بعد انتظار وتردد طويلين، خرج محمد أمين احتارين، لاعب فريق بي إس في آيندهوفن الهولندي، اللعب للمنتخب الهولندي، بدلا من ارتداء قميص أسود الأطلس. يعتبر القرار صدمة كبيرة للجانب المغربي الذي بذل مجهودا كبيرا من أجل جعل صاحب الأصول المغربية يختار قرار القلب، بذل الدفاع عن ألوان بلد النشأة والإقامة، ألا أنه فضل في الأخير، تلبية رغبة الهولنديين، وإغلاق الباب نهائيا أمام مطمح المسؤولين المغاربة. برر احتارين قراره النهائي بالأخذ بنصيحة أصدقائه المقربين، ومديره الفني فان بوميل، الذين أخبروه بما يصب في صالحه، وهو اللعب لمنتخب الطواحين، الذي شارك في مختلف فئاته العمرية، واستطاع التتويج معه ببطولة أوروبا تحت 17 عاما، ويريد أن يواصل المشوار معهم، ولا يخفي سعادته بالتواجد مع هؤلاء اللاعبين. والواقع أن مسؤولي جامعة كرة القدم بالمغرب استنفدوا منذ عدة مدة، كل المحاولات من أجل إرضاء احتارين، وحثه على اختيار اللعب للمنتخب المغربي، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل. وقد أظهر مسؤولو الجامعة المغربية لكرة القدم تعاملا إنسانيا راقيا اتجاه اللاعب، كان آخرها التكفل بنقل جثمان والده الذي وافته المنية مؤخرا إلى مسقط رأسه الحسيمة، كما أرسلت الجامعة وفدا جامعيا صوب هولندا، قدم واجب العزاء، بالإضافة تكلفت بالمصاريف الخاصة بالجنازة، وتقديم الدعم والمعنوي والنفسي لعائلة لاحتارين، كما أن وفدا عن الجامعة يتقدمه الرئيس فوزي لقجع، حضر مراسيم الدفن بمدينة الحسيمة. أثناء مرض الوالد، فضل احتارين رفض مناقشة الحسم في مستقبله الكروي الدولي سواء باللعب مع المغرب أو حتى هولندا، وتأجيل كل الأمور المتعلقة بالملف، إلا أنه بعد وفاة الوالد، خرج بقراره الأخير الذي كان في الأخير صادما ومؤلما صراحة. والغريب أن مختلف ردود الفعل من جانب الرأي العام الرياضي الوطني، جاءت إما منتقدة أو متشفية أو مهاجمة، وكأن مسؤولي الجامعة ارتكبوا جرما بتكثيف الاتصالات باللاعب احتارين، بل هناك من طالب بمحاسبة فوزي لقجع لسبب واحد هو تكلف الجامعة بمصاريف نقل ودفن جثمان الوالد. والمؤكد أنه في حالة عدم القيام بالخطوات التي أقدمت عليها الجامعة، فستوجه لمسؤوليها أيضا انتقادات شديدة وتحميلهم مسؤولية ضياع موهبة أخرى من المواهب من أصول مغربية المكونة بالمراكز الأوروبية، كما هو الحال بالنسبة للاعب إسماعيل بناصر الذي اختار اللعب للمنتخب الجزائري. مجمل القول بأن الحل الجذري والفاصل بالنسبة لكرة القدم الوطنية، هو الاهتمام بالتكوين الداخلي، وإنتاج مواهب من داخل المراكز المغربية، دون إغلاق الباب عن المواهب من أصول مغربية، المكونة بمختلف الدول الأوروبية، بعيدا عن أية إغراء أو ابتزاز أو الدخول في تسابق مع بلدان الإقامة، والذي يصل أحيانا إلى درجة من الابتذال والإساءة لرمز الانتماء الوطني الذي يبقى مقدسا وغير قابل للمساومة.