اعتبر وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد الناصري، أول أمس الخميس، أن العفو الملكي على 190 من السجناء المحكوم عليهم في ملفات مرتبطة، بشكل مباشر أو غير مباشر، بقضايا الإرهاب سيساهم في خلق أجواء أكثر إيجابية في ظل النقاشات الوطنية الجارية من أجل طي صفحات الماضي. وقال الناصري، في لقاء مع الصحافة عقب مجلس الحكومة، إن «الحكومة باعتبارها فاعلا سياسيا تعتبر أن القرار الملكي السامي بالعفو سيساهم، مما لا شك فيه، في خلق أجواء أكثر إيجابية في ظل النقاشات الوطنية الجارية من أجل طي صفحات الماضي». وأبرز الوزير أنه يتعين «على جميع الجهات والأطراف أن تكون واعية ببلاغة القرار الملكي السامي وما يترتب عنه من مقاربة إصلاحية وسياسية عميقة ستساهم بلا شك في إخصاب التربة الوطنية المغربية، في أفق بناء المغرب الجديد الذي نؤمن به». واعتبر أن «المغرب الذي نؤسس له والذي يبعث جلالة الملك إشارة جديدة في اتجاهه، هو مغرب العدالة الاجتماعية التامة بالنسبة لكل المواطنين، ومغرب الاستقرار والانفتاح الديمقراطي». وتجدر الإشارة إلى أن جلالة الملك أصدر اليوم أمره بالعفو على 190 من السجناء استجابة للملتمس المرفوع إلى جلالته من طرف رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان وأمينه العام. وفي هذا السياق، أعرب المعتقلون الخمسة، الذين أفرج عنهم صباح أول أمس الخميس، من السجن المحلي بسلا، عن شكرهم لكل الفعاليات السياسية والحقوقية التي ساهمت في إطلاق سراحهم. وفي ندوة صحفية بالرباط، عبر كل من المصطفى معتصم ومحمد المرواني ومحمد أمين الركالة وماء العينين العبادلة وعبد الحفيظ السريتي، عن شكرهم وامتنانهم لكل الفعاليات السياسية والحقوقية وهيئة الدفاع وكافة القوى الوطنية والدولية وعائلاتهم، على تضامنها معهم ومساهمتها في إطلاق سراحهم. وأعربوا خلال هذه الندوة، التي حضرها عدد من الفعاليات الحقوقية والسياسية وهيئات ومنظمات المجتمع المدني وعائلات المفرج عنهم، عن تضامنهم مع «كل معتقلي الرأي الذين لا يزالون داخل السجون»، مؤكدين «مواصلة نضالهم، إلى جانب كافة المنظمات والهيئات الحقوقية، من أجل إطلاق سراحهم». وسجلوا، في كلماتهم بالمناسبة، أن هذا اللقاء يشكل لحظة مشرقة بفضل الجهود التي بذلت من أجل الإفراج عنهم، ولحظة نضال من أجل الكرامة والحرية. وكان خالد السفياني قد ألقى، في بداية هذه الندوة الصحفية، كلمة باسم هيئة الدفاع عن المعتقلين الستة، عبر فيها عن التهاني بهذا الإفراج، الذي جاء «نتيجة النضال المتواصل والمشترك بين المعتقلين أنفسهم وعائلاتهم وكل مكونات المجتمع المغربي»، معتبرا إياه «نقطة انطلاق وبداية نحو الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي». وأكد السفياني أن هذا اللقاء «يعتبر عرسا استثنائيا ستعقبه أعراس أخرى ومعارك متواصلة على درب النضال تمسكا بتحقيق الحرية لكل المعتقلين». من جهته، أكد محمد العوني، عضو اللجنة الوطنية لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الستة، التي يترأسها محمد بن سعيد آيت يدر، أن إطلاق هؤلاء المعتقلين يعد «إحقاقا للحق»، معبرا عن الأمل في اتخاذ كافة الخطوات الكفيلة بالإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين حتى يتم طي هذه الصفحة، والانخراط بشكل جدي في تكريس دولة الحق والقانون. وشدد العوني، بالخصوص، على ضرورة مكافحة كافة أشكال الفساد وضمان استقلال حقيقي