على بعد أيام قليلة من انعقاد قمة المناخ في دورتها السادسة والعشرون بغاسكو الاستكتلندية، تحتفل الدول العربية يوم الخميس المقبل باليوم العربي للبيئة، احتفال يتسم هذه السنة بطعم الطموح والنجاح والرفع من الإيقاع المناخي العربي، فبعد الريادة التي يعرفها المغرب على الصعيد العربي والإفريقي في مواجهة تحديات التغيرات المناخية بمؤشرات جد إيجابية، تأتي المبادرة الرائدة التي أطلقتها دولة الإمارات العربية المتحدة على اعتبار أنها من أكبر مصدري النفط في العالم، مبادرة استراتيجية بطعم عربي أيام قلائل قبيل انعقاد مؤتمر الأطراف حول المناخ نهاية الشهر الجاري، تهدف إلى الحياد الكربوني في أفق 2050، مبادرة ستكون محفزة لجاراتها من دول الخليج المنتجة للمحروقات، على اعتبار أن هذه الدول العربية تسجل واحدا من أعلى مستويات انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون للمواطن القطري والكويتي والسعودي بل وحتى المصري عبر العالم. ومع تسارع وتيرة تغير المناخ العالمي، بات عام 2050 هدفا رئيسيا للعديد من الدول في مقدمتها اليابان، كندا، والولايات المتحدةالأمريكية، بعدما كان الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة قد تعهدا الحياد الكربوني في أفق عام 2050. ويؤكد ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن دولة الإمارات تبقى: «أول دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعلن عن هدفها لتحقيق الحياد المناخي»، ويضيف أن: "هذه المبادرة تأتي انسجاما مع متطلبات اتفاق باريس للمناخ المبرم عام 2015 تعزز منظومة الإمارات الحيوية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وتؤثر إيجابيا على الناتج المحلي الإجمالي. وتعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة، على غرار المملكة العربية السعودية وقطر والكويت، من أكبر البلدان المنتجة للمحروقات. بينما يؤدي نمط عيش سكان الإمارات إلى انبعاثات كربونية عالية ناجمة عن استخدام واسع للسيارات رباعية الدفع والاعتماد الكثيف على مكيفات الهواء. رغم ذلك، تسعى الإمارات إلى أن تكون أول دولة خليجية تحقق الحياد الكربوني بل أول دولة عربية تسعى للخفض من انبعاثات الغازات الدفيئة عبر تنزيل اتفاق باريس التاريخي. الاحتفال باليوم العربي للبيئة يبقى مناسبة للوقوف عند أهم المنجزات التي تحققت والتحديات المناخية التي تواجه الدول العربية، ويتزامن هذا الاحتفال العربي مع تسجيل الشهر الماضي لرقم قياسي عالمي لذوبان جليد القطب الشمالي، حيث وصل إلى مستويات غير مسبوقة، وذكرت دراسة نشرت العام الماضي أن ذوبان الغطاء الجليدي في جرينلاند سيؤدي إلى ارتفاع مستويات سطح البحر بشكل حاد في القرن الحادي والعشرين مقارنة بأي قرن آخر حتى لو تم احتواء الاحتباس الحراري، هذه الدراسة، التي أعدت بناء على عينات ونماذج الجليد، ترجع تاريخ بناء الغطاء الجليدي إلى حقبة الهولوسين وهي حقبة جيولوجية بدأت منذ 11700 عام. وتخلص الدراسة أيضا إلى أنه إذا استمرت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنفس المعدل، فإن طبقة الجليد التي يبلغ طولها عدة كيلومترات يمكن أن تتقلص بمقدار 36000 مليار طن بين عامي 2000 و2100، وهو ما يكفي لرفع المحيطات بمقدار 10 سم، وحتى أواخر تسعينيات القرن الماضي، كانت هذه الطبقة الجليدية تكتسب كتلة من تساقط الثلوج تقريبا بقدر ما كانت تفقد في الصيف مع انهيار الأنهار الجليدية وذوبان الجليد لكن هذا التوازن اختل بسبب تسارع تغير المناخ. ويعتبر الرابع عشر من أكتوبر عيدا عربيا تحتفل فيه الأقطار العربية بأهم المنجزات التي تحققت وتقف عند التحديات التي تواجهها في وقت بات لتغير المناخ آثارا سلبية على الموروث الطبيعي في بلداننا العربية من آسيا إلى شمال أفريقيا، عيد عربي تم إقراره يوم اجتمع فيه وزراء البيئة العرب في العاصمة التونسية منذ 35 سنة مضت
