في الوقت الذي يواجه فيه فلاحو واحة سكورة الفقراء وساكنتها ضنك العيش بسبب صغر الاستغلاليات الزراعية داخل الواحة وتشتتها وندرة مياه السقي وبدائية التجهيزات المستعملة طيلة أطوار الدورة الزراعية، ورغم المعاناة المضاعفة التي تعيشها الساكنة هناك بسبب قلة الموارد المتاحة وسلبية الإنتاج المعاشي، والتي يضطر معها المئات من شباب المنطقة سنويا للهجرة نحو المدن الكبرى كالبيضاء و اكادير ومراكش و غيرها أو يركبون مغامرة الرحيل القسري نحو حلم الديار الاوروبية للبحث عن لقمة العيش، في هذا الوقت بالذات، تبقى مئات الآلاف من الهكتارات من أراضي الجموع الصالحة للسكن والزراعة والاستثمار بكل أشكاله من دون استغلال وبدون طائل ولا فائدة، هاته الأراضي الشاسعة -إضافة لخصوبتها – تتميز بموقعها الاستراتيجي بين محطة نور للطاقة الشمسية من جهة الغرب وحقول الذهب الأحمر –ورود قلعة مكونة- من جهة الشرق ويحدها متحف الديناصورات (تازوضا) من جهة الشمال ومنجم النحاس بجهة الجنوب، وهي عناصر مادية ورمزية تضاعف القيمة الحقيقية لهذه الأراضي عشرات المرات إن أحسن استثمارها، وهي بذلك قادرة على أن تكون حلا مباشرا لكل مشاكل الساكنة وأن تشكل مدخلا لإصلاح زراعي حقيقي بالمنطقة يحقق الثروة، ويتيح فرص شغل للجميع . كما بإمكان فتح أفاق الاستثمار بهذه الأراضي بأن يشكل قيمة مضافة كبيرة للمنطقة وساكنتها، عبر استقطاب مشاريع كبرى للاستثمار بها، وهو ما سيمكن من امتصاص الجزء الأكبر من الشباب المعطل من الجنسين، وتنمية الموارد المالية للجماعتين السلالية (مداخيل الكراء) والترابية (مداخيل ضريبية) مرة واحدة، الشيء الذي سينعكس لا محالة على مشاريع البنيات التحتية ومحاربة الهشاشة بالدواوير المعنية، نفس الشيء بالنسبة للمشاريع الصغرى التي بإمكان الشباب المعطل الاستثمار الذاتي فيها و إنجاح مشاريع مدرة للدخل بها، خصوصا أن اغلب الشباب بالمنطقة يمتلكون – إلى جانب شهاداتهم الجامعية – مهارات بالفطرة بقطاع الزراعة وتربية المواشي و الاستثمار الفلاحي تؤهلهم لذلك . في ضوء كل ذلك يمكن لهذا الخزان الاستراتيجي الكبير من أراضي الجموع أن يحدث إقلاعا اقتصاديا نوعيا بالمنطقة إن توفرت الشروط الضرورية لذلك، وأول هذه الشروط هي إعادة النظر في تركيبة اللجان النيابية التي تناط بها مهمة الإشراف على هذه الأراضي و إصدار القرارات بشأنها واشتراط مستويات تعليمية وكفاءات عالية فيمن يفترض فيهم ترؤسها، وذلك قبل وضع أي مخطط تنموي لتثمينها وتحسين استغلالها .كما يفترض بالسلطات المحلية والإقليمية الوصية على هذا القطاع الهام بأن تبادر إلى تصحيح هذه الوضعية الشاذة، بهدف إدماج هذه الجماعات السلالية في مسلسل التنمية البشرية المستدامة والمساهمة إلى جانب الدولة في تحقيق بعض الحاجيات المستعجلة لهذه الساكنة في المجالات الأساسية كالماء الصالح للشرب وشق المسالك القروية والطرق وتوسيع شبكة الكهرباء والتعليم و الصحة، وإنعاش وتدعيم الأنشطة المدرة للدخل، وذلك من أجل تنمية مداخيل ذوي الحقوق، وضمان استفادة الساكنة السلالية من تلك المداخيل و تحسين ظروف عيشها . إن الوضع الحالي لأراضي الجموع بالمنطقة لا يخدم التنمية، وهو ما يتطلب تفعيل مخططات التثمين التي سبق للحوار الوطني حول الأراضي الجماعية (مارس 2014) أن نص عليها، عبر تسريع عمليات الاستثمار الاقتصادي بها ووضع مخطط مدروس لاستغلالها أحسن استغلال، بما يمكن من توفير الوعاء العقاري الكافي لتوسيع المرافق العمومية الحالية وخلق أخرى جديدة (منتزه عمومي – مدرسة جماعاتية –الوقاية المدنية– قضاء القرب –التكوين المهني …)، والاستجابة للحاجة الماسة في توسيع المجال العمراني و السكني بخلق تجزئات سكنية جديدة، ومساعدة الساكنة السلالية وفلاحيها على التنظيم بداخل تعاونيات فلاحية من أجل تحقيق حلمهم بخلق ضيعات فلاحية تضامنية وعصرية كبرى وتيسير استفادتها من امتيازات ودعم برنامج المغرب الأخضر .