تكريم الزجال رضوان أفندي تعد جهة الشاوية ورديغة خزانا تراثيا لبلادنا، وجزءا هاما من ذاكرة هذا الوطن العزيز، المتسم بالغنى الثقافي المتنوع الذي يجمع بين المكون العربي والأمازيغي والأندلسي والحساني، ولعل هذا الفسيفساء الهوياتي هو الذي أعطى للمغرب ميزة التنوع والغنى الحضاري. واحتفاء بالموروث، نظمت وزارة الثقافة بتعاون مع عمالة إقليم بنسليمان والمجلس البلدي، وبتنسيق مع المديرية الجهوية لوزارة الثقافة لجهة الشاوية ورديغة، المهرجان الوطني الخامس للزجل بدار القايد العربي ببنسليمان، وذلك يومي 21و22 ماي الجاري، حيث أصبح ديدنا سنويا حققت من خلاله وزارة الثقافة تراكما هاما على مستوى الإحتفاء بفرسان الكلمة المعبرة والنبش في الذاكرة الوطنية. حملت هذه الدورة إسم المرحوم عبد الرحمن العلمي، وتم تكريم الزجال رضوان أفندي كرائد من رواد الحركة الزجلية بالمغرب الذين أسسوا للقصيدة الزجلية الحداثية. افتتحت أشغال المهرجان يوم السبت 21 ماي على الساعة الرابعة والنصف بفضاء تراثي يقبع وسط المدينة، مؤثثا جوانبها بجزء من ذاكرة الشاوية، حيث امتلأت دار القايد العربي عن آخرها برواد استأنسوا حضور الفعل الثقافي الذي يديره بكل حنكة الأستاذ المقتدر عبد السلام أمرير المتشبع بالثقافة المغربية العريقة حتى النخاع، رفقة طاقم المديرية ودار الثقافة بالمدينة. ألقيت كلمة وزارة الثقافة من طرف الكاتب العام للوزارة الأستاذ أحمد القويطع نيابة عن الوزير، عبر فيها عن شكره للجهات المتعاونة واعتزازه بلبنات المهرجان التي بدأت تشكل نواة لجدار ثقافي سميك، وباللغة العامية -لغة الزجل- التي يفهمها كل المغاربة. وتناول الكلمة بعده نائب رئيس المجلس البلدي للمدينة معبرا هو أيضا عن سعادة المجلس البلدي كشريك فعال لإنجاح دورات المهرجان الذي أضحى ملكا لكافة السليمانيين والمغاربة قاطبة. لحظة التكريم: ارتأى منظمو هذه الدورة تكريم الزجال المغربي المقتدر رضوان أفندي على مجهوداته الجبارة للرقي بالزجل المغربي إلى مكانة تليق بالعمق الثقافي لبلادنا. ألقى الدكتور محمد رمسيس شهادة معبرة في حق المحتفى به، حيث وصفه ب»سلمون الزجل المغربي» بكلمات حاكها على منوال لغة الضاد -كعادته- لينتقل الحضور إلى تسليم الهدايا للمحتفى به من طرف وزارة الثقافة وكذا عمالة الإقليم. وفي كلمته عبر أفندي عن تشكراته للقائمين على الوزارة وجميع الشركاء، صناع هذا العرس الثقافي، وختم كلمته بقراءة قصيدة زجلية رائعة حول المرأة، تفاعل معها الجمهور بقوة. وبعد مغادرة الوفد الرسمي الذي ترأسه الكاتب العام رفقة عامل صاحب الجلالة على الإقليم، استمتع زوار دار القايد العربي بروائع زجلية خالدة، حيث تم الإستماع في الجلسة الأولى التي قدمها الزجال والباحث المقتدر محمد الراشق، لكل من: إدريس بلعطار، الزهراء الزريق هشومة، يحيى بوقدير، أحمد بلبالي، عبد العزيز غالي، سعاد ميلي، سعاد البوني، إبراهيم الرامي، مليكة فتح الإسلام وعرفت فضاءات مركز الاستقبال التابع لوزارة الشباب والرياضة، سهرة فنية زجلية أحياها ضيوف المهرجان المبدعين، نظم فقراتها المبدع مصطفى بنسلطانة، عبروا من خلالها عن تنوع وغنى الموروث الثقافي ببلادنا، حيث الاستماع إلى جميع التجارب الزجلية بالمغرب، سواء المبرمجة أو غيرها، تخللتها فقرات موسيقية تنوعت ما بين الكناوي والعيطة وعبيدات الرمى والأغاني العصرية، وكان فن الحلقة حاضرا بقوة، ولعل عمق الثقافة المغربية وتنوعها دفع الساهرين إلى قضاء جزء كبير من الليل وهم يمخرون عبابه،ولم يثنهم عن ذلك سوى غلبة النوم. وفي صبيحة يوم الأحد ، كان للجمهور البنسليماني موعد مع مائدة ثقافية دسمة بدار الثقافة في موضوع «القصيدة الزجلية بالمغرب وآفاق التغيير، بمشاركة الأساتذة: الدكتور محمد رمسيس، الأستاذ إدريس الكرش، والأستاذ نور الدين بوصباع، وذلك بحضور أساتذة مهتمين وشعراء وروادالدار. تناول الباحثون القصيدة الزجلية المغربية في بعدها التاريخي والإبداعي والفني، مع تحديد بعض المواقف المتعلقة ببنية القصيدة الحداثية، والقصيدة التقليدية في علاقتها مع الثقافة الشعبية. سير الندوة الأستاذ مصطفى بنسلطانة، بروح ثقافية مضمخة بعطر المرح، واختتمت أشغال الندوة بنقاش عام حول أهم الأفكار والمحاورالتي تدوولت بالقاعة. وكان للحضور موعد مع المرحلة الثانية من القراءات الزجلية التي خصصت للشباب الذين أبانوا عن كفاءات عالية على مستوى تقنية الكتابة والإلقاء، من بينهم: أمين الراشق وبدر بنسلطانة والزجالون عبد الرحمان بنبيكة، تورية قاضي، عبد الرحمن جبيلو، نورالدين فهمي، عبد الرحيم لقلع. وكان للحضور النسوي مكانة بارزة حيث تم التعرف على زجالات متميزات، مثل الزجالة أمينة الخياطي من الخميسات، التي بدأت تشق طريقها بثبات نحو التألق في سماء الإبداع. وستعمل المديرية على توثيق فقرات المهرجان في كتيب كما فعلت في الدورة الرابعة.