المغرب إرادة ملكية قوية وسياسة بيئية واضحة وبفضل الإرادة القوية لجلالة الملك محمد السادس، تمكن المغرب من الانخراط في سياسة بيئية واضحة تروم تحقيق التناغم بين السياسات العمومية والتزاماته المناخية العالمية وعلى أعلى المستويات، سياسة رائدة ترمي إلى تطبيق المغرب لالتزاماته في مجال أهداف التنمية المستدامة 2030، حيث بفضل تظافر جهود الجميع من فاعلين ترابيين وجمعيات المجتمع المدني، نجح المغرب في تحقيق تقدم ملموس في تنزيل الأهداف السبعة عشر، ويبقى كسب المغرب لرهان تذويب أهداف التنمية المستدامة في المخططات الوطنية والاستراتيجيات البيئية والتنموية رهين بانخراط والتزام جميع الفاعلين على أساس تضامن وثيق وبناء، مما سيساهم في الحفاظ على كوكب الأرض وضمان موارده لأجيال المستقبل، وكان المغرب سباقا في تقديم المشاريع على المستوى العربي والدولي فيما يخص البيئة والتنمية المستدامة، إذ أنه قبل الإعلان الأممي سنة 2015 عن برنامج أهداف التنمية المستدامة 2030، اعتمد المغرب مفهوم التنمية المستدامة في استراتيجياته التنموية عبر تعزيز التوازن بين أبعادها الأربعة: الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وذلك بهدف تحسين نوعية إطار عيش المواطنين، وتعزيز التدبير المستدام للموارد الطبيعية وتشجيع الأنشطة الاقتصادية التي تحترم البيئة، وتماشيا مع التزاماته الدولية في إطار قمة الأرض المنعقدة في ريو دي جانيرو (1992) وقمة جوهانسبورغ (2002) والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وضع المغرب الأسس اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة من خلال عدة إصلاحات في المجالات السياسية والمؤسساتية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وقد تعزز هذا المسلسل باعتماد الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة الذي تم إعداده تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة عيد العرش بتاريخ 30 يوليوز 2009. ولقد تم تفعيل الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة من خلال ظهير شريف رقم 1.14.09 صادر في 4 جمادى الأولى 1435 (6 مارس 2014) بتنفيذ القانون الإطار رقم 99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة. تسريع تنزيل برنامج أهداف التنمية المستدامة بالمغرب ولقد تعزز انخراط المغرب على مسار تسريع تنزيل أهداف التنمية المستدامة من خلال اعتماد الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2030 من طرف المجلس الوزاري تحت الرئاسة الفعلية للملك محمد السادس يوم 25 يونيو 2017، هذه الاستراتيجية التي تم إعدادها بتشاور مع كل الفعاليات الوطنية من سلطات عمومية، وقطاع خاص، وممثلي المجتمع المدني على مرجعية واضحة دستوريا وقانونيا، استراتيجية اعتبرها الخبراء آلية ناجعة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030. وفي هذا الصدد، وبالنظر إلى الطابع الأفقي للتنمية المستدامة، فإن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة عملت بالضرورة على وضع إطار إستراتيجي للتحسين المستمر في إطار نظرة شمولية تأخذ بعين الاعتبار الإستراتيجيات القطاعية الفرعية والتي تم الشروع في إنجازها وأجرأتها والعمل بها على المستوى الجهوي، كالإستراتيجية الوطنية للماء، والإستراتيجية الطاقية، ومخطط المغرب الأخضر والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والميثاق الوطني الصناعي، استراتيجيات متقاطعة فيما بينها تعمل أيضا من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة بالمغرب، وهكذا فإن الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة تعمل عبر دراسة وتحليل الإستراتيجيات