يشكل الاحتفال باليوم العالمي للمتاحف الذي يصادف الثامن عشر ماي من كل سنة، مناسبة لإثارة الحديث حول وضعية المتاحف ببلادنا، ومدى التطور الذي يعرفه هذا الميدان. وتصب الغاية الأساسية التي أنشئ من أجلها هذا اليوم الاحتفالي السنوي، حسب تأكيد، مجلس المتاحف العالمي، في شأن «إتاحة الفرصة للمختصين بالمتاحف من التواصل مع العامة وتنبيههم للتحديات التي تواجه المتاحف باعتبارها مؤسسات في خدمة المجتمع وفي تطوره..». ومن خلال القيام بجرد لهذه الفضاءات الثقافية المسماة «متاحف» التي من المفروض أن تكون موزعة على امتداد التراب الوطني، يتجلى النقص الفادح، رغم الدور الهام والأساسي الذي تلعبه في حفظ الذاكرة وتنشيط الحياة السياحية، وإبراز مظاهر الحضارة. فمما لا شك فيه أن بلدنا غني بتنوعه الثقافي، كما أن مختلف جهات المملكة، لها بصماتها الخاصة في مختلف المجالات المعرفية والإبداعية، والتي من المفروض أن تخصص لها متاحف لاحتوائها ووقايتها من الاندثار، وبالتالي السماح للأجيال المتعاقبة بالتعرف عليها. إن الندرة القائمة على مستوى منشآت المتاحف، ينم عن جهل فظيع بقيمتها، في حين أن البلدان المتحضرة توليها اعتبارا خاصا، إذ باتت جزءا لا يتجزأ من أي تصميم هندسي لحي من الأحياء، أو مدينة من المدن، شأنها في ذلك شأن قاعات المسرح والسينما وسوق المواد الغذائية.. لا تكاد تخلو مدينة في البلدان المتحضرة، من متحف، كبر حجمه أم صغر، علما بأن السائح، أول ما يسأل عنه، عندما تطأ قدمه هذه المدينة أو تلك، هو مكان وجود المتاحف، إذا أخذنا بعين الاعتبار، أن كل مدينة، من المفروض أن يتوفر بها أكثر من متحف. الأكيد أننا بعيدون جدا عن المعدل المتعارف عليه، في ما يخص بناء المتاحف؛ فالعديد من مدننا تنعدم بها المتاحف، مع أن الإنسان لا يعيش بالخبز وحده. وحتى تلك المدن القليلة التي كان من حظها إنشاء متحف بها، بصرف النظر عن مستواه وحجمه، بصرف النظر عن مستواه وحجمه؛ فإن ما يلفت الانتباه، هو عدم الاهتمام بالتعريف به وإشهاره وبالتالي تنشيط فضائه. الأدهى من ذلك أن العديد من قاطني المدينة التي تحتضن المتحف، تجدهم يجهلون معرفتهم بمكان وجوده، وقد لا يسمعون به على الإطلاق، كأن المتحف أنشئ من أجل نخبة من مجتمعنا. في حين أنه من الضروري أن يتم التعريف به على نطاق واسع، ولم العمل على تنظيم زيارات خاصة له لفائدة تلاميذ المؤسسات التعليمية، لتربية النشء على الاهتمام بتراث بلاده، وغرس مبادئ العناية به وتعميق المعرفة بهذا المكون من مكونات الحضارة. من المؤكد أن وزارة الثقافة، باعتبار أن قطاع المتاحف، يدخل ضمن مجال اهتمامها وتخصصها، مقصرة في رعاية هذه البنايات الثقافية، سواء على مستوى إنشائها في مختلف جهات البلاد، أو على مستوى التعريف بها وإشهارها داخل الوطن وخارجه.