لَم يكن شهر رمضان بكل ما يتضمنه مِن معانٍ دينية وروحية بالمناسبة التي يغفلها الشعراء والأدباء على مر العصور، ولقد حفلت كتب الأدب، ودواوين الشعراء، بذكر هذا الشهر الكريم، ما بين ترحيب بمَقدمه، وتوديع له، وإظهار أهمية الصوم في حياة الناس، وعاداتهم في رمضان في مختلف البلدان، واعتباره شهرا للهِداية، والنصْر، والجود، والبر، والصلة. ومَن يتَصفح كتب الأدَب الإسلامي منذ عصر صدر الإسلام، فسيلحظ مدى الحب والتقدير، الذي أولاه الأدباء والشعراء لهذا الشهر؛ فها هو أمير الشعراء أحمد شوقي يصور لنا الصوم تصويرا أدبيا؛ فيقول في كتابه «أسواق الذهب»: «الصوم حرمان مشروع، وتأديب بالجوع، وخشوع لله وخضوع، لكل فريضة حكمة، وهذا الحكم ظاهره العذاب، وباطنه الرحمة، يستثير الشفقة، ويحضُّ على الصدَقة، يكسر الكبْر، ويعلم الصبر، ويسن خلال البر، حتى إذا جاع مَن ألف الشبع، وحرم المترف أسباب المتَع، عرف الحرمان كيف يقَع، وكيف ألمه إذا لذع». لقد حفل الشعر الملحون بغير قليل من القصائد التي نظمها شعراء الملحون بمناسبة حلول شهر رمضان . ومعلوم أن الملحون فن شعري اصيل، ورافد أساسي من روافد الذاكرة المغربية بحكم تجذره في تاريخ الحضارة المغربية، وارتباط مضامينه وأشكاله بطقوس وعادات وتقاليد الحياة اليومية في بلادنا منذ أكثر من ستة قرون . فقد أبدع شعراء الملحون قصائد عكست توجههم الديني وتمسكهم بكتاب الله وسنة رسوله الكريم . ذلك أن غير قليل من الشعراء ترعرعوا في بيئة الفقهاء والعلماء الذين كانت تعج بها أوساطهم، إلى حد لا تكاد فيه أي قصيدة تخلو من إشارات ذات بعد ومعنى روحاني . ومن ثمة، فالشعر الملحون يرتبط بالدين وبالثقافة الإسلامية عقيدة وشريعة، وهو أمر واضح في غير قليل من القصائد . لذلك، فإن شاعر الملحون إسلامي النزعة فيما أبدع من نصوص شعرية دينية تتناول مختلف القضايا والظواهر الدينية . وشهر رمضان مناسبة عظيمة اهتبلها شاعر الملحون ليتحدث من خلالها عن فضل هذا الشهر الكريم . يقول شاعر أسفي وشيخ أشياخها الحاج محمد بن علي الدمناتي عن شهر رمضان : سعدات كل من صام شهر رمضان الغني يسكنوا في الجنة يا صاح توب واسترجع للمنان عن طاعت الغني لا تغنى وصغى نحدثك فرقايق الوزان عسى تنال ما تتمنى ترك لهوى وجنب سوق النقصان وعرف بين عمرك يفنى فمناهج الخطى وطريق البهتان وسهوك عن شروط السنى للواحد الغني توب فكل ازمان وتقول في حديث المعنى إلى انت بربك عارف نهج السلام راك تعرفو إلى تكون مثلي خايف حمل الوزار عنك خفو واجي تصيغ قول الواصف شهر الصيام ليك نوصفو نوره ضوى وسطع فساير لكوان وبهاه بين العباد سنى نحكي عروس جا من جنة رضوان بين الورى تجلى ودنى الحور غارت من بهاه الفتان ولقات من جمالو شطنى وملايك السما تمثيل الوصفان وبأمرو ونهيو تعنى وقوام ليه ترجى فكل مكان يزورهم مرة فسنى في كل عام يظهر مرة ويتوك عل الخلق بنوره ويصيب هل الحال محضرة يرجاوا كل حين ظهوره واللي عشيق عاد فبشرة بالصوم كل يوم يزوره وشهر رمضان على حد قول شاعر الملحون الشريف حسن السليماني من مدينة زرهون : شهر رمضان تحضر فيه بركة الغاني فيه تقام ليلة القدر بالصلا والأدعية نعايم رمضان كثيرة، ما يحصيها لساني سعد اللي فطر الصايم، بقوة إيمانية لكن، قبل الاسترسال في الحديث عن شهر رمضان على ألسنة شعراء الملحون، حري بنا أن نعرف معنى رمضان، ولماذا سمي هذا الشهر باسم رمضان، وما هو المعنى اللغوي لهذا الإسم ؟