القطاعية من أجل ملاءمتها مع متطلبات التنمية المستدامة، نذكر منها "مخطط المغرب الأخضر" الذي كان يهدف إلى الرفع من مردودية القطاع الفلاحي والحفاظ على أثره الاجتماعي، عبر مواكبة مستمرة للساكنة القروية بواسطة مشاريع التجميع والحفاظ على الموارد الطبيعية، من خلال الاقتصاد وتثمين الموارد المائية الفلاحية، والحد من تلوث التربة وتشجيع الطاقات النظيفة في الفلاحة، ثم "الإستراتيجية الطاقية" وأهدافها المتجلية في التخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، من خلال تطوير مشاريع المرتبطة بالطاقات المتجددة. ثم "مخطط هاليوتيس للصيد البحري" وأهدافه المتجلية في حماية التنوع البيولوجي البحري وتجديد الثروة السمكية، ثم "رؤية 2020 للسياحة" وأهدافها البيئية، وخصوصا في تهيئة المركبات السياحية وتنفيذ الميثاق المغربي للسياحة المسئولة وتثمين العلامات الإيكولوجية للسياحة، "مخطط النجاعة الطاقية" ومساهماته البيئية كإنجاز المناطق الصناعية ذات "الإدارة الخضراء" وتشجيع الشهادة البيئية (ISO 14001) لدى المقاولات، ثم "مخطط رواج لتنمية القطاع التجاري" والذي يعطي مكانة خاصة لتجارة القرب وحمايتها والذي يحد من الآثار البيئية للمباني التجارية وذلك عبر الاستعمال المعقلن للماء والطاقة وتدبير النفايات. الانتقال الطاقي والاستراتيجية الوطنية للنجاعة الطاقية عرف المغرب منذ أزيد من عقد من الزمن وضعية طاقية اتسمت بنمو مستدام للطلب الطاقي، حقق خلالها المغرب متوسط نسبة نمو سنوي تصل إلى 5.6 %، وقد زادت من حدة هذه الوضعية التبعية الطاقية القوية التي كانت تتجاوز 90% والفاتورة الطاقية التي تلقي بعبء ثقيل على التوازنات الاقتصادية والمالية للدولة، حيث بلغت هذه الفاتورة عشرات ملايين الدراهم درهم سنة 2018 ممثلة بذلك نسبة 1.17% من مجموع الواردات، وقد بلغ الاستهلاك الوطني من المنتجات البترولية 6.10 مليون طن ومن الغاز الطبيعي 16.1 مليار متر مكعب، أما الاستهلاك الطاقي النهائي فقد بلغ 6.13 مليون طن مقابل بترول بتزايد سنوي يناهز %4.4 منذ سنة 2004، في حين استأثرت المنتجات البترولية بنسبة 75 %من هذا الاستهلاك، وبلغت القدرات الانتاجية من الكهرباء بالمغرب 8300 ميغاوات، موزعة على التوالي ما بين الفحم الحجري 31% والوقود والدييزل 10% والطاقة الكهرومائية 22% والغاز 8.25% والطاقة الهوائية 4.9%، وبهذا فإن قطاع الكهرباء يواجه صعوبة المحافظة على توازن العرض والطلب الذي يسجل سنويا نموا مستمرا يقدر بأزيد من %4. ومن أجل التصدي لهذه التحديات، حددت الاستراتيجية الوطنية للطاقة المعتمدة سنة 2009 مجموعة من الأهداف تتضمن بالأساس تأمين الإمداد والتزويد بالطاقة وإتاحة إمكانية الولوج والوصول إلى الطاقة على نطاق واسع وضبط الطلب الطاقي وتحفيز زيادة العرض من الطاقة والمحافظة على البيئة، وترتكز التوجهات الاستراتيجية بالأساس على التنويع الكهربائي والطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية والتوازن ما بين الانتاج الوطني والواردات من الطاقة، هذا وقد تم الارتقاء بالنجاعة الطاقية منذ سنة 2009 إلى أولوية وطنية قصوى حيث تم تكريس هذه الإرادة بموجب القانون رقم 47.09 المتعلق بالنجاعة الطاقية الذي يرتكز تنفيذه بالأساس على مبادئ الأداء الطاقي ومتطلبات النجاعة الطاقية ودراسات التأثير والافتحاص الطاقي والمراقبة التقنية للنجاعة الطاقية.
