تستمر احتجاجات التجار والمهنيين في عدة مناطق من المملكة، تعبيرا عن رفضهم لما جاء به قانون المالية لسنة 2019 فيما يتعلق بأحكام النظام الضريبي. وعلى الرغم من إعلان الحكومة توقيف الإجراءات المرتبطة بالموضوع إلى حين إجراء المزيد من المشاورات حولها مع الأطراف المعنية، فإن العديد من النقابات والجمعيات المهنية الممثلة للتجار أعلنت ثباتها على قرار الإضراب الذي سبق أن أعلنت عنه خلال الأسبوع الماضي. وتشهد كل من مدن فاس، الرباط، الدارالبيضاء، تيزنيت، وغيرها منذ الأسبوع الماضي، احتجاجات للتجار والمهنيين. ومن المقرر أن تشهد عمالات أكادير اداوتنان وانزكان أيت ملول وأقاليم اشتوكة أيت باها وتارودانت، إضرابا عاما يومي الثلاثاء والأربعاء، بناء على دعوة من تنسيقية تجمع العديد من نقابات وجمعيات التجار والمهنيين بتلك المناطق. وفي هذا الصدد، قال عيسى أوشوط الكاتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين بالرباط، التي أعلنت عن إضراب مماثل يوم الخميس المقبل، إن أسباب الاحتجاج ما تزال قائمة ما لم ترق تصريحات الحكومة إلى خطوة إصدار قانون تنظيمي يلغي العمل بتلك الإجراءات. واعتبر أوشوط، في تصريح ل “بيان اليوم”، أنه ما لم يتم ذلك فإن الحكومة تمارس ما أسماه ب “ازدواجية الخطاب” لربح الوقت ولمحاولة تهدئة الأجواء المتوترة التي خلفتها الإجراءات في صفوف التجار والمهنيين. وأضاف أوشوط أنه كان يجدر بالحكومة أن تعمل على فتح حوار مع المهنيين والتشاور معهم قبل إقرار النظام الضريبي الجديد وليس بعده، مشيرا أن الإجراءات التي تضمنها قانون المالية الحالي لم تأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الصعبة التي يعيشها القطاع وكذا مطالب المهنيين التي ما فتئوا يطالبون المسؤولين بالإنصات إليها. كما لم يتم الأخذ بعين الاعتبار المذكرات المطلبية والتعديلات التي تم رفعها إلى الفرق البرلمانية خلال مناقشة قانون المالية. وفي هذا السياق، تحدث أوشوط عن حرمان فئة التجار والمهنيين من الإدماج في نظام التغطية الصحية الإجبارية، وتأجيل مطالبهم بشأنها بدعوى أن القطاع “غير مهيكل”، مستغربا التناقض الذي يقع فيه المسؤولون بالعمل على تشديد الإجراءات الجبائية في حق قطاع غير مهيكل. واستغرب المتحدث أيضا إقدام الحكومة على مطالبة تجار الجملة بالتعامل بنظام البيانات الحسابية المرقمة والمتسلسلة (الفاتورة أو الشيك) في كل مبلغ يفوق 5000 درهما، في حين أن المتعارف عليه في القطاع هو الأداء نقدا، كما يمنع القانون استخدام الشيكات كضمانة للأداء، وفي نفس الوقت لا يضمن البائع تحصيل المبالغ المحددة في الشيكات عند صرفها. وبالتالي فإن التاجر يبقى هو الخاسر في جميع الحالات، يؤكد المتحدث. وإضافة إلى مشكل التغطية الصحية، أشار أوشوط إلى المشاكل التي تعيشها المحلات التجارية للتجار والحرفيين الصغار جراء انتشار محلات المساحات الكبرى، معتبرا أن سوء التدبير دفع المسؤولين إلى الترخيص لهذه المحلات داخل المدن في حين أنه يفترض أن تقام في الضواحي كما هو معمول به في دول أخرى مجاورة، الأمر الذي يزيد من حدة صعوبات كثيرة تدفع بهذا القطاع الاجتماعي المهم إلى الإفلاس. وأكد أوشوط، بناء على كل ذلك، أن النقابة الوطنية ماضية في قرار الإضراب سواء على مستوى مدينة الرباط يوم الخميس المقبل، أو على مستوى المشاركة في الإضرابات التي قررت النقابات والجمعيات المهنية تنفيذها خلال أيام الأسبوع الجاري بعدد من المناطق والمدن. يذكر أن الحكومة كانت قد أعلنت على إثر الاجتماع الحكومي الأسبوعي، يوم الخميس الماضي، عن إيقاف الإجراءات الضريبية التي تضمنها قانون المالية 2019، وذلك تجاوبا مع المخاوف التي عبر عنها المهنيون والتجار. كما أعلنت المديرية العامة للضرائب، في بلاغ حول الموضوع، عن تأجيل دخول الأحكام الجديدة للنظام الضريبي المتعلق بالفوترة حيز التنفيذ إلى حين صدور نص تنظيمي، مشيرة أن هذا الأخير سيتم إعداده حسب أنشطة كل قطاع.