أوصت الندوة الإقليمية الأولى لقاضيات إفريقيا، التي اختتمت أشغالها السبت الماضي، بمدينة فاس، تحت شعار “الضمانات الاجتماعية والمهنية للقاضيات الإفريقيات، أي مقاربة”، بتعزيز استقلال السلطة القضائية بما يخدم المرأة في سلك القضاء. كما دعت البلدان الإفريقية لتفعيل الضمانات والمقتضيات الحمائية لرفع أي إقصاء أوحيف يمس المرأة القاضية واستحضار المعايير الدولية في ذلك. ودعت التوصيات لخلق جسور للتواصل وتبادل التجارب والخبرات والاستشارات وذلك في إطار التنسيق ما بين المجالس القضائية لمختلف الدول الإفريقية. وشددت على أهمية إنشاء شبكة إقليمية من أجل تمثيلية قارية ودولية للمرأة القاضية تهدف إلى تثمين الممارسات الفضلى والتجارب الناجحة، وكذلك إدماج المرأة وتشجيعها لشغل مناصب المسؤولية في الإدارة القضائية وفي المحاكم العادية و المتخصصة. كما أكدت التوصيات على ضرورة الاهتمام بتحسين الوضعية الاجتماعية للنساء القاضيات بما يخدم توفيقهن بين الالتزامات العائلية والمهنية وإدماج مقاربة النوع في مدونة أخلاقيات المهنة. وطالبت بوضع تصور قاري موحد ومندمج للمرأة القاضية ينسجم مع أهداف التنمية المستدامة وخبرات المنظمات الدولية (في هذا الشأن وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي والمنظمة الدولية للقانون والبنك الأوروبي للتنمية). ودعت كذلك لخلق آليات للحكامة والتتبع لوضعية المرأة القاضية الافريقية في كل الدول الافريقية. هذا، وقد تميزت الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة الإقليمية، بحضور مصطفى فارس، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ومحمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة. دعا مصطفى فارس الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، لتنفيذ تدابير تعزز دور النساء القاضيات بإفريقيا. وأضاف فارس في كلمة خلال افتتاح أشغال هذه الندوة الإقليمية الأولى، أنه رغم كل التقدم الملموس الذي تم إحرازه في الوضع المهني والاجتماعي للقاضية الإفريقية، فإن هذا المسار يبقى شاقا وصعبا في ظل بنيات سوسيو ثقافية واقتصادية تضع العديد من العراقيل وتفرض الكثير من الصعوبات. وقال إن إفريقيا التي تتحول اليوم، هي في حاجة ماسة إلى سلطة قضائية مستقلة ناجعة فعالة شفافة ومتطورة. وأكد أن القضاء في إفريقيا اليوم يحتاج إلى إعطاء الفرصة لكل بناته وأبنائه بشكل منصف ومتساو من أجل ضمان نفاذ القانون وحماية الحقوق والحريات. وتطرق فارس إلى ما حققته القاضية المغربية من مكتسبات منذ تولي أول امرأة مغربية منصب القضاء سنة 1961 بعد خمس سنوات فقط من استقلال البلاد. وقال إن المبادرات الملكية أعطت أهمية كبرى للمرأة المغربية، من أجل ترسيخ مكانتها العالية وضمان حقوقها المشروعة، إلى جانب الرجل بدءا بمدونة الأسرة ودسترة المناصفة والمساواة بين الجنسين وإخراج قانون يحمي النساء المعنفات وتمكين المرأة السلالية من حقوقها العقارية والمالية وفتح الباب أمام النساء لولوج مهنة العدالة وإصلاح قانون الجنسية والمصادقة على العديد من الاتفاقيات الدولية المرتبطة بقضايا المرأة وغيرها من المحطات الكبرى التي ساهمت في إقرار حقوق النساء بالمغرب. وأضاف أنه بفضل هذه المقاربات، استطاعت المرأة المغربية اليوم، أن تصل إلى أعلى مناصب المسؤولية في مختلف المجالات من مستشارة لجلالة الملك إلى وزيرات وزعيمات أحزاب سياسية وبرلمانيات وسفيرات وعالمات ورياضيات وفنانات عالميات ومسؤولات عن مؤسسات ومنظمات وجمعيات وطنية كبرى. وأضاف أن هذه الدينامية تظهر بوضوح أيضا في مسار القاضية المغربية التي تشكل حوالي 25 في المائة من مجموع قضاة المملكة. وأكد أيضا أن المنتظم الدولي أو المسؤولين والفاعلين الوطنيين مطالبون بوضع التدابير الرامية إلى تثمين الأدوار التي تضطلع بها المرأة القاضية، وجعلها في صلب المخططات الإستراتيجية الوطنية، بما يضمن تعزيز مكانتها الريادية في المجتمع.وشدد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية على أن “الجميع يتطلع بكثير من الاهتمام إلى ما ستساهم به هذه التظاهرة من أفكار ورؤى وتصورات تساعد في بلورة الأجوبة المناسبة للإشكاليات الكبرى التي تعيق جهود المرأة القاضية بإفريقيا، وتحد من مساهمتها كقيادية ومسؤولة وفاعلة في إنتاج العدالة”.