تغير المناخ يسرع بتهديد الأمن المائي بالدول العربية فيما يتعلق بالموارد المائية، تشير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى أن مليار وسبعمائة مليون شخص اليوم أي ثلث سكان العالم يعيشون في مناطق حيث إن وفرة الموارد المائية مهددة حيث يتم استغلال أكثر من 20٪ من التدفق وهي عتبة تستخدم عادة كمؤشر للإجهاد المائي، ومن بينها يعاني حوالي 450 مليون شخص من نقص شديد في المياه، ويمكن أن يصل هذا العدد عام 2025 إلى 5 مليارات فرد، اعتمادا على السيناريوهات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية التي تم النظر فيها، والتي أظهرت أنها المحددات الرئيسية للإجهاد المائي لهذا الأفق الزمني، قبل تغير المناخ بفارق كبير، فبالنسبة للبلدان المغاربية، التي تعاني كلها حاليا من تبعات تغير المناخ، يمكن للنمو الديموغرافي القوي والتطور الفوضوي للمراكز الحضرية أن يدفع توافر المياه السنوي للفرد إلى ما دون عتبة الندرة المحددة في 500 متر مكعب في السنة، ومع ذلك يمكن أن يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم الوضع في عدد من المناطق، ولاسيما آسيا الوسطى وجنوب أفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط. أما على الصعيد العالمي فإن تقييم المسار السريع العالمي تقييما متكاملا لعواقب تغير المناخ على الأمن الغذائي ووفرة المياه وخطر الفيضانات في المناطق الساحلية و انتشار الملاريا، يشير بالتالي إلى أن مخاطر نقص المياه تتزايد بشكل كبير: بالنسبة لمتوسط الاحترار العالمي +2 درجة مئوية في أفق عام 2050، فإن عدد الأفراد الذين تتعرض إمدادات المياه لديهم للتهديد يصل تقريبا الى مليارين وخمسمائة مليون شخص نتيجة لتغير المناخ، أما في بأوروبا يؤكد التقرير زيادة مخاطر الندرة والجفاف في الجنوب مع نمو الطلب وزيادة التبخر خلال فترة الصيف في ظل التأثير المشترك لانخفاض هطول الأمطار، مع زيادة في التباين بين السنوات، وقبل كل شيء في ارتفاع درجات الحرارة، ومخاطر سوء إدارة المورد، والتي تتفاقم بسبب هوامش عدم اليقين الكبيرة جدا، وبالمثل في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، حيث يمكن أن تزداد مخاطر الجفاف المزمن، وأخيرا لابد أن نشير إلى تأثير التراجع المحتمل للأنهار الجليدية الجبلية تحت تأثير تغير المناخ مع عواقب وخيمة، على سبيل المثال في دولة البيرو حيث تلعب دور الخزانات المائية للسكان المتركزين على الشريط الساحلي بمناخ جاف في الصيف و متغير جدا أيضا بسبب ظاهرة النينيو المناخية المتطرفة، وتبقى الأحداث المتطرفة هي إحدى القنوات الرئيسية التي يتفاعل من خلالها المناخ والاقتصاد، ووفقا لشركات إعادة التأمين فإنها تؤثر على أكثر من مليون شخص كل عام وهي مسؤولة عن عدد كبير من الضحايا، كما يشتبه في أنها تمثل عقبات رئيسية في التنمية الاقتصادية لأفقر البلدان، لأنها تدمر البنية التحتية اللازمة لهذه البلدان، هذا ما دفع رئيس وزراء هندوراس إلى القول: "إن إعصار ميشيل أعاد التنمية الاقتصادية للبلاد عشرين عاما إلى الوراء". وضربت التطرفات المناخية مناطق مختلفة من العالم بطريقة غير متكافئة للغاية: تقع البلدان الفقيرة في مناطق أكثر عرضة للخطر (مناطق الأعاصير أو الرياح الموسمية) ولا تحمي بنيتها التحتية السكان بشكل جيد، وبالتالي، من اللافت للنظر أن الدول الأغنى تتحمل 40٪ من الخسائر الاقتصادية 2٪ من الوفيات بينما تتحمل الدول الأفقر 12٪ من الخسائر الاقتصادية بينما تتحمل 80٪ من الوفيات، على الرغم من انخفاض القيمة، يجب الاعتراف بأن الضرر الذي يلحق بالبلدان النامية لا يزال يمثل في كثير من الأحيان جزءا كبيرا من ناتجها المحلي الإجمالي، مع عواقب وخيمة على اقتصاداتها وسكانها، وهكذا تسبب إعصار إيفان الذي ضرب غرناطة في إلحاق أضرار تقدر ب 200٪ من الناتج المحلي الإجمالي، مما أثر على ما يقرب من ثلثي السكان (90٪ من المنازل مدمرة) وأدى إلى ركود اقتصادي، فليس من الضروري أن يصبح المناخ أكثر عنفا لإحداث ضرر أكبر، حيث من الممكن تماما أن يتغير المسار المتوسط للانخفاضات غير المدارية مع الاحترار وفي هذه الحالة فالمناطق المدارية هي حاليا في منأى نسبيا عن العواصف