لست أدري؟ علامات الاستفهام ترتسم في ذهني ويصيبني ألم حاد في الرأس، كلما شاهدت صورا لمعلب طنجة. أعتذر بل أقصد ملعب طنجة، ملعب افتتح بمشاركة الفريق المحلي لعروس الشمال «اتحاد طنجة ونادي الرجاء البيضاوي، إلى جانب حضور أتلتيكو مدريد في الدوري كضيف شرف بفريقيه الأول والرديف بمناسبة الاحتفال بالملعب الجديد لطنجة. سيقول الكثيرون بأن صاحب هاته السطور من أعداء النجاح وأصحاب الغيرة والحسد، وأنه لا يكترث لمصلحة الرياضة الوطنية، لكني أعذرهم في كلامهم ولن ألومهم، لأنه سبق وانتقدت بشدة ملعب مراكش الجديد لأكتشف أنني كنت على صواب حينما سخرت فيما من تصميم الملعب المراكشي (ملعب كرة أم مضمار سباق)، ولكن مع الملعب الجديد توضح لي أكثر أن طرق تصميم الملاعب في بلادنا تفتقد هي الأخرى إلى ذوق رفيع كما هي بالنسبة لأشياء أخرى... ملعب فاسومراكش، والآن طنجة والقادم أسوء... قد يكون صاحب التصاميم ذا جنسية أجنبية، لكنه في اعتقادي يملك عقلية مغربية حينما قرر التعامل مع ملعب لكرة القدم على أنه مركب صالح لشتى الرياضات مضيفا إليه حلقة دائرية زرقاء، لست أعلم ما الداعي وراءها!!! هل تنهج الوزارة الوصية عل قطاع الرياضة ببلادنا سياسة تقشفية للخفض من تكاليف تأهيل البنيات الرياضية؟ كنت أظن الملاعب الجديدة لكرة القدم وليس لرياضة أخرى... ومع كامل احترامي لأم الألعاب إلا أن كرة القدم في بلادنا تحتل مكانة تفوق الأمومة أو حتى الأبوة بالنسبة للمغاربة، إنه بقعة سوداء في ثوب أبيض ذاك المضمار الأزرق الذي شاهدناه بملعب طنجة، والذي تتلطخ به أغلب ملاعب الجيل الجديد بالمغرب. إذا كانت الكرة ببلادنا قريبة من دخول (الاحتراف على الطريقة المغربية)، فإن سياسة الملاعب التي يسير بها المغرب لخطف حقوق استضافة بطولات كروية كبرى قارية أو عالمية، لن تنجح باستمرارها في التلاعب بأدوار ملاعب هي منجزة بالأساس لكرة القدم ولأندية كرة القدم ببلادنا، وليس لتنظيم تظاهرات في ألعاب القوى حتى نضع حلبة سباق في ملعب مراكشوفاس وطنجة... ولن ننسى أن المغرب لم يستطع الوفاء بعهود قطع فيها الماضي القريب، لبناء مجموعة من الملاعب قبل 2010 وليس بعد!! البعض حاول أن يبرر مهزلة حلبات السباق، بأنها ستشكل حاجزا أمام الجماهير المغربية في حالة أعمال شغب أو اقتحام رقعة الملعب، ولم يفكر المسؤولون عن كرة القدم في استئصال هذا الداء الذي انتشر في الساحة الكروية المغربية من جذوره، لكني أظن أن هناك جماهير في أوروبا تمتلك عقليات أقوى في الشغب، ورغم ذلك لم تقم بما قام به وصاة الكرة في بلادنا... أقترح على جامعة الكرة أن تزيل حلبات السباق، وتحيط أرضية الملعب بسياج حديدي عال يمنع تدفق الجماهير كما يحصل في الملاعب اللاتينية. حتى الآن لم أذكر سبب آلام الرأس التي تصيبني عندما أشاهد ملعب طنجة أو غيره... السبب أن خبرا نزل على رأسي كالصاعقة، والذي ما زلت غير قادر على تصديقه: وهو أن نادي فالنسيا الإسباني يستعد لمغادرة ملعبه الحالي «الميستايا»، ليست المشكلة في مغادرة الخفافيش لأحد أروع الملاعب في أوروبا والذي عرف مؤخرا إجراء نهائي كاس ملك إسبانيا بين ريال مدريد وبرشلونة، وافتتح سنة 1923 ويتسع لأكثر من خمسين ألف متفرج بهندسة معمارية تجعل منه موقعا سياحيا وتحفة في تاريخ المدينة وليس مجرد ملعب كرة، المشكلة أن نادي فالنسيا قرر هدم الملعب الذي يتجاوز عمره ثمانية عقود، تصوروا الأمر!!؟ لا أنكر أن النظرة الأولى لملعب طنجة أو مراكش تثير الانتباه، ليس لجماليتها أو روعتها، بل لأننا نحن لم نتعود على رؤية أمثلة عن ملاعب عصرية، لكننا مع كامل الأسف نفسد كل شيء يقع بين أيدينا... لن نتشاءم فقد يكون القادم أجمل بذوق المغاربة!