يعم الغضب صفوف مكونات الحركة الأمازيغية حيال مضامين مشروعي القانونين المتعلقين بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، والتأخر الحاصل في اعتمادهما. فقد انطلقت نداءات في صفوف هذه الحركة، داعية إلى تجاوز الفعل المدني والانتقال به إلى الفعل السياسي، على اعتبار أن الفعل المدني أبان عن محدودية في التأثير المباشر في الفعل العمومي والسياسات العمومية. وأعلنت الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة المعروفة اختصارا ب “أزطا”، رفضها لهذا “الجمود”، داعية الهيئات المدنية الأمازيغية إلى التفكير في إستراتيجية نضالية، وإلى تطوير الفعل المدني الأمازيغي من حيث قوته الجماهيرية والاقتراحية، بل والدفاع عن استقلاليته. وأكدت الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة أن دعوتها للتحرك تأتي لمواجهة ما أسمته التعامل غير الجاد للدولة في مقاربتها لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، بما يحيل على سياسة الاستيعاب الجديدة، التي تنهجها السلطات، والعمل على خلق سبل التّأثير القوي والفعال في السياسات العمومية للدولة المغربية ذات الصلة باللغة والثقافة الأمازيغيتين. واعتبرت شبكة “أزطا”، بهذا الخصوص، خلال اجتماع مجلسها الوطني يوم الأحد الماضي، أن مجالات الفعل النضالي من أجل الأمازيغية تختلف باختلاف المواقع وطبيعة الرهانات والتي من المفروض أن تتكامل باختلاف المواقع والرؤى وطبيعة الإطارات. وحذرت ” أزطا”، مما سمته “خلط الأوراق، والاسترزاق السياسي بإرث ومكتسبات الحركة الأمازيغية، وبيع تراكماتها الأدبية والنضالية مقابل المواقع”، مؤكدة أن الأساس الموضوعي لوجود الحركة الأمازيغية هو الدفاع عن المطالب الأمازيغية في استقلال عن الإطار العام المرسوم للفاعل السياسي الحزبي، مع استحضار ما يقتضيه التأثير الضروري في السياسات العمومية من علاقات تفاعل وأحيانا تكامل مع هذا الفاعل السياسي الحزبي، دون الوصول إلى حد التماهي معه، وفق تعبير أعضاء “أزطا” خلال اجتماع مجلسهم الوطني. ومن جانب آخر، جددت “أزطا” التأكيد على أن مشروعي القانونين المتعلقين بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، المطروحين على أجهزة المؤسسة التشريعية، لا يستجيبان لتطلعات الحركة الأمازيغية والحقوقية، لكونهما، من خلال ما تضمناه من مقتضيات، يكرسان التفاوت بين اللغات المتداولة في المغرب، وتشرعان لشروط إضعاف تنافسية اللغة الأمازيغية، معتبرة أن هذا الأمر سيؤدي إلى تسريع موتها. كما اعتبرت “أزطا” أن الدولة، من خلال المسار المترنح الذي يطبع التفعيل الرسمي للأمازيغية، لازالت تتبع سياسة الاستيعاب والاحتواء التي نهجتها منذ عقدين اتجاه المطالب الأمازيغية، معتبرة أن هذه السياسة هي نفسها المتحكمة في مضمون المشروعين سالفي الذكر، حتى بعد اعتراف دستور 2011 الرسمي بالمكون الأمازيغي، بما يحيل على أنه تمت الاستجابة الشكلية للمطالب دون تقديم الحلول الحقيقية والناجعة. وفي موضوع آخر، يتعلق بالإشكالات المرتبطة بالحق في الأرض وما يتعلق بها، ثمنت “أزطا” الدينامية الاجتماعية التي توجت بمسيرة “أكال”، داعية الدولة إلى فتح باب التشاور والحوار الجاد مع الساكنة المحلية لبلورة حلول حقيقية للإشكالات المرتبطة بهذا الحق، وإرساء نهج تنموي ترابي قائم على العدالة المجالية والمشاركة الواسعة للمواطنين في تدبير الشأن العمومي المحلي، بما يحقق التنمية المستدامة للمجالات الترابية المعنية، وتقليص الفوارق الترابية.