الكبرى، وبالتالي فإن التأقلم مع هذه الأحداث سيصبح قليلا أو ضعيفا وسيتضرر بشدة، وبالتالي يمكن أن تزيد الخسائر الناجمة عن المنخفضات دون تعديل تواترها أو شدتها، ومع مثل هذه التغييرات سيتأثر أمن الناس والممتلكات بشكل مباشر وستكون التدابير المكلفة ضرورية لموازنة الآثار السلبية لهذه الكوارث: إنشاء أنظمة إنذار وإغاثة أفضل حجمًا وأكثر كفاءة، وإنشاء الأموال الدعم العام والخاص لمساعدة الأشخاص المتضررين والأنشطة، وتدابير التكيف المادي في مواجهة الأحداث: السدود، ونظام الصرف، والتغيير في معايير البناء، وما إلى ذلك، وفي الواقع فإن زيادة الكوارث الطبيعية لها عواقب على توزيع الدخل وعلى الاقتصاد بشكل عام، والتي تختلف حسب مستوى التنمية في البلدان التي يتم النظر فيها. في الدول الغنية، تؤثر الأضرار بشكل رئيسي على المباني والبنية التحتية، كما تتكبد الخسائر بشكل رئيسي الأسر الميسورة (لأنهم يمتلكون المباني)، وشركات التأمين والدولة، والتي يجب أن تضاف إليها، مع ذلك فئات اجتماعية ضعيفة معينة كالفلاحين والصيادين، وبعد ذلك يمكن أن توفر عملية إعادة الإعمار العديد من الوظائف غير الماهرة لفئات العمال المتأثرين بشكل خاص بالبطالة، وتلعب دور تحفيزيا الذي يمكن أن يكون مربحا، أما في البلدان النامية فينعكس التأثير بما أن الخسائر بشرية في الأساس، فإن الفئات السكانية الأقل تعليما والأكثر استنارة، والذين لا يعيشون في مساكن دائمة والذين يعملون في الهواء الطلق هم الأكثر تضررا، أما من الناحية الاقتصادية، تدعم الزراعة وصيد الأسماك أغلبية السكان الأشد فقرا هناك، وهذان نشاطان معرضان بشكل خاص للظروف المناخية المتطرفة، والتي يمكن أن تعطل النشاط لفترات طويلة أو تلغي الإنتاج لعدة سنوات، وهذا ما يمكن أن يزعزع استقرار هذه البلدان بشكل كبير، وهكذا دمرت الأعاصير نباتات البن في عدد كبير من الجزر الاستوائية ووقت إعادة نمو نباتات البن كان أطول من أن يحتمل، وأصبحت هذه الجزر متخصصة فيما بعد في زراعة قصب السكر أو الموز، وهو أسرع في الإنشاء ولكنه الآن أقل ربحا، ويضاف إلى ذلك اعتماد البلدان النامية على تدفقات رأس المال الأجنبي، والتي يمكن تحويلها إذا ضربت دولة ما سلسلة من الكوارث، لذلك أصاب التطرف الفئات الأشد فقرا في البلدان النامية بشدة.
منظمة الأرصاد الجوية العالمية تنذر بكارثة مناخية وشيكة بدول العالم العربي مع تحول تغير المناخ إلى أزمة عالمية يدرك الكوكب الأهمية الحيوية للمياه، فالحصول على مياه الشرب أصبح أمرا ضروريا لاستقرار المجتمعات البشرية واستدامة النظم البيئية، بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يتسبب نقص المياه في حدوث اضطرابات سياسية واجتماعية، الهند وباكستان على سبيل المثال، تتشكك الآن في معاهدة مياه نهر السند، التي وقعتها في عام 1960، بسبب التعديل الأخير لنظام هطول الأمطار و"سحب المياه" ذات الأهمية المتزايدة بعد بناء السدود على أراضيها في حين تواجه أستراليا من ناحية حرائق الغابات المدمرة ومن ناحية أخرى، حيث تتكاثر الطحالب التي تهدد النظم الإيكولوجية للمياه العذبة وتغير نوعية مياه الشرب، تعاني من نوع آخر من الاستيلاء، أما في روسيا فقد اضطرت الحكومة إلى إطلاق خطة عمل بشأن تغير المناخ للتعامل مع الظروف المناخية القاسية، و تؤدي ندرة المياه إلى زيادة الطلب على السدود الجديدة والمحاصيل المقاومة للجفاف، أما في هولندا أعلن القضاء مؤخرا أن تقاعس الحكومة عن تغير المناخ يعد انتهاكا لحقوق الإنسان. وبالتالي، فإن الإدارة المستدامة لموارد المياه تمثل تحديا عالميا رئيسيا للقرن الحادي والعشرين. إن مواجهة هذا التحدي ليس بالأمر السهل خاصة مع استمرار النمو السكاني ففي كثير من الأحيان تعتبر مشاكل المياه عاملا من عوامل الضعف