المغرب يحصي أطره بالأقاليم الجنوبية ويبدي استعدادا لمناقشة الأفكار المبتكرة في إطار سيادته الترابية المشروعة بدعوة من المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، كريستوفر روس، ينعقد، بداية من أمس الجمعة، وإلى غاية يوم غد الأحد، لقاء غير رسمي خامس في غرينتري على جزيرة لونغ آيلند، في مانهاست، بضواحي نيويورك، بحضور ممثلين عن المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو. وسيخصص اللقاء الخامس لاستكمال المحادثات بغية خلق مناخ أكثر ملاءمة لإحراز تقدم في مسار المفاوضات، من أجل التوصل إلى حل نهائي، طبقا لقرارات مجلس الأمن. ويجري الحديث، في أوساط فعاليات صحراوية متتبعة، عن دخول الأطراف المتفاوضة مسارا جديدا قوامه التفكير في مقاربات وأساليب مبتكرة وجديدة، أكد المغرب، عقب انتهاء الجولة الرابعة، استعداده المضي فيها للإقناع بعدالة قضيته ولإعطاء فرصة جديدة لتقدم المفاوضات. وكان وزير الخارجية المغربي الفاسي الفهري قد أشار، في جلسة برلمانية، عقب نهاية الجولة الرابعة من المفاوضات غير الرسمية، إلى بعض المواضيع التي قد يتم التطرق إليها خلال المباحثات التي انطلقت أمس الجمعة، منها موضوع الثروات الطبيعية وممثلي الساكنة الصحراوية وإمكانية استنجاد كريستوفر روس بآراء الدول المجاورة. في هذا السياق قال الفاسي الفهري، إنه في أفق الحل النهائي، وخدمة لمصالح المنطقة المغاربية ككل، «سيجري الحديث عن موضوع الثروات الطبيعية الحقيقية في المنطقة حتى يتبين الموضوع وتنكشف ألاعيب وأضاليل البوليساريو الذي يسعى لإيهام الرأي العام الدولي بأن المغرب يستغل تلك الثروات». كما سيتم التفكير في «الوسائل المتاحة في نطاق المفاوضات للاستماع إلى من يمثل الساكنة الصحراوية»، علاوة على البحث عمن «باستطاعته المساعدة في المفاوضات في إطار التوصل إلى حل يضمن احترام السيادة المغربية». وتزامنا مع الإعداد للجولة الخامسة من المفاوضات غير الرسمية، شرع المغرب في إحصاء أطره العاملة بالوظيفة العمومية بالأقاليم الجنوبية. وتشمل هذه العملية، حسب توضيح قدمه مولود الجف عضو المجلس البلدي والإقليمي لمدينة العيون لبيان اليوم، الموظفين المرتبين في السلالم العليا (السلم 10 فما فوق)، مشيرا إلى أن هذا الإحصاء يدخل في إطار الوقوف على الموارد البشرية الحقيقية، وفتح مجال للطاقات الشابة الحاصلة على الشهادات. واعتبر لحسن بنموسى، عضو الكوركاس، في حديث لبيان اليوم، توقيت هذا الإحصاء ملائما جدا، ليس فقط للتخلص من الموظفين الأشباح لفسح المجال أمام الشباب الصحراوي العاطل، بل أيضا للمضي قدما على درب الإعداد للجهوية وللحكم الذاتي الذي سيدافع عنه المغرب، خلال الجولة الحالية من المفاوضات غير الرسمية، كمقترح تطلب مجهودات لإبراز جديته، ولا يمكن الانزياح عنه إلى أي مقترح آخر لا يتيح مجالا للتقدم الفعلي نحو الطي النهائي للنزاع المفتعل. ويرى لحسن بنموسى أن المغرب مطالب، خلال هذه الجولة، بالتشديد على ضرورة الإشراك المباشر للجزائر في المفاوضات الرسمية القادمة على اعتبار أنها تقدم الدعم المادي والسياسي والديبلوماسي للبوليساريو، مع الحرص على فرض احترام شرعية سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية ووحدته الوطنية والترابية كخطوط حمراء لا يمكن تجاوزها بدعوى طرح ما يسمى الأفكار الجديدة المبتكرة. وهي أفكار نبه عبد المجيد بلغزال، الخبير في الشؤون الصحراوية، في تصريح لبيان اليوم، إلى عدم الانسياق وراءها بشكل كامل، على اعتبار أنها «شكل من أشكال الهروب من حقيقة المشكل المفتعل الذي وجد حله في المبادرة المغربية للحكم الذاتي ورحب المنتظم الدولي بها بشكل إيجابي، وتمثل اليوم فرصة حقيقية لمختلف شعوب المنطقة للاندماج الاقتصادي». ويرى عبد المجيد بلغزال أن ما بات يسمى «الأفكار الجديدة المبتكرة» لا يعدو أن يكون «أسلوبا للإبقاء على خيط المفاوضات، وعدم الدفع في اتجاه المواجهات المفتوحة». وقد سبق للهولندي بيتر فان فالسوم المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة كوفى عنان الدعوة، أيضا، إلى صيغ جديدة، في محاولة منه للوصول إلى منهجية مفاوضات تتم في إطار نقاش جوهري، أساسه سيظل وسيبقى بالنسبة للمغرب، يقول بلغزال، هو «مقترحه للحكم الذاتي الذي يجب الحرص على مناقشة مضامينه، دون السماح بالخروج عن إطاره». وتعتبر مباحثات الجولة الخامسة، لقاء مفاوضات غير رسمية «قابلة للأخذ والعطاء»، وقد تفتح آفاقا جديدة للقاء مارس القادم، حسب أحمد سالم لطافي عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية وعضو الكوركاس. وبالتالي فالحديث عن أفكار جديدة سيتم في إطار مباحثات فقط يمكن لمن يشاء أن يدلي بأفكار قد تتفاعل فيما بعد. ويرى أحمد سالم لطافي، في حديث للجريدة، أن بعض الأفكار المجددة والمبتكرة قد تعتبر فرصة لفتح آفاق لحل النزاع المفتعل على أساس السيادة المغربية، مشيرا إلى أن «المغرب كان محقا في طلب انخراط الجزائر في هذه المفاوضات لأنها تحتضن البوليساريو وتدعمه ماديا وديبلوماسيا. فيما تبقى أفكار أخرى، يضيف المتحدث، «مردود عليها» وعلى رأسها تلك المتعلقة بالثروات السمكية والفوسفاط التي «لا يمكن قياس العائدات المتواضعة للأولى بالاستثمارات الضخمة الموظفة، فيما يحافظ المغرب على منجم بوكراع مفتوحا لأهداف اجتماعية فقط».