تشكل معظم مفردات التجريد في أعمال الفنانة التشكيلية كريمة بوتمير، صياغة تشكيلية بمفردات تشكيلية، ذات مقومات فنية عميقة الدلالات، تشكلها المبدعة وفق مسلك جمالي، تتخذ منه مادة لبناء فضاء متنوع المضامين، وهي توظف لذلك بعضا من العناصر الفنية المساعدة على تحويل أبجدية التجريد إلى مسلك جمالي مليء بالتعابير، وغزير بالدلالات، تجعل منه عنصرا فاعلا، تتحكم بواسطته في الفضاء، عبر مجموعة من الأشكال والألوان المتجانسة، وعبر إضافة مواد دخيلة أحيانا. تبني بوتمير منجزها في فضاء يسمح بخروج المادة التشكيلية إلى حيز الوجود البصري بكثير من الاجتهادات والمهارات، فهي تسعى لصنع أشكال مبتكرة ذات معان ودلالات، على خامات متنوعة المقاسات والشكل، وتوظف تقنياتها لمزج الألوان وصياغتها في الشكل العام بشكل منظم، كونها تتخذ من التعبير اللوني، ومن الأشكال المتنوعة مادة تخصّب بها الفضاء للتعبير عن خلجاتها، وما يجيش به شعورها. وهي تعمد لصنع مجموعة من العلاقات بين مختلف العناصر التشكيلية والمفردات الفنية، تروم من خلالها اقتناص بعض الجماليات، والاستجابة لرؤيتها الفنية الشخصية، وبذلك تتسم أعمالها بجماليات متعددة، تمتح من التجريد بعض المقومات الأساسية، ومن التشكيل عموما صياغات متنوعة، فتتبدى أعمالها مترابطة على نحو جمالي، يرصد التجريد بخلفيات فنية ودلالية، تعج بالإيحاءات والإشارات والدلالات، التي تعزز المادة التشكيلية في سياقها البصري المعاصر. ويعد هذا إرساء واضحا لمقومات العمل الفني، المبني على أسس من الدراية التشكيلية المرتكزة على أسس فنية ذات أبعاد رؤيوية. وبذلك فجل أعمالها تنطق بأشكال وعوالم جديدة، ذات منحى فني تفاعلي يدحض البناءات الفراغية، ويصنع مجالا تراكميا، مختلف الألوان، ومتنوع العلامات، بتدقيق ونظام واختيارات موفقة، تنم عن انتهال المبدعة من عدد من الأشكال والألوان المتنوعة، وفق ما يقتضيه التوظيف الجمالي ورؤاها الفنية، التي تحاول إزاحتها عن المألوف من خلال اجتهاداتها وتوظيفاتها لطقوس رمزية ومفردات فنية متنوعة، تبني على إثرها أسلوبها التشكيلي، بإبداع يترصد مناحي الجمال، عن طريق تثبيت مجموعة من المفردات الفنية التي توحي بمغازي معينة. فاختيارها لهذا المسلك، هو اختيارٌ تُرسي من خلاله المبدعة قاعدة من التشكيلات، التي تجسد توجهاتها التشكيلية الموفقة، التي تؤهلها لارتياد عالم الإبداع بشكل ممنهج، تتبدى فيه القوة التعبيرية التي تولد الدلالات. فمعظم الأدوات التحولية، والتداخلات العلاماتية، والاستعمالات اللونية المنسجمة مع كل مكونات لوحاتها، تدعم المجال التعبيري المعاصر، وتدعم كذلك المسار الإبداعي القائم على الأبعاد الجمالية، بخلفيات وتصورات فنية عميقة المعاني. لقد استطاعت الفنانة كريمة بوتمير، أن تثبت فنيا ما حملته تجربتها من تقنيات للتدليل عن تصوراتها الرائقة، في منجزها التشكيلي الذي يحمل مسلكا فنيا خصبا.