على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية فكلا من ندرة المياه وتدهور جودتها يزيدان من مخاطر الصراع، لذلك ليس من المستغرب أن تصبح إدارة الموارد المائية قضية سياسية رئيسية، على مدى السنوات الخمس الماضية، أشار التقرير السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي حول المخاطر العالمية إلى أن القادة السياسيين والاقتصاديين حول العالم صنفوا الأزمات المتعلقة بالمياه ضمن أخطر المخاطر في تقرير عام 2020، تعد الظواهر الجوية المتطرفة، والافتقار إلى تدابير التخفيف من آثار تغير المناخ، والكوارث الطبيعية وأزمة المياه من بين المخاطر العشرة الوشيكة والمثيرة للقلق على الاستقرار العالمي: "عشر سنوات مقبلة، الظواهر الجوية المتطرفة وفشل سياسات مكافحة يعتبر تغير المناخ أخطر التهديدات، فغالبا ما يؤدي تغير المناخ إلى حدوث فيضانات أو حالات جفاف، كما أنه يؤدي إلى زيادة تقلبية المناخ وتعاقب الظواهر المناخية المتطرفة، مما يضعف التنمية المستدامة بشكل كبير فعواقبه الرئيسية هي النقص الحاد في المياه والفيضانات. فوفقا للجنة رفيعة المستوى المعنية بالمياه والكوارث، من بين أسوأ ألف كارثة منذ عام 1990 تبقى 90٪ منها من أصل هيدرولوجي، ففي عام 2018 أودت الكوارث المتعلقة بالمياه بحياة 6500 شخص وأدت إلى تهديد سبل عيش أكثر من 57 مليون شخص مما أدى إلى خسارة اقتصادية قدرها 140 مليار دولار. في الأخير يجب ألا ننسى أن تغير المناخ سيكون له بشكل خاص عواقب وخيمة على الدول والمناطق الهشة حيث سيؤدي إلى تفاقم الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية مثل مشاكل الحكم، غالبا ما تكون المناطق المعرضة للخطر أرضا خصبة للصراع وأشكال التطرف العنيفة، لذلك ينبغي أن تدمج أي استراتيجية فعالة للتكيف مع تغير المناخ جميع العوامل التي تزعزع استقرار البلدان والمناطق، من خلال التخفيف من هذه العوامل، يمكن أن تكون البلدان الأكثر ضعفا مجهزة بشكل أفضل للتعامل مع مناخها المتغير. في هذا الصدد، فإن إدارة الموارد المائية لها أهمية دبلوماسية لا تزال غير مستغلة، تتفشى الفيضانات والجفاف بغض النظر عن الحدود السياسية، لإدارة موارد المياه بشكل جيد نحتاج إلى العمل معا دوليا، ولذلك فإن أي جهد في هذا الاتجاه يعزز التعاون والسلام، من هذا المنظور البناء تم إنشاء مركز جنيف المائي في عام 2014 بدعم من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون وجامعة جنيف، ويهدف المركز إلى تحديد ومنع التوترات المتعلقة بالمياه بشكل أفضل من منظور مشترك بين القطاعات وعبر الحدود من أجل الاستفادة من الإدارة السليمة للمياه كأداة للسلام والتعاون، ويعمل المركز على بناء الجسور بين مجموعات مختلفة من الممارسين واستخدام الموارد المتاحة في جنيف الدولية لتطوير برنامج "السياسة المائية".
التغير المناخي يهدد الاستقرار السلمي لساكنة كوكب الأرض تغطي وسائل الإعلام الفيضانات والجفاف التي يعاني منها الكوكب على نطاق واسع، إنها تشير بوضوح إلى الحاجة إلى بيانات مائية شاملة، على مدى السنوات الثلاث الماضية، عملت هيئتان استراتيجيتان مهمتان، هما الفريق الرفيع المستوى المعني بالمياه والفريق العالمي رفيع المستوى المعني بالمياه والسلام معا لضمان اعتبار القضايا المتعلقة بالمياه أولويات سياسية، وشددوا معا على الحاجة إلى بيانات المياه، وقدموا توصيات لإدارة المياه وجادلوا بأن الإدارة المتكاملة للمياه تعزز السلام والتنمية المستدامة، ففي عام 2017 نشرت اللجنة تقرير "مسألة البقاء" ، وهو تقرير يقدم التحليلات والتوصيات التي أقرتها بعد عامين من المشاورات والمناقشات مع أصحاب المصلحة، وتوصي على وجه الخصوص بتعزيز "اتخاذ القرار على أساس المعرفة والبيانات والتعاون"، وكذلك رفع "مستوى المعرفة المتعلقة بقضايا