حدث ما لم يكن متوقعا بالنسبة للكثيرين، إقصاء مر للفريق الوطني المغربي لكرة القدم أمام منتخب البنين في ثمن نهاية كاس إفريقيا للأمم بمصر، وذلك بعد سقوطه بشكل مفاجئ بضربات الترجيح (4-1) بعدما انتهى الوقتان الأصلي والإضافي بالتعادل (1-1) في المباراة التي جمعت الطرفين يوم الجمعة الماضي بملعب السلام بالعاصمة القاهرة. إقصاء مفاجئ لم يكن متوقعا أمام منتخب بنيني يصل لأول مرة في تاريخه إلى هذه المرحلة، منتخب لم يحقق حتى أي فوز في المقابلات الأربعة التي لعبها، ووصل إلى ربع النهاية بفضل الضربات الترجيحية (4-1). لم يكن متوقعا والمنتخب المغربي حقق العلامة الكاملة بتحقيقه 9 نقط من 3 مباريات، واحتلال المرتبة الأولى، وكان الجميع شبه متيقن أن كتيبة “أسود الأطلس” سيعبرون إلى الربع بكل سهولة. كان هذا هو الاعتقاد السائد حتى بالنسبة للتقنيين المتابعين لهذه الدورة، لكن حرية “المعتقد” شيء، والواقع شيء آخر، وكل من يرى الأمور بموضوعية، وبعيدا عن العاطفة، لم يراهن بشكل كبير على فريق ظهرت به اختلالات واضحة في الكثير من المحطات. بين مرحلة إعداد سلبية وأوهام رونار في مرحلة الإعداد الثانية، حصد الفريق هزيمتين أمام منتخبين لم يحققا تأهيلهما لكأس الأمم الأفريقية، أمام غامبيا وزامبيا، سجلت عليه خلال المباراتين أربعة أهداف، واكتفى بتوقيع هدف واحد فقط، وكان هذا مؤشرا سلبيا دالا على التواضع الذي يعيشه منتخب راهن عليه مسؤولو الجامعة للذهاب بعيدا خلال النسخة ال32 من “الكان”. رغم كل هذه المؤشرات السلبية من الناحية التقنية، أضف إلى ذلك الانقسامات التي طرأت بين اللاعبين وحالة عبد الرزاق حمد الله، إلا أن المبالغين في التفاؤل قالوا إن مرحلة الإعداد لا يقاس عليها، بل هناك من المغفلين من قال إن هيرفي رونار أراد إخفاء أوراقه الرابحة وأنه فضل مغالطة الخصوم، مع أنه في الواقع كان يوزع الوهم والابتسامات الماكرة. جاء المنتخب المغربي للقاهرة وهو محمل بالكثير من الأماني وبدعم من جمهور غيور مستعد للتنقل إلى أبعد نقطة بالمعمور من أجل الدعم والمساندة والتشجيع، وظهر مرشحا فوق العادة بحكم الهالة الإعلامية المحيطة به من كل الجوانب. علامة كاملة واختلالات واضحة بدور المجموعات خاض الفريق الوطني أول مباراة وكانت أمام ناميبيا المتواضعة، ولم يحقق الفوز إلا بهدف لصفر وقعه مدافع ناميبي ضد مرماه، المباراة الثانية واجه خلالها منتخب كوت ديفوار، وحقق الفوز بمجهود للاعب نور الدين أمرابط الذي سلم في غفلة من دفاع “الفيلة” كرة على طبق من ذهب وفضة، ليسجل يوسف النصيري الهدف الوحيد في مباراة صعب على أصدقاء سيرج أورييه مجاراتها. المباراة الثالثة والأخيرة عن دور المجموعات، واجه خلالها المنتخب المغربي نظيره الجنوب إفريقي، وهنا ظهرت الاختلالات بوضوح، سلبية في الأداء، قلة فرص التسجيل، تراخ وغياب الندية إلى غيرها من المظاهر السلبية التي لا يمكن أن تخفى على أي تقني فاهم للخصوصيات الفنية لمباراة في كرة القدم. ففي الوقت الذي كانت المباراة تسيير نحو التعادل الأبيض، وإقدام رونار على أحداث تغيير على بعد دقيقتين من انتهاء الوقت القانوني، قصد قتل الإيقاع وربح مهلة زمنية