دعا متدخلون في ندوة دولية حول “هشاشة التربة بالبحر الأبيض المتوسط بفعل التآكل المائي: الحالة وتدابير التكيف في مواجهة التغيرات المناخية”، عقدت مؤخرا بالرباط، إلى تعزيز التعاون والتضامن متعدد الأطراف لتنزيل تدابير التكيف التي تفرضها مواجهة تأثيرات التغيير المناخية. ونظمت هذه الندوة من طرف معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، والمدرسة الوطنية للزراعة بمكناس، والمعهد الوطني للبحوث الزراعية والمدرسة الوطنية للغابوية للمهندسين، تحت إشراف وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات. وأكد الكاتب العام لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، في كلمة الافتتاح، أن الموارد الطبيعية والزراعة والأمن الغذائي والمناطق القروية هي “مجالات تتطلب فيها الاحتياجات التنموية تعزيز الحوار والتضامن المتعدد الأطراف”. وقال إنه من الضروري، في هذا الصدد، الأخذ بالأمثلة الإيجابية والنجاحات كنموذج، باعتبار أن الثروة الجماعية تتشكل من تبادل الممارسات والخبرات الجيدة، وتقاسم مصادر تمويل وهندسة المشاريع”. كما ثمن صديقي اختيار موضوع هذه الندوة، التي تفتح النقاش حول تدبير مستدام للموارد الطبيعية: المياه والتربة والغطاء النباتي، وذلك خدمة للتنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة: الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في سياق التغير المناخي. وأشار إلى أن هذه التغيرات تشكل بالفعل واحدة من الاهتمامات الكبرى لعالم اليوم، وخاصة بفعل آثارها السلبية المباشرة وغير المباشرة على الإنتاج الفلاحي، وبالتالي على الأمن الغذائي. وفي هذا الصدد، يضيف الكاتب العام لوزارة الفلاحة، فإن المغرب ، الذي جعل استدامة الزراعة والأنظمة الغذائية ضرورة آنية، والذي يبقى على وعي بالرهانات المتعلقة بقضية الغذاء، بصدد تملك الوسائل الكفيلة بتطوير فلاحته وأراضيه من خلال استراتيجية صلبة، موضحا أن هذه الاستراتيجية تنبني على المدى الطويل وتتطلع إلى فلاحة مستدامة ومبتكرة بغية جعلها تنافسية ومندمجة اجتماعيا. من جانبه، أكد علي حمامي، مدير معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، أن التطور الإيكولوجي يفتح في كل يوم العديد من مجالات البحث والتكوين، مما يتطلب التكيف وتعزيز التعاون مع الشركاء الأوروبيين، ودول البحر المتوسط وبقية العالم. وسلط حمامي الضوء على أهداف هذه الندوة، المتمثلة في الوقوف على الأبحاث التي أجريت حول مدى تأثر التربة في محيط البحر الأبيض المتوسط ومناقشة السبل الرئيسية للتكيف مع ممارسات التنمية المستدامة. وقال إن هذه الندوة تمكن أيضا الباحثين في الاتحاد (الكونسورتيوم) من تنويع مهاراتهم والانفتاح أكثر على العالم، مشيرا إلى أن الموضوع الذي تم اختياره يدخل في إطار أولويات البلاد، خاصة بعد التزامات المؤتمر ال22 للأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية (كوب22)، ولاسيما تلك المتعلقة بوزارة الفلاحة من خلال تنفيذ استراتيجية مخطط المغرب الأخضر. من جهته، ركز رينو فيتشز، ممثل معهد الأبحاث من أجل التنمية، على فهم الترابط المعقد بين التغيرات المناخية على نطاق واسع وتغييراته المحلية، وهو ما يمثل تحديا كبيرا لدى الباحثين في العلوم البيئية ، وعلى الأخص في أوساط الباحثين في علوم التربة. من جهة أخرى، أكد البروفيسور محمد الشيخاوي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه التظاهرة تتطلع لأن تشكل منصة للتبادل بين الأكاديميين والباحثين والإداريين من أجل تطوير إجراءات تمكن من توقع تأثير التغيرات المناخية على تدهور التربة، بالنظر إلى كونها موردا غير متجدد، وبالتالي ضرورة التحضير للمستقبل وضمان بيئة صحية للأجيال القادمة. وبخصوص وضعية المغرب، أشار الشيخاوي إلى أنه منذ المؤتمر ال22 للأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية (كوب22)، هناك رغبة لدى صانعي القرار للتحضير لمواجهة آفة التغيرات المناخية، وكذا وضع تدابير للسيطرة على هذه الظاهرة.