للقضاء. إلى ذلك، أشادت فعاليات حقوقية بقرار الإفراج عن المعتقلين في إطار ما يعرف بخلية بلعيرج، معتبرة أنه يرقى إلى مستوى المرحلة التاريخية التي يجتازها المغرب. وطالبت هذه الفعاليات، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش الندوة الصحفية التي عقدها المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمقره بالرباط بعد إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، بتسوية باقي الملفات الحقوقية العالقة, واتخاذ مزيد من الإجراءات المواكبة لتعزيز أجواء الثقة وترسيخ مبادئ المواطنة الحقة وحقوق الإنسان وجعل المواطن ينخرط في الدينامية التاريخية التي تشهدها المملكة. وفي هذا السياق، عبرت الكاتبة العامة للوسيط من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان خديجة المروازي عن ارتياح كافة المناضلين والحقوقيين للإفراج عن هؤلاء المعتقلين، مؤكدة أن هذا الإفراج يعد ثمرة نضالات الحركة الحقوقية. وسجلت أن المغرب، الذي يعيش في هذه الآونة مرحلة تاريخية جد هامة، في حاجة إلى تدابير تاريخية في هذا المستوى، مبرزة أن هذا الحدث يعد «انطلاقة فعلية وحقيقية» لورش الإصلاحات التي انطلقت مؤخرا بالمغرب. من جهته، أكد عبد العالي حامي الدين عن منتدى الكرامة لحقوق الإنسان أنه «تم دائما التأكيد على أن هذا الملف هو ملف سياسي ولا يمكن أن يتم حله إلا بقرار سياسي»، مسجلا أنه تم «تصحيح هذا الخطأ بعد مرور أزيد من ثلاث سنوات في ضوء التحولات الجارية في العالم العربي والظروف التي نعيشها بعد 20 فبراير». ودعا بهذه المناسبة، إلى العمل من أجل ترسيخ قيم حقوق الإنسان وضمان شروط المحاكمة العادلة بعدم تكرار ما حصل، مبرزا أن الإفراج عن هؤلاء المعتقلين يعد «بادرة لطي ملف الاعتقالات التعسفية بشكل نهائي». واعتبر أن هذا الإجراء يعد بمثابة مواكبة للدينامية التي أطلقها الخطاب الملكي لتاسع مارس والمتمثلة أساسا في «إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتسوية ملف ما بات يعرف بالسلفية الجهادية وتدابير أخرى لها علاقة بالقضاء والإعلام حتى تكون هناك رسائل واضحة لكسب ثقة المواطن لتتم تعبئته في المرحلة القادمة». من جهته، أكد لحسن موتيق عضو المكتب التنفيذي لمنتدى الحقيقة والإنصاف أن هذا الأمر يعد خطوة إيجابية، خاصة في هذه المرحلة التي يعيش فيها المغرب، على غرار بلدان المنطقة سواء على الصعيد العربي أو الإقليمي، تحركات تطالب بمزيد من الانفتاح. واعتبر أن الإفراج عن هؤلاء المعتقلين يشكل «استجابة جزئية لمطالب الحركة الحقوقية ومنها منتدى الحقيقة والإنصاف حيث استفاد عدد من مناضليه من هذا العفو». من جانبها، قالت حورية السلامي مديرة مؤسسة إدريس بنزكري لحقوق الإنسان والديموقراطية إن هذا الحدث يعد تتويجا لنضال الحركة الحقوقية وعائلات المعتقلين، مؤكدة على أهمية إطلاق سراح هؤلاء وهو ما يعكس الإنفراج السياسي الذي تطالب به الحركة الحقوقية لتوفير الأجواء المناسبة لورش الإصلاحات التي انخرط فيها المغرب. ومن جهتهن، عبرت زوجات عدد من المعتقلين في تصريحات مماثلة بالخصوص عن ارتياحهن الكبير لإطلاق سراح المعتقلين، وقالت إن «حجم الفرحة يعادل حجم المعاناة التي استمرت لأزيد من ثلاث سنوات». وأكدن على أن هذا الإفراج يشكل لحظة مفصلية في تاريخ المغرب، وأن «هذا الملف ما كان ليلقى هذا المآل لولا صبر ومثابرة أسر المعتقلين وهيئات ولجان الدفاع وشباب 20 فبراير».