يتلخص السباق العالمي للبحث عن لقاح ضد كورونا في بعض الأسئلة الملحة حول مستويات الاستجابة التي يجب أن تطلقها في جسم الإنسان وأخطار تقديم الفايروس إلى جهاز المناعة بهذه الطريقة. وتبقى الحيوانات مثل القرد والنمس وجهة العلماء الأولى في طريق البحث عن إجابات لهذه الأسئلة الأساسية، حتى مع بدء الشركات البحثية في اختيار عشرات الآلاف من الأشخاص لإجراء دراسات وتجارب لعدد أكبر من اللقاحات خلال فصل الصيف. وقالت كاثرين برودريك، وهي مديرة قسم الأبحاث والتطوير في شركة إينوفيو الأميركية للأدوية، إن التجربة على الحيوانات تتيح للعلماء رؤية كيفية تفاعل الجسم مع اللقاحات بطرق لا يمكن للدراسات على البشر توفيرها. وأوضحت برودريك "مع الحيوانات، نحن قادرون على تشريح الأجسام والتدقيق في أنسجة الرئة بطريقة تحدد كيفية تفاعلها مع الفايروس". وقام الباحثون بإينوفيو بحقن فئران وقردة وحيوانات النمس بلقاح من تصنيعهم، بعد تعريضها للإصابة بكورونا، وهم بصدد مراقبة نتائج هذه التجارب، ونظرا لغياب مخلوقات تحاكي أجسامها استجابة البشر للعدوى تماما، تم إجراء الاختبار على أنواع مختلفة، لأنه لن يكون من الممكن التفطن إلى الفوائد والمخاطر بسهولة إذا ما تم الاقتصار على فصيلة واحدة من الحيوانات. وقال رالف باريك، خبير فايروسات كورونا بجامعة ولاية كارولينا الشمالية، والذي يعمل مع زملائه على تجربة اللقاحات على الحيوانات، إن المخاطر تعدّ أكبر من التي كانت محيطة بالبحوث ما قبل الجائحة. وأصبحت السرعة عاملا أساسيا في محاولة إيقاف الفايروس الذي تسبب في مقتل أكثر من 360 ألف شخص في جميع أنحاء العالم بالإضافة إلى إغلاق الاقتصادات. ولا توجد حتى الآن علامات تدلّ على وجود آثار جانبية مقلقة تضاعف حدّة المرض، وهو أمر يرى مدير المعهد الوطني الأميركي للحساسية والأمراض المعدية، أنتوني فاوتشي، أنه مطمئن، ففي حالات نادرة جدا، لا يستجيب جهاز المناعة للقاح كما خطط الباحثون، مما يؤدي إلى إنتاج أجسام مضادة لا يمكنها أن تمنع العدوى وتجعل من أعراض أي مرض ناتج عنها أسوأ بكثير. واختبرت ثلاث دراسات على القردة لقاحات مختلفة، بما في ذلك التي أجرتها شركة سينوفاك بيوتك الصينية، وجامعة أكسفورد التي تجري تجارب سريرية على الشمبانزي. وأثبت الدراسات التي أجرتها كل من أكسفورد وسينوفاك بيوتك نجاح أنواع مختلفة من اللقاحات. وكشف الدكتور دان باروش، من مركز أبحاث الفايروسات واللقاحات في هارفارد بمدينة بوسطن، والذي يعمل مع جونسون آند جونسون على لقاح آخر، إن بعض اللقاحات حمت القردة جزئيا ولكن أحدها نجح في توفير حماية كاملة لثمانية قردة. ويستقر الفايروس في أجسام القردة، في الرئتين ولكنه نادرا ما يخلّف أعراضا حادة. وقد يساعد النمس الذي كان أساسيا في تطوير لقاح الإنفلونزا على معرفة ما إذا كانت اللقاحات المحتملة قادرة على وقف انتشار الفايروس. وقالت الباحثة في مجال اللقاحات، أليسون كالفين، من جامعة دالهاوسي الكندية "يصاب النمس بالحمى. إنه يسعل ويعطس. تصيب هذه الحيوانات بعضها البعض مثل البشر". وعلى الرغم من أن الفايروس المستجد يمثل خطرا كبيرا على كبار السن، لا تؤدي اللقاحات غالبا إلى تقوية جهاز المناعة بالطريقة المنشودة. لذلك، تشمل تجارب كالفين حيوانات النمس الأكبر سنا. وأكدت كاثرين جانسن، رئيسة قسم أبحاث وتطوير اللقاحات في شركة فايزر لتصنيع الأدوية بنيويورك، "إذا كانت الحيوانات الملقحة التي تنتج نفس مستويات الأجسام المضادة المحايدة مثل بعض الناجين من الفايروس محمية، فإن ذلك سيكون علامة جيدة على فعالية الطريقة المتّبعة". ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يوجد حاليا أكثر من 100 لقاح محتمل في مراحل مختلفة من التطوير حول العالم، ثمانية منها على الأقل في مرحلة التجارب السريرية على البشر.