تشكل الشمسيات المتنوعة والنجمات الخماسية التي اشتغل عليها محمد بديع البوسوني رؤية جمالية بما تحتويه من أبعاد خطية؛ فشكلت عملا ممنهجا ومتناسقا اعتمادا على نظام الترديد الحرفي والشكلي، في وصل شامل بين مختلف المفردات الفنية. فرؤية المبدع رامت المجال الخطي المشرقي واستهدفت الجانب الجمالي بمقصدية التعبير بالخط والشكل اعتمادا على الرمزية الشمسية، والنجمة الخماسية، عن طريق الدوران بالحروف المشرقية وعن طريق التشكيل الخماسي للنجمة، وفق هندسة قويمة وتوازن ودقة في الوضع، فتشكيل المكان بخط الثلث المشرقي له أكثر من رمزية وبُعد فني في المشرق العربي، خاصة وأن المبدع يعي جيدا كل حيثيات الخط ورمزيته. لذلك يعمد في هذه الشمسيات والنجمات التدقيق في البناءات الفراغية وتشكيل منجز خطي ثلثي مشرقي بقيمة فنية تعبيرية تصورية بأبعاد رمزية، وبقدر وافر من الموازنة بين المادة الخطية التي مثلها خط الثلث المشرقي وبين المادة الفنية التي شكلت منجزا جماليا وفق مسلك يؤشر على قوة التفاعل الفني، إذ تنزاح المادة الخطية عن المألوف وتروم الشكل الجمالي المعاصر، فيضحى خط الثلث المشرقي منساقا في عوالم فنية معاصرة تؤكد براعة المبدع في صياغة الجمال في الخط المشرقي بطرق فنية معاصرة. وهذا راجع بالأساس إلى ثقافته الموسوعية، ما جعله يخترق حاجز خط الثلث المشرقي ويسوقه في طقوس الشمسيات المتفردة، والنجمات غير المألوفة، ويردفه بمفردات جديدة، ما يفضي إلى اجتماع عدد من العناصر الفنية في أعمال متكاملة على شتى المستويات. حيث عمد الفنان إلى إيجاد روابط بين مختلف العناصر المكونة لهذا المنجز، وتشكيل بؤرة فنية تحولية صَنع من خلالها مسارا تعبيريا. وبذلك يُقدم الفنان محمد بديع البوسوني هذه المادة الفنية في طابق جمالي مليء بالمعاني والدلالات. إنه يقدم لوحات في هذا المعنى الجمالي المتسع للمعاني الفنية، والمدجج بالشكل في مساحة تزخر بالإبداع والتجديد. إن هذه الأعمال ترتكز على مقوم فني معاصر، تنقل الخط المشرقي من حيزه الضيق إلى نطاق أوسع بسمات جمالية ورؤى فنية تجعل من هذا المنجز قوة إبداعية في صفوة الفن المعاصر، وذلك بقدر ما يحمله من تجديد وعصرنة وقوة تعبيرية وتصورات تروم التغيير في الشكل وفي المعنى الخطي. وقد تأتى ذلك بفعل الصياغة الفنية المحكمة وإحداث نقلة نوعية في تشكيل المكان بخط الثلث المشرقي. وضبط المساحة، وتثبيت مختلف المفردات الفنية وفق رؤى هندسية وفنية جديدة أسهمت بشكل أو بآخر في توجيه المسلك التعبيري ليس بمعزل عن البعد الجمالي؛ وهو ما تؤشر عليه مختلف التقنيات المعاصرة التي يستعملها المبدع. وبذلك، تتبدى هذه التجربة الشمسية والنجمية غنية بكل ما تحمله من جديد فني، وما تحمله من جماليات جديدة متحت أسسها من خبرة الفنان وثقافته، ومن تصوراته ورؤاه وإلهاماته، فتبدّت معالمها جلية مبهجة، بقدر ما احتوته من تراكيب جمالية وأشكال حركية تُحدث موسيقى ونغمات سمفونية تخترق الحس كما تجذب البصر.