قالت كريستين لاغارد، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي إن الدول المصدرة للنفط حققت تعافيا كاملا من صدمة أسعار النفط الكبيرة التي واجهتها عام 2014، لكن النمو في هذه البلدان “لا يزال دون التوقعات أيضا”. وأوضحت لاغارد التي كانت تتحدث خلال أعمال الدورة الرابعة من منتدى المالية العامة في الدول العربية الذي نظم على هامش القمة العالمية للحكومات في دورتها السابعة التي افتتحت، أول أمس الأحد بدبي، أن الدين العام في البلدان المستوردة للنفط تجاوز حاليا 90 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي في حوالي نصف هذه البلدان. وأضافت لاغارد خلال هذا اللقاء الذي عرف مشاركة وزراء مالية عدد من البلدان العربية ومحافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، وعدد من رؤساء المؤسسات المالية الإقليمية والدولية، أنه رغم الإصلاحات الكبيرة على جانبي الانفاق والإيرادات، إلا أن عجوزات المالية العامة لا تنخفض إلا ببطء، مشيرة إلى أن الدين العام زاد من 13 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي في تلك البلدان عام 2013، إلى 33 بالمائة سنة 2018. وحول النمو العالمي، أوضحت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي أنه في “ظل حالة انعدام الثقة السائدة حول توقعات النمو، يتوقع الصندوق أن تصل نسبة النمو العالمي إلى 3.5 بالمائة هذا العام، بانخفاض قدره 0.2 بالمائة عن توقعات الصندوق في أكتوبر الماضي”. وشددت كريستين لاغارد على ضرورة الاهتمام بتدعيم السياسات المالية العامة في المنطقة لتفادي التحديات المحتملة، وزيادة بناء أسس قوية كركائز لتلك السياسات، ومن أهمها إيجاد آليات مالية عامة سليمة، ممثلة في مجموعة من القوانين والتدابير المؤسسية لتحقيق أهداف السياسة المالية، بما يسمح للحكومات بالتخطيط لميزانياتها على المدى المتوسط بصورة تعكس أهداف واضحة ذات مصداقية، وتفادي التركيز على المدى القصير الذي لا يخدم دعم السياسات المالية الصلبة والشاملة ويزيد من صعوبة تحقيق النمو المستدام والاحتوائي. من جانبه، أبرز عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي المدير العام رئيس مجلس ادارة صندوق النقد العربي، تحسن أداء الاقتصادات العربية عام 2018، وذلك انعكاسا للارتفاع في مستويات الطلب الخارجي، والزيادة في أسعار النفط العالمية، إلى جانب تأثير برامج الإصلاح الاقتصادي التي يجري تنفيذها في عدد من الدول العربية، مشيرا إلى أن توقعات صندوق النقد العربي تفيد بتحقيق معدل نمو للدول العربية كمجموعة بحوالي 2.3 و3 في المائة خلال عامي 2018 و2019 على التوالي. كما توقف الحميدي عند عدد من التحديات التي تواجه الاقتصادات العربية في المرحلة الراهنة على صعيد تحقيق النمو الشامل والمستدام، مشيرا في هذا الصدد إلى التحدي الأول المتمثل في القدرة على رفع وتيرة النمو الاقتصادي إلى مستويات تتراوح ما بين خمسة إلى ستة في المائة بما يساعد على تحقيق خفض ملموس لمعدلات البطالة. أما التحدي الثاني، يضيف المتحدث ذاته، فيتمثل في تحقيق الانضباط المالي والاستدامة المالية، وذلك بهدف احتواء وترشيد الزيادة في مستويات الإنفاق العام، وتعزيز وتنويع الإيرادات الحكومية، وتطوير استراتيجيات إدارة الدين العام، مؤكدا في هذا الصدد أن الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات خلال السنوات المقبلة، من شأنه أن يوفر موارد مالية يمكن توجيهها إلى دعم النمو الاقتصادي وتوفير المزيد من فرص العمل وتقليل مستويات الفقر والبطالة. تجدر الاشارة الى انه تم خلال المنتدى الرابع للمالية العامة في الدول العربية استعراض السياسات المالية لدول المنطقة في جلسة حملت عنوان “إرساء أسس الإدارة للسياسة المالية في الدول العربية”، وتناولت مؤشرات الأداء المالي لدول المنطقة ومستويات النمو فيها مقارنة بمثيلاتها في دول العالم، إضافة إلى تأثير انخفاض أسعار النفط على السياسات المالية للدول وما يصاحبه ذلك من تباطؤ اقتصادي يتطلب العمل بجدية على تحسين السياسات المالية واعتماد الأنظمة التكنولوجية لتعزيز الشفافية والثقة في الحكومات.