نوعية المياه وكميتها على جميع المستويات، حيث يجب تحسين المعرفة بالمياه الجوفية وطبقات المياه الجوفية، التي تمثل أكثر من 90٪ من احتياطيات العالم من المياه العذبة غير المجمدة، على سبيل الأولوية". أما في شهر مارس 2018 أصدرت اللجنة تقريرها النهائي: "جعل كل قطرة مهمة – أجندة المياه"، حيث يقدم التقرير مجموعة أخرى من التوصيات الهامة من بينها تصميم سياسات وأنظمة وطنية لبيانات المياه ثم إعطاء أكبر قدر ممكن من الوصول المجاني إلى بياناتهم بدعم من المبادرة العالمية لبيانات المياه. بينما في عام 2019 نشرت اللجنة أيضا تقريرها العالمي الأول الذي يستهدف الحكومات وجميع الفاعلين على حد سواء، حيث يتم حث المديرين والمستخدمين على تعلم الدروس من الكوارث الرئيسية المتعلقة بالمياه والاستثمار في نظم المعلومات. وفقا لهذا التقرير، تعد بيانات المياه ضرورية لمساعدتنا في الاستعداد للكوارث.
الدور المحوري للمرصد العالمي للمياه والسلام تساهم العديد من المنظمات والآليات بشكل كبير في التعاون الدولي في مجال المياه، ومع ذلك، يعاني الفاعلون الدوليون من نقص في وسائل التعاون مع الفعالية السياسية والدبلوماسية المنشودة، في محاولة لمعالجة المشكلة وكانت قد دعت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بلجانها المتخصصة إلى إنشاء المرصد العالمي للمياه والسلام من أجل دمج وتعزيز الأنشطة الحالية، وكذلك تقليل الفجوات بين البلدان في مجال المياه العالمية. ويقع مقر إدارة المرصد العلمي للمياه والسلام في جنيف وهي منصة دولية للدبلوماسية والسلام إنها شبكة مفتوحة يتفاعل فيها الشركاء الإقليميون أو المحليون وينسقون مع مؤسسات محايدة وذات مصداقية تعمل على الحفاظ على المياه والسلام والأمن، ولتخفيف التوترات والصراعات بين مختلف أصحاب المصلحة وبناء السلام بالتخلي عن الأساليب التقليدية لتسوية المنازعات أو صنع السلام أو صنع السلام فإنه يستخدم أدوات دبلوماسية مثل "إدارة المعرفة" و "التيسير الهادئ". ووضع المرصد العالمي للمياه والسلام لنفسه عدة أهداف لتعزيز الوصول المفتوح إلى بيانات المياه منها جمع البيانات وجرد الأنشطة المنفذة في جميع أنحاء العالم بشكل منهجي في مجالات المياه والسلام والأمن وتقديم ملخص سنوي للنتائج، عبر خلق "مساحة آمنة" خلال المشاورات السابقة على المفاوضات لتطوير المشاريع ومناقشة القضايا الرئيسية المتعلقة بالمياه والسلام والأمن في المنبع، بافتراض أن الخطوة الأولى في أي مفاوضات وتشاور هي الاتفاق على البيانات وتشجيع تطوير وتطبيق الأساليب والأدوات المبتكرة، القائمة على بيانات المياه، من أجل فهم أفضل لقضايا المياه والسلام والأمن ومعالجتها بشكل أفضل. وعلى مدى العامين الماضيين، أصدر المجلس الأوروبي استنتاجات بشأن دبلوماسية المياه ودبلوماسية المناخ مما يدل على أن الماء والمناخ أصبحا من الأولويات في مناقشات السياسة الخارجية والدبلوماسية الوقائية. ومع ذلك يجب أن يعتمد أي نهج دبلوماسي على آليات إنتاج البيانات التي أثبتت جدواها. بعبارة أخرى، لا يمكن للدول أن تتفق على أهداف مشتركة أو إجراءات مشتركة إذا لم تكن مبنية على الحقائق التي أنشأتها معا – خاصة عندما تكون المؤسسات السياسية والتعددية موضع شك، مثل هذا. ويبدو أن هذا هو الحال أحيانا بسبب نقص من وسائل معالجة ومنع الأزمات البيئية. مع وضع ذلك في الاعتبار، يجب تصميم آليات إنتاج البيانات لراحة المستخدم وتؤدي إلى المشاركة السياسية والتعبئة العامة، تم الاعتراف في المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2020 أن التقنيات الجديدة يمكن أن تساعد في بناء أنظمة البيانات وبالتالي استعادة ثقة الجمهور في العلوم والدبلوماسية والتعاون، لذلك يمكنهم مساعدتنا في مواجهة التحديات المجتمعية للقرن الحادي