المتظاهرون يتحدون حظر التجول رغم تعيين نائب رئيس ورئيس وزراء جديد تصاعدت أول أمس السبت انتفاضة المصريين لإسقاط الرئيس حسني مبارك الذي دعاه ابرز معارضيه محمد البرادعي إلى الرحيل فيما بدت الأوضاع الأمنية خارجة عن السيطرة رغم نزول الجيش المصري إلى الشوارع. وارتفع عدد ضحايا الاشتباكات التي وقعت أثناء التظاهرات إلى مئة وقتيلين منذ الثلاثاء وأكثر من ألفي جريح, وفق حصيلة لوكالة فرانس برس استنادا إلى مصادر أمنية وطبية. وبحسب هذه المصادر, فان 62 شخصا قتلوا الجمعة من بينهم 35 في القاهرة بينما قتل 33 السبت من بينهم 22 في بني سويف وثلاثة في القاهرة وثلاثة في رفح و5 في الإسماعيلية. وقتل 17 شخصا مساء السبت في اشتباكات جرت بين الشرطة ومتظاهرين في بلدة ببا في محافظة بني سويف (140 كلم جنوبالقاهرة) كما قتل خمسة آخرون في صدامات مع قوات الأمن ببلدة ناصر في المحافظة نفسها, وفق مصادر أمنية. وكان 7 أشخاص قتلوا خلال الأيام الثلاثة الأولى للتظاهرات. وفي تطور لافت, أعلن رسميا عن تعيين رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان نائبا لرئيس الجمهورية وذلك بعد ساعات من تقديم الحكومة المصرية استقالتها كما طلب منها مبارك في خطاب وجه للشعب مساء الجمعة بينما عاد رئيس أركان الجيش الفريق سامي عنان إلى القاهرة مختصرا زيارة كان يقوم بها إلى الولاياتالمتحدة. كما أعلن تعيين الفريق احمد شفيق, الذي كان حتى السبت وزيرا للطيران, رئيسا للوزراء وهو رجل معروف بالفاعلية والقدرة على الانجاز ومن المقربين إلى الرئيس مبارك. وقال البرادعي بعيد إعلان هذه التعيينات إن «تغيير الأشخاص» غير كاف ووجه حديثه إلى الرئيس المصري في تصريحات على قناة الجزيرة «أقول للرئيس مبارك ونظامه ارحلوا اليوم قبل الغد هذا أفضل لمصر و أفضل لكم». وأيده العالم المصري أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء الذي قال في تصريحات للجزيرة «لا يمكن حل الأزمة في مصر بتغيير الأشخاص دون تغيير النظام». وكان بضعة آلاف من المتظاهرين لا يزالون معتصمين في ميدان التحرير بوسط القاهرة بعد منتصف الليل بنصف ساعة بالتوقيت المحلي (00,22 ت غ) رغم تحذير القوات المسلحة من انه سيتم اتخاذ إجراءات قانونية ضد من يخترق حظر التجول الذي تقرر تمديده ليبدأ في الرابعة عصرا بالتوقيت المحلي (00,14 ت غ). وكان الشباب يفترشون الأرض أمام دبابات الجيش المتمركزة في الميدان. أما في مختلف أحياء القاهرة فقام السكان بتشكيل لجان شعبية لحماية بناياتهم بعد انتشار أنباء عن عمليات نهب واسعة النطاق. وأقام السكان حواجز عند مداخل الشوارع حيث يقومون بالتحقق من شخصيات المارة وتفتيش السيارات أحيانا. وظل عشرات الآلاف يهتفون ملء حناجرهم بعد ظهر السبت في ميدان التحرير «الشعب يريد إسقاط الرئيس», غير أن خارجين على القانون يؤكد المتظاهرون أنهم افلتوا من أقسام الشرطة والسجون عن قصد, يقومون بأعمال نهب وسلب وكان دوي طلقات الرصاص الذي يطلقه هؤلاء مسموعا في مناطق عدة في القاهرة. وشاهد صحافي من وكالة فرانس برس دبابات تسير في شارع قصر النيل بوسط المدينة والمتظاهرون يحيونها بالتصفيق والهتاف. وحمل المتظاهرون في ميدان التحرير ضابطا برتبة نقيب يرتدي زيه العسكري على أكتافهم وهم يرددون شعارات تنادي بإسقاط الرئيس المصري. وضم الداعية الإسلامي البارز يوسف القرضاوي صوته إلى الأصوات المطالبة برحيل مبارك. وقال القرضاوي الذي يرأس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والذي يعد من ابرز الدعاة المسلمين السنة في العالم في اتصال مع قناة الجزيرة «انصح الرئيس المبارك... أن يرحل عن مصر ... ليس هناك حل لهذه المشكلة إلا أن يرحل مبارك». وأضاف متوجها إلى الرئيس المصري «ارحل يا مبارك, ارحم هذا الشعب, وارحل حتى لا يزداد خراب مصر». وتابع «لم يعد لك بقاء يا مبارك, أنصحك أن (تتعلم) من درس زين العابدين بن علي (الرئيس التونسي المخلوع). لا أريد أن تحاكمك الجماهير بل أن تحاكم بعد ذلك في محكمة مدنية». وشدد مخاطبا الرئيس المصري «أريدك أن تخرج ... حكمت ثلاثين سنة», مؤكدا أنه يتكلم باسم «علماء الدين في مصر والعالم». وقال متوجها إلى الشعب المصري «استمر في انتفاضتك» إلا أنه حذر من أن الاعتداء على مؤسسات الدولة حرام وشدد على ضرورة أن يكون التحرك بالسبل السلمية. ودعا الجيش المصري «شعب مصر العظيم» إلى عدم التجمع حتى يتسنى السيطرة على أعمال التخريب والالتزام بحظر التجول الذي تم تمديده ليصبح من الرابعة مساء إلى الثامنة صباحا بدلا من السادسة مساء إلى السابعة صباحا. وناشد الجيش في بيان تلي على التلفزيون الرسمي المواطنين حماية أنفسهم والتصدي للمخربين وحماية مصالح الأمة وحماية أنفسهم. وشكل المواطنون بالفعل لجانا شعبيا لحماية ممتلكاتهم وأسرهم بعد عمليات نهب جرت في العديد من المناطق. كما أعلن التلفزيون بعد الظهر أن أمين تنظيم الحزب الوطني الحاكم الذي يعد الرجل الثالث في النظام بعد مبارك ونجله استقال من موقعه في الحزب وقبلت استقالته موضحا أنها تأتي في إطار الإصلاحات التي وعد مبارك بها في خطابه. وبحسب المصدر نفسه فقد عقد مبارك «اجتماعات سياسية مهمة» السبت مع عدد من الشخصيات في مقر الرئاسة. وكان مبارك وعد في كلمته ليل الجمعة - السبت بالقيام بإصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية لم يحددها. وقتل ثلاثة من رجال الشرطة السبت في هجوم بالقنابل اليدوية شنه متظاهرون غاضبون على مبنى جهاز امن الدولة في رفح على الحدود بين مصر وقطاع غزة, بحسب شهود. كما أعلن التلفزيون المصري أن البورصة وجميع المصارف المصرية غلقت أمس الأحد وهو اليوم الذي يبدأ فيه العمل بعد العطلة الأسبوعية يومي الجمعة والسبت. وقال التلفزيون إن خسائر البورصة بلغت 12 مليار دولار يومي الأربعاء والخميس الماضيين قبل العطلة الأسبوعية. وكان البرادعي أكد في تصريحات سابقة بعد ظهر أول أمس السبت أن «الاحتجاجات ستستمر بزخم شديد حتى سقوط نظام مبارك». كما علق البرادعي على الموقف الأميركي من التظاهرات في مصر إذ اعتبر أن «الحكومة الأميركية ما زالت متمسكة بالرئيس مبارك ويجب أن يدركوا ان مصداقيتهم تتضاءل في الشارع المصري والعالم العربي». وفي مقابلة أخرى مع قناة الجزيرة, أكد البرادعي انه «يجب على الإدارة الأميركية أن توضح موقفها اما بالانحياز للشعب او النظام.» وأضاف «اعتقد ان الانتفاضة المصرية ستستمر, وكلما وصلنا الى حل توافقي يسمح لمبارك بالمغادرة بكرامة, نتجنب مخاطر الانزلاق إلى الفوضى في مصر». ودعت جماعة الإخوان المسلمين أول أمس السبت إلى تشكيل حكومة وطنية انتقالية في مصر والى نقل السلطة بشكل سلمي وذلك في بيان أصدرته أول أمس السبت في اليوم الخامس من الانتفاضة الشعبية على نظام الرئيس حسني مبارك. وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عن «قلقه البالغ» للأوضاع المضطربة التي تشهدها مصر حاليا داعيا «الجميع» إلى مراعاة المصلحة العليا للبلاد. وجاء في بيان أصدره مكتبه أن موسى يشعر ب»القلق البالغ لتطورات الأوضاع التي شهدتها الساحة المصرية وأسبابها وتداعياتها بالغة الخطورة». أما العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز فدان في اتصال مع مبارك «العبث بأمن واستقرار مصر» من قبل «مندسين باسم حرية التعبير», مشددا على وقوف المملكة إلى جانب حكومة وشعب مصر, بحسب ما أفادت وكالة الأنباء السعودية.