاسعة. كما دعا الحكومة الجديدة في هذا الصدد إلى ترجمة إيجابية وفعلية لمنطوق الدستور وما تمليه الالتزامات التي تعهد المغرب بها دوليا، كما طالب أعضاء البرلمان بغرفتيه إلى أخذ زمام المبادرة وتقديم مقترحات قوانين تشرع للإلغاء، منبها إلى أن عائلات الضحايا يطالبون بالكثير من العدالة وما يرتبط بذلك من تعويض ولايطالبون بإراقة دم مقترفي الفعل الإجرامي. ومن جانبه، أعلن رفائيل شنويل هزان مدير عام المنظمة الفرنسية "معا ضد عقوبة الإعدام"، عن الاستعدادات الجارية لتنظيم المؤتمر العالمي لمناهضة الإعدام والذي ستحتضنه العاصمة الألمانية برلين، مثمنا دينامية حركة مناهضي عقوبة الإعدام بالمغرب ، قائلا: "إن المجتمع المدني في فرنسا هو الذي حمل لواء إلغاء عقوبة الإعدام وهو الذي بنضاليته وإصراره تمكن من استقطاب السياسيين والمثقفين نحو هذا المسار". وأكد أن المجتمع المدني في المغرب تمكن من استقطاب عدد من الفئات وعليه أن يثابر في التعبئة لتوسيع قاعدته بحيث تتجه لاستقطاب حتى المقاولين وأصحاب رأس المال كما حدث بالنسبة للحركة العالمية لمناهضي الإعدام والتي تمكنت من استقطاب 150 من رجال الأعمال وأصحاب رأس المال. وأكد أن التوجه العالمي يسير نحو الإلغاء حيث سجل ارتفاعا في عدد الدول التي ألغت العقوبة في القانون أو الواقع إلى 144 دولة إلى حدود سنة 2020، كما تزايد عدد الدول التي صوتت إيجابيا على قرار الجمعية العامة للأمم الخاص بوقف تنفيذه عالميا، وبلغ 123 دولة في دجنبر 2020، ما يمثل أكثر من نصف الدول الممثلة بالأمم المتحدة، فضلا عن التقدم في وضع بروتوكولات إقليمية وفي مقدمتها التحضيرات نحو بروتوكول الاتحاد الإفريقي المتعلق بالإلغاء، كما أن ثلثي الدول المنضوية في منظمة المؤتمر الإسلامي ألغت الإعدام، وأن المغرب استنادا لهذا المنحى وبالنظر للمكاسب التي حققها ينتظر أن يصبح من الدول التي تلغي عقوبة الإعدام من قوانين والتصويت للتوصية الأممية. وأفادت مليكة غبار، منسقة الشبكة المغربية لنساء ورجال التعليم ضد عقوبة الإعدام، على أن الشبكة المغربية لنساء ورجال التعليم ضد عقوبة الإعدام والتي تأسست مؤخرا، تضع على عاتقها مهمة الدفاع عن الحق في الحياة على مستوى إكساب أدوات ومهارات الدفاع عن الحق في الحياة والسمو بهذا الحق من خلال التحسيس بالحق في الحياة والنهوض به والمرافعة من أجل ملاءمة التشريعات المحلية مع المواثيق الدولية. وجددت شبكة البرلمانيات والبرلمانيون ضد عقوبة الإعدام، في كلمة بالمناسبة على الدور الحاسم للسلطة التشريعية في تجديد الترافع بخصوص إلغاء عقوبة الإعدام ، مؤكدين على ضرورة الحسم في الترددالشائع ما بين تقليص عدد الجرائم والإلغاء وذلك طبقا للدستور والخطو بالمجتمع نحو رؤية جديدة للعقاب ضمن نظام عدالة فعال وقانون جنائي يعتمد على المشروعية والضرورة والتناسب في تحديده لمقتضياته.