قصة قصيرة كريكيسة والقايدة كانت ترتدي هنداما عسكريا ، تجوب الدروب والشوارع، تتأبط مكبرا صوتيا تنبه وتوبخ وتتوعد بالسجن مخالفي الحجر الصحي، تتتبع موطن الجرح تنادي الأشخاص بأسمائها يا لقوة ذاكرة هذه المرأة. تقترب القايدة ح من امرأة في عقدها الخامس، تخفي وجهها بفولار أحمر ، تخاطبها بعبارتها المعروفة: ” دخلي الدار راه كورونا كتسارا”. تطلق المرأة العنان لزغرودة احتفالا باستقبال القائدة ح: “واش حنا في عرس آللا عائشة، آلأستاذة، آ المثقفة ديال الجريفات راني كنعرفك مزيان، أنت امرأة مثقفة وأستاذة بمعنى الكلمة زمن كانت القراية “. وترغمها على دخول بيتها: “دخلي ولا غادا نديك معايا “. وأمام إصرار القائدة وخوفا من الغرامة والحبس تهرول عائشة إلى داخل بيتها، فيما تغلق ح الباب بقوة محدثا صوتا مدويا لإثارة انتباه الجيران الذين كانوا يملأون النوافذ، يسجلون تفاصيل الأحداث بفضول وشغف يقتضيه تتبع فترة وباء كورونا، وتواصل القايدة حصادها اليومي وفي اتجاه زنقة بوذهب تصادف في طريقها “كريكيسة ” يحمل كيسا في يده، هزيل البنية ذو شعر أشعث، يرتدي قميصا يحمل إسم لاعب كرة قدم مشهور من مدينة آسفي، كان كريكيسة غير مكترث بالوضع، غير ملتزم بفترة الحجر الصحي، فجأة تقف بجانبه سيارة سوداء اللون تحمل في صفيحتها حرف جيم كتب باللون الأحمر، تنزل القايدة وكعادتها تريد معرفة أسباب خروج هذا الطائش وهو الذي لا يتوفر على الترخيص الإستثنائي للتنقل، وحدها القائدة تجوب المدينة، كان “كريكيسة “قد دس السيجارة في جيبه، ربتت على كتفه، التفت إليها واحمر وجهه خوفا من عقاب ينتظره: “علاش خارج في هذا الوقت، أش هذاك الكيس في يديك.. أكريكيسة ،أكريكيسة هز راسك، راني كنتكلم معاك ، مضيعش وقتك، ستندم ، راه مستقبلك ترسمه بيدك، راه الإلتزام تربية وإحترام القانون تربية وتقديس حياتك وحياة الآخر تربية، أنا براسي كون ما حالة الطوارئ الصحية كون أنا في داري، لكن نفسي في نيفي” ولولم تكن نفسي هنا وتشير إلى أنفها بأصبع يديها “كون حسكتو” ، يلاه حيد نيفك أنت يلاما كانت فيك النفس”. “آش كتشم بيه”؟ “لا أستعمله سعادة القائدة”، ويشير إلى محتوى الكيس، أنا لا أشم “وماشي السيليسيون ،أنت دماغك فيه غير السيليسيون، والكرامة ،ا لكرامة، حب الوطن، عزة النفس فهمتي مزيان؟”. “نعام سعادة القائدة “ وتلتفت إلى رجل أمن داخل العربة: “أطلق سراحهم إنهم قاصرين”، لقد أخذوا درسا في الوطنية وحب الخير للبلد، تفرقوا في إتجاه منازلهم ،وكريكيسة يردد في نفسه “غير هاذي والتوبة” . وتواصل القايدة ح عملها الماراطوني، توجه تارة وتؤنب أخرى، إنها تصنع جيلا صالحا، تودعهم تاركة نصائحها، يترد صداها في دروب وأزقة آسفي، تعتقلهم ، تقنعهم بطريقتها الخاصة، ثم تخلي سبيلهم وتتأهب لرحلة أخرى شاقة ولسان حالها يقول: “همي أن أجعل هذه المدينة العزيزة في القلب محصنة وبعيدة عن كل الأوبئة والأفعال العدمية”. وتصل حيا شعبيا، تصادف في طريقها شابا جالسا على جدع شجرة ، كان في حالة هستيرية، تعانقه وتأخذ بيده، تستفسره، ترغمه على المكوث في المنزل، كان يبكي يصرخ. “هاذ الولد مزبلها من طريقة بكائه ” تخاطب القائدة عون سلطة ، إعطيه الما والسكر. كم مرة لوحظت وهي تجمع النفايات في سوق شعبي، تحمل صناديق الخضر ، تساهم في تنظيمه قبل تعقيمه، تخط في تاريخ الأوبئة صفحة امرأة مناضلة ، قائدة مثالية سكنت قلوب ساكنة عبدة، لا تكل ولاتمل ، ليلها كنهارها ونهارها كليلها، تقتحم عزيب الدرعي وبجانبها أعوان السلطة: ” آش كتعمل، واش أنتما ثلاثة العساسة، فرتك عليا هذ الجماعة “. تمشط الأزقة وحوار “كريكيسة” يسيطر على مخيلتها ، وفي طريقها إلى البيت لأخذ قسط من الراحة ، سمعت صوت طفل صغير: “أحورية ،أحورية راك عزيزة عليا، غبر علمزيناتك كتكركر “. أعادت النظر في هيأته، اقتربت منه كان يحمل مصحفا في يده، يطل من نافذة منزله السفلي ، إنه “كريكيسة”. رمى الكيس، أقلع عن التدخين وحمل المصحف، تحولت حياته وتغيرت سلوكاته، لحمد لله، كورونا نقمة وفي طياتها نعمة رددت القايدة ح.