مخافة من مفاجأة في آخر الثواني، جاء خطأ من مدافع جنوب إفريقي الذي أهدى كرة سانحة للاعب مبارك بوصوفة الذي قبل الهدية بصدر رحب وحولها إلى هدف حاسم مكن الأسود من تأمين زعامتهم المجموعة الرابعة. قيل ما قيل من عبارات الثناء، هلل المهللون إلى درجة المبالغة، وراهن المتفائلون دون أدنى تحفظ، وأصبح المنتخب المغربي مرشحا فوق العادة، بل هناك من بات يتكهن باسم المنتخب الذي سيواجهه أصدقاء بوصوفة. عقم تهديفي وسيطرة عمياء وهدية من الخصم في ثمن النهاية سعد الجميع بمواجهة بنين الضعيفة، بل هناك من أصبح يتحدث عن إمكانيات منتخب السنغال بصفته الخصم المفترض في حالة تحقيق التأهيل للربع، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، إذ ظهرت تشكيلة رونار مفككة وغارقة في السلبية فاقدة للقدرة على تهديد جدي للخصم اللهم من سيطرة ميدانية غارقة في السلبية وعدم الفعالية، فأغلب التمريرات تبقى عرضية وبمنتصف الملعب. سجل منتخب بنين هدفا في غفلة من المدافع مروان داكوستا، واحد من اللاعبين المفروضين فرضا على التشكيلة، ليتواصل إهدار غريب للفرص وسيطرة عمياء، وعجز واضح على فك لغزة دفاع كتيبة “السجانب” التي فضل الركون للدفاع، ورغم حالة الطرد، ورغم عديدة ضربات الخطأ المباشرة التي أعلنها الحكم لفائدة العناصر الوطنية، والتي كان بعضها مجاملة من هذا الحكم الأنغولي هيلدر مارتينز دي كارفاليو، والذي أراد التصالح مع المغاربة بعد الخطأ الفادح الذي سبق أن ارتكبه ضد فريق حسنية أكادير ضد نادي الزمالك المصري في كأس الاتحاد الإفريقي (الكاف). رغم هذه الهدايا، إلا أن كل التسديدات لم تصب الهدف الذي انتظره المغاربة بفارغ الصبر، إلى أن تفضل مدافع بنيني مرة أخرى بمنح هدية سانحة لبوصوفة الذي مرر كرة على طبق من ذهب وفضة للنصيري مسجلا هدف التعادل. ضياع تأهيل سهل أمام خصم ب 10 لاعبين بعد ذلك جاء البحث المضني عن إصابة الفوز، وبعد جهد جهيد أعلن الحكم الأنغولي بدون تردد عن ضربة جزاء، تسابق الحاضر الغائب حكيم زياش على تنفيذها، لكنه أهدر ببشاعة فرصة سانحة لمنح منتخب تأهيلا تاريخيا لربع النهاية لأول مرة منذ دورة 2004 بتونس. بضياع ضربة الجزاء في الدقيقة الخامسة والتسعين ضاع التأهيل السهل، خاصة وأن الفريق الخصم لعب فترة مهمة من الجولة الثانية والشوطين الإضافيين بعشرة لاعبين، بعد أن سارع الحكم إلى طرد مدافع ادعى الإصابة. جاءت الضربات الترجيحية وظهرت الرعونة واضحة وسجل الوافد الجديد على كتيبة أسامة الإدريسي وحده وأضاع سفيان بوفال ويوسف النصيري تسديدتين ودونما حاجة لتنفيذ التسديدة الرابعة، ليتأهل منتخب بنين ويغادر الأسود الدورة من الباب الضيق. نهاية مرحلة وجيل في انتظار عملية تطهير وتجديد كان علينا كمحبين للفريق الوطني وقبل أن نراهن كمحبين لهذا المنتخب أن نرى الأمور بموضوعية، بالمنتخب المغربي كان أضعف خط هجوم في الدور الأول بثلاث أهداف فقط، ومن بين هذه الأهداف، هدف مدافع ضد مرماه. وبهذا الإقصاء المر، انتهت مرحلة بإيجابياتها وسلبياتها ودورسها المتعددة، مرحلة تعددت فيها الأخطاء وكنا دائما متفائلين على أمل إصلاح ما يظهر من اختلالات لعبت فيها مجموعة من الأطراف دورها ولعل أبرزها جامعة كرة القدم التي تعاملت مع المدرب وبعض اللاعبين بطريقة أعطت نتائج عكسية. طغى المدرب إلى درجة لم يعد يأبه لأحد فحتى رئيس الجامعة الذي هو في نفس الوقت رئيس لجنة المنتخبات، لم تعد له سلطة لا على المدرب ولا على بعض اللاعبين الذين كونوا مع الوقت واستمرار “لفشوش” لوبيا ضاغطا، وكانت النتيجة تسيب وفوضى مما جعل الفريق الوطني رهينة في يد مجموعة معينة يحميها المدرب الفرنسي. انتهى جيل من اللاعبين كان يستحق أن يتوج بإحدى الألقاب، جيل أبدع فيه على امتداد سنوات كل من مبارك بوصوفة وكريم الأحمدي ونور الدين أمرابط ومنير المحمدي الحارس ورومان سايس وغيرهم، لتبدأ مرحلة أخرى لابد وأن تختلف عن سابقاتها من حيث المضمون والشكل والتعامل والانضباط. ودع المنتخب المغربي “كان 2019″، على أمل أن يكون جاهزا لمدرب أخرى ولاعبين آخرين ينضافون للذين ما يزالون قادرين على العطاء لتشكيل منتخب مؤهل لاستعاد الملايين من الجمهور المغربي المستعد لبذل الغالي والنفيس من أجل رؤية منتخبه يشرف بالمحافل القارية والدولية. *** تصريحات فجر: نحترم منافسنا اعتبر فيصل فجر، لاعب المنتخب المغربي، أن عدم احترام المنافسين، هو الذي تسبب في مغادرة أسود الأطلس لبطولة كأس أمم إفريقيا المقامة بمصر. وأوضح فجر في تصريحات صحفية، “أمر صعب للغاية.. ولا استطيع أن أقول شيء.. هذه هي كرة القدم، وحينما لا تحترم الخصم يحدث لك ذلك”. واستطرد ذات المتحدث قائلا، “يجب لينا التقدم إلى الأمام ولكننا لم نستوعب الأمر حتى الآن.. نحتاج إلى الوقت لنسيان ما حدث”. بوصوفة: حزين للإقصاء عبر اللاعب الدولي المغربي مبارك بوصوفة عن حزنه الكبير لخروج منتخب بلاده من دور ال16 ببطولة كأس أمم إفريقيا أمام منتخب بنين. وقال بوصوفة في تصريحات صحفية، “هذه هي كرة القدم، وحاولنا التأهل والفوز بالمباراة، ولكن ركلات الترجيح كانت لها رأي آخر”. وحول مستقبله مع المنتخب المغربي وإمكانية الاعتزال قال بوصوفة، “أعتقد إنه قد حال وقت الاعتزال والاكتفاء بهذه المسيرة الدولية، خاصة بعد وصولي إلى عامي ال35”. داكوستا: أعتذر للجماهير قال مروان داكوستا، لاعب المنتخب المغربي، “من الصعب أن نتقبل الطريقة التي خسرنا بها.. لقد كان خطأ صغيرا كلفنا الهدف الأول، لم أراقب مسجل الهدف جيدا.. أتحمل مسؤوليته، لذلك أعتذر للجمهور المغربي عن ذلك”. وأضاف داكوستا قائلا، “المنتخب المغربي نجح في العودة للمباراة، وبحث عن تسجيل الهدف الثاني لكنه لم يوفق.. مسؤولية الإقصاء جماعية، نشعر بالاستياء لأننا لم ننجح في إسعاد الجمهور المغربي، مع الأسف لم نكن في أفضل حالاتنا”. بوفال: صدمنا البنين عبر سفيان بوفال، مهاجم المنتخب المغربي، عن استيائه بعد إقصاء أسود الأطلس من ثمن نهائي كأس الأمم الإفريقية 2019، على يد البنين. وأضاف بوفال خلال تصريحات صحفية، “في الواقع ما زلنا على وقع الصدمة، بصراحة لم نتوقع ما حصل في المباراة.. منتخب بنين قدم مباراة في المستوى.. الحظ أيضا لم يكن بجانبنا”. وختم حديثه بالقول، “إنه سيناريو لم نتوقعه، التأهل ضاع منا.. لذلك نعتذر للجمهور المغربي الذي كنا نرغب في إسعاده بمواصلة المشوار”.