صدر مؤخرا بالجريدة الرسمية الظهير القاضي بتنفيذ القانون المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك الذي يعد إطارا مكملا للمنظومة القانونية في مجال حماية المستهلك. ويعتبر هذا القانون إطارا يمكن من خلاله تعزيز حقوق المستهلك الأساسية لاسيما الحق في الإعلام، والحق في حماية حقوقه الاقتصادية، والحق في التمثيلية، والحق في التراجع، والحق الاختيار والحق في الاصغاء إليه. ويهدف القانون إلى إعلام المستهلك إعلاما ملائما وواضحا بالمنتوجات أو السلع أو الخدمات التي يقتنيها أو يستعملها، وضمان حماية حقوقه فيما يتعلق بالشروط الواردة في عقود الاستهلاك ولاسيما الشروط التعسفية والشروط المتعلقة بالخدمات المالية والقروض الاستهلاكية والقروض العقارية، وكذا الشروط المتعلقة بالاشهار والبيع عن بعد والبيع خارج المحلات التجارية. كما يروم تحديد الضمانات القانونية والتعاقدية لعيوب الشيء المبيع والخدمة بعد البيع وتحديد الشروط والاجراءات المتعلقة بالتعويض عن الضرر أو الأذى الذي قد يلحق بالمستهلك، وكذا تمثيل مصالح المستهلك والدفاع عنها من خلال جمعيات حماية المستهلك التي تعمل طبقا لأحكام هذا القانون. ويضم هذا القانون، بالإضافة إلى الديباجة، ستة أقسام تتعلق بنطاق تطبيق هذا القانون، وإعلام المستهلك، وحماية المستهلك من الشروط التعسفية، والممارسات التجارية، والضمان القانوني لعيوب الشيء المبيع والضمان التعاقدي والخدمة بعد البيع، والاستدانة. ويحدد هذا القانون العلاقات بين المستهلك والمورد، حيث يقصد بالمستهلك كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غير المهنية منتوجات أو سلعا أو خدمات معدة لاستعماله الشخصي أو العائلي، في حين يقصد بالمورد كل شخص طبيعي أو معنوي يتصرف في إطار نشاط مهني أو تجاري. وفي هذا السياق، تنص المادة الثالثة على أن كل مورد يجب أن يمكن المستهلك بأي وسيلة ملائمة من معرفة المميزات الأساسية للمنتوج أو السلعة أو الخدمة، وكذا مصدر المنتوج أو السلعة وتاريخ الصلاحية إن اقتضى الحال، وأن يقدم إليه المعلومات التي من شأنها مساعدته على القيام باختيار معقول، باعتبار حاجياته وإمكانياته. وبمقتضى هذا القانون تتم حماية المستهلك من الشروط التعسفية، حيث نص على أنه يعتبر شرطا تعسفيا في العقود المبرمة بين المورد والمستهلك كل شرط يكون الغرض منه أو يترتب عليه اختلال كبير بين حقوق وواجبات طرفي العقد على حساب المستهلك. كما منع القانون كل إشهار من شأنه أن يوقع في الغلط بأي وجه من الوجوه إذا كان ذلك يتعلق بواحد أو أكثر من العناصر المتعلقة بحقيقة وجود السلع أو المنتوجات أو الخدمات محل الإشهار وطبيعتها وتركيبتها ومميزاتها الأساسية ومحتواها من العناصر المفيدة ونوعها ومنشئها وكميتها وطريقة وتاريخ صنعها وخصائصها وسعرها أو تعريفتها وشروط بيعها، وكذا شروط أو نتائج استخدامها وأسباب أو أساليب البيع أو تقديم الخدمات ونطاق التزامات المعلن وهوية الصناع والباعة والمنعشين ومقدمي الخدمات أو صفتهم أو مؤهلاتهم. ويتزامن دخول هذا القانون حيز التنفيذ مع مشروع القانون قيد الإعداد المتعلق بإدخال تعديل على القانون المؤسس لمجلس المنافسة لجعله هيئة تقريرية سيمنحه قوة لمحاربة الاحتكار والريع الاقتصادي وضمان المنافسة الشريفة في مجال الأسعار. في هذا الصدد يرى عبد العالي بنعمور، رئيس المجلس، أن توسيع سلطات المجلس وتمكينه من دور تقريري على شاكلة مجالس المنافسة بعدد من البلدان، سيمكنه من ضمان منافسة شريفة وحرة من شأنها تحسين مناخ الأعمال والمساهمة في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف أن من شأن مراجعة القانون المنظم لمجلس المنافسة أن يمكنه أيضا من التوفر على الوسائل البشرية والمادية الضرورية والآليات القانونية الناجعة التي يحتاج إليها من أجل الاضطلاع بالصلاحيات المخولة لها على الوجه الأكمل. ويرى اقتصاديون أن حرية الأسعار الناتجة عن حرية العرض والطلب تعد أساس المنافسة التي تحقق نتائج إيجابية لفائدة المستهلك وتنافسية النسيج الاقتصادي. كما أن حرية السوق تكون أحيانا موضوع تجاوزات وتحايل من قبل بعض الفاعلين، سواء عن طريق الاتفاقات غير المشروعة أو الاستغلال التعسفي لوضع مهيمن أو عن طريق عمليات التركيز بين الشركات. وعلى سبيل المقارنة فالأهداف التي تتوخاها مجالس المنافسة على المستوى العالمي، تكمن على الخصوص في احترام المنافسة الحرة ومحاربة الممارسات المنافية لها ومراقبة التمركزات، فيما تكمن آليات تدخلها في التحسيس والجزاء مع استقلال سلطات المنافسة وتميزها بالطابع التقريري وتوفرها على سلطة الإحالة الذاتية والسلطة التقديرية.