والعشرين واعتماد أساليب أكثر شمولاً في خدمة الاستدامة والدبلوماسية، من الناحية المثالية من حيث إدارة المياه ينبغي أن تكون نظم المعلومات لا تستند فقط إلى بيانات الأرصاد الجوية المائية بل تشمل أيضا البيانات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، فضلاً عن مراعاة النصوص القانونية المطبقة على المياه العابرة للحدود وحق الإنسان في المياه والصرف الصحي. ويعد الاستثمار في توفير البيانات والوصول إلى المعلومات أمرا ضروريا للحفاظ على مواردنا الطبيعية واستقرارنا العالمي، هذه قضايا مهمة لكسب ثقة الجمهور والمشاركة البناءة.
قمة للمناخ لتسريع وتيرة إعلان الحياد الكربوني إنه الاختبار الأول لتنفيذ اتفاق باريس الذي تم تبنيه في عام 2015. وينص هذا الاتفاق على أن تقدم الدول مساهمات مناخية جديدة كل خمس سنوات، وسيحدث الموعد النهائي الأول لتغيير هذا الطموح خلال قمة المناخ المقبلة، وكان قد اعترف ألوك شارما رئيس المؤتمر القبلي للمناخ الذي عقد الأسبوع الماضي في ميلانو: "لا أقلل من حجم العمل المطلوب". وأضاف: "اتفق الجميع على أن غلاسكو من المرجح أن تكون لحظة رئيسية في تحديد الطموحات للعقد القادم، كان هناك إجماع على أننا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لجعل من الممكن الحد من درجة الحرارة إلى + 1.5 درجة مئوية". واعتبارا من 31 يوليوز الموعد النهائي الذي حددته الأممالمتحدة كان قد قدم 113 طرفا فقط من أصل 191 طرفا صادقوا على اتفاقية باريس مساهماتهم المحددة وطنيا، يشمل المشتركون الغائبون مصادر انبعاث كبيرة لثاني أكسيد الكربون مثل الصين والهند وتركيا والمملكة العربية السعودية، تقودنا الالتزامات الحالية إلى ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 2.7 درجة مئوية بحلول نهاية القرن وفقا لآخر تقييم للأمم المتحدة، بينما تم تقديم التزامات جديدة مع بداية الموسم الجديد. وهكذا وعدت تركيا بالتصديق على اتفاق باريس في غضون شهر، والصين التي تعهدت بالفعل بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060 وذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030 تؤكد أنها لن تبني محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم في الخارج. بينما لا يزال دور الصين غير واضح حيث لم تترجم الدولة على اعتبارها أنها تبقى أكبر جهة إصدار في العالم، التزاماتها إلى مساهمات وطنية جديدة ولم تؤكد وجود رئيسها شي جين بينغ في قمة المناخ المقبلة، بالإضافة إلى ذلك تساعد قضية الغواصات النووية الأمريكية المباعة لأستراليين في زيادة تجميد ديبلوماسية المناخ بين واشنطن وبكين، كما تهدد جائحة كوفيد 19 بتعريض نزاهة المفاوضات للخطر بينما يتم التشكيك في تمثيل أقل البلدان نموا. ويبقى السؤال الأهم والحاسم المتمثل في التمويل بين الشمال والجنوب حيث كان من المفترض الوصول إلى 100 مليار دولار سنويا بحلول عام 2020. وفي عام 2019 كنا بعيدين عن ذلك حيث تم تعبئة 79.6 مليار دولار. لكن الولايات المتحدة تعهدت بمضاعفة جهودها، فبالإضافة إلى زيادة طموح المناخ والتمويل سيتعين على الدول أن تجد اتفاقا بشأن الموضوعات التي تركت معلقة على هامش قمة مدريد للمناخ التي اعتبرها الخبراء قمة للنسيان بسبب عدم وجود توافق في الآراء في الدورة الخامسة والعشرين لمؤتمر الأطراف الأخير في مدريد في عام 2019 بالإضافة إلى وضع قواعد تشغيل جديدة لأسواق الكربون، والانتهاء من إطار الشفافية للإبلاغ عن المناخ والتكيف مع تغير المناخ، غالبا ما ينسى الموضوع الأخير لصالح خفض الانبعاثات عندما تكون تأثيرات الاحتباس الحراري محسوسة بالفعل في جميع أنحاء الكوكب. بقلم: محمد بن عبو خبير في المناخ والتنمية المستدامة رئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة