جددت جمهورية السنغال، اليوم الاثنين بالرباط، التأكيد على دعمها “الراسخ والثابت” لمغربية الصحراء، معتبرة أن مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب يشكل “الحل الوحيد” لهذا النزاع الإقليمي. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي أعقب مباحثات أجراها وزير الشؤون الخارجية وسنغالي المهجر، أمادو با، مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة. وقال وزير الخارجية السنغالي “أود أن أجدد من هذا المقام، الدعم الراسخ والثابت لجمهورية السنغال إزاء مغربية الصحراء، وهو الموقف الذي دافعت عنه السنغال مند أمد بعيد”، مؤكدا أن بلاده تدعم الجهود التي تقوم بها الأممالمتحدة من أجل التوصل إلى حل لهذه القضية. من جهته، أعرب بوريطة عن امتنانه للوزير والدبلوماسية السنغالية ووقوفها “الدائم” إلى جانب المغرب في معركته من أجل الوحدة الترابية، مؤكدا أن المغرب سيظل ممتنا لهذا الدور القوي والفاعل لهذا الموقف المعبر عنه في المحافل الإقليمية والدولية. شراكة متميزة من جانبه، استقبل رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، أول أمس الإثنين بالرباط، أمادو با وزير الشؤون الخارجية بجمهورية السنغال، الذي يقوم بزيارة صداقة وعمل للمملكة. وشكل اللقاء مناسبة وقف فيها الجانبان على المستوى المتميز للشراكة المغربية السنغالية على مختلف الأصعدة، حيث تربط الشعبين والبلدين أواصر أخوة وتعاون متجذرة في التاريخ، تساهم في تعزيزها الزيارات المتبادلة بين قائدي ومسؤولي البلدين على أعلى المستويات. وسجل رئيس الحكومة ووزير الشؤون الخارجية في هذا الإطار التطور الهام الذي عرفته علاقات التعاون الثنائي في قطاعات عدة من مثل الفلاحة والصيد البحري والبنيات التحتية والخدمات البنكية والمالية والتربية والتكوين وغيرها، حيث أعرب أمادو با عن امتنان بلاده للانخراط القوي والمتواصل للمملكة المغربية في الدفع بالشراكة مع جمهورية السنغال، والجهود القيمة للمملكة خاصة في مجال استقبال وتكوين الطلبة السنغاليين وتيسير مقامهم بالمملكة. وأعرب الجانبان في هذا الإطار عن الرغبة المشتركة في إعطاء دفعة جديدة للتعاون الثنائي وتشجيع المزيد من مبادرات الشراكة بين الفاعلين الخواص في البلدين. كما تم التطرق خلال هذا اللقاء للمستوى الجيد للتنسيق السياسي بين البلدين، حيث جدد رئيس الدبلوماسية السنغالية التعبير عن الموقف الثابت لبلاده الداعم لقضية الوحدة الترابية للمملكة، وكذا عن تطابق وجهات نظر البلدين بخصوص مجموعة من القضايا الدولية من قبيل محاربة الإرهاب والتطرف والحد من آثار التغيرات المناخية والمعالجة التنموية لظاهرة الهجرة غير الشرعية وغيرها. إشادة بتجربة المغرب في مكافحة الإرهاب أكد وزير الشؤون الخارجية وسنغالي المهجر، أن المغرب طور خبرة في مجال مكافحة الإرهاب، من شأنها أن تساعد البلدان الإفريقية التي تعاني من هذه الآفة. وقال أمادو با، في مؤتمر صحفي مشترك عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، إن “المغرب طور خبرة مشهودة في مجال مكافحة الإرهاب، وهو ما تم التأكيد عليه خلال الدورة الاستثنائية الأخيرة لمؤتمر دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو) بواغادوغو”. وأكد الدبلوماسي السنغالي، أن بلاده تربطها بالمغرب علاقة “دينامية وقوية”، تعززت بفضل العلاقات المتميزة بين جلالة الملك محمد السادس والرئيس السنغالي ماكي سال، مشيدا في هذا السياق، بالاهتمام الذي يوليه جلالة الملك للسنغال. وبعد أن أشار إلى أن محور دكار-الرباط يحقق إنجازات “مرضية” في مجالات الفلاحة والصيد والتعليم والبنى التحتية، رحب بقرار الحكومة المغربية الرفع من عدد المنح المقدمة للطلبة السنغاليين سنويا. من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية السنغالي أنه أجرى مع بوريطة مباحثات “أخوية” تطبعها “الثقة والتقدير المتبادلان”، حيث تميزت بمناقشات “مثمرة” لعدد من القضايا الثنائية والقارية والدولية ذات الاهتمام المشترك. مصائر مشتركة أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة، أن العلاقات بين المغرب والسنغال تتميز بمصائر مشتركة تجسد نموذجا ناجحا للتعاون جنوب – جنوب. وأوضح بوريطة في مؤتمر صحفي مشترك عقب المباحثات التي أجراها مع وزير الشؤون الخارجية وسنغالي المهجر، أمادو با، أن الروابط “المتميزة” بين المغرب والسنغال تتميز بطابعها “الخاص”، ولا تنحصر فقط في الإرث الروحي والجوانب الدبلوماسية العادية، بقدر ما تتميز ب”مصائر مشتركة” تجسد نموذجا ناجحا للتعاون جنوب-جنوب ورابح-رابح. ووصف بوريطة العلاقات بين البلدين ب”المتينة”، مشيرا إلى أن زيارة الدبلوماسي السنغالي تندرج في سياق تعزيز هذه الروابط وفي إطار تقليد التشاور السياسي. وقال الوزير إن “الشعبين يتذكران الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس من العاصمة دكار في نونبر 2016 بمناسبة الذكرى 41 للمسيرة الخضراء”، مبرزا أن اختيار هذا المكان لم يكن اعتباطيا ف”المغاربة يشعرون في السنغال وكأنهم في وطنهم”. وذكر، في هذا السياق، ب”أن الزيارات الملكية للسنغال بلغت في المجموع ثماني زيارات، وهو أعلى عدد من الزيارات التي قام بها جلالة الملك إلى بلد إفريقي”. من جهة أخرى، أكد بوريطة، على ضرورة عقد الدورة المقبلة للجنة المشتركة الكبرى للتعاون، باعتبارها آلية للتعاون الثنائي، في التاريخ والمكان الذي سيتم الاتفاق عليهما بشكل مشترك. وتوقف الوزير عند ضرورة الرفع من وتيرة تفعيل مختلف الاتفاقيات الموقعة بين البلدين وتحديد فرص جديدة للتعاون والاستثمار في مختلف المجالات. وقد شكلت هذه المباحثات، حسب بوريطة، مناسبة لاستعراض مختلف أوجه التعاون التي تربط البلدين، حيث تم خلالها تسجيل “ارتياح كبير” إزاء التقدم المحرز في مجال التعاون، لاسيما في مجالات الصحة والفلاحة والنقل والصيد البحري